منذ فترة وأنا اتابع التراشق الذي تشهده بعض الدول ومنها الولايات المتحدة والصين حول حقيقة مصدر فيروس كورونا ، فالأولى ادعت بأنه ربما يكون فيروسا مصنوعا مخبرياً والثانية دافعت بقوة بأنه فيروس مثل باقي الفيروسات الممرضة، وما بين الدولتين الأولى والثانية تاهت منظمة الصحة العالمية وخرجت للعالم بعدة تصريحات مباغتة بأنه ليس فيروسا مخبريا ، إذ قالت وزارة الخارجية الصينية في 16 أبريل 2020 إن منظمة الصحة العالمية أعلنت أنها لم تجد أي دليل على أن فيروس كورونا، الذي تسبب في إصابة ما يربو على اكثر من ثلاثة ملايين شخص في أنحاء العالم، أُنتج في أحد المعامل.
كما قالت منظمة الصحة العالمية، أن واشنطن لم تقدم أية أدلة تدعم “تكهنات” امريكا بأن مصدر فيروس كورونا المستجدّ هو مختبر في مدينة ووهان الصينية.
وصرح مدير الطوارئ لدى المنظمة، مايكل رايان، خلال مؤتمر صحفي عبر الإنترنت من مقرّها في جنيف: “لم نحصل على أية معلومات أو أدلة محددة من حكومة الولايات المتحدة على صلة بالمصدر المزعوم للفيروس، لذا لا يزال الأمر من وجهة نظرنا (مجرّد) تكهّنات”.
ورغم تأكيدات منظمة الصحة العالمية وسعيها في عدم اثارة هذا الجانب إلا انها واجهت انتقادات شديدة في ضعف طريقة إدارتها على احتواء أزمة كوفيد١٩ منذ البداية ، وشملت الانتقادات رئيس المنظمة الإثيوبي تيدروس أدهانوم غيبريسوس ، إذ قال منتقدو غيبريسوس إنه يتحمل جزءا من مسؤولية انتشار الفيروس، إذ رفض يوم 23 يناير إعلان حالة الطوارئ العالمية، مما جعل عدد الوفيات والإصابات يتضاعف خمس مرات في ظرف خمسة أيام ، ولم تعلن الصحة العالمية حالة الطوارئ الصحية العامة إلا يوم 30 يناير، كما لم تصف انتشار الفيروس بالجائحة إلا يوم 11 مارس.
والآن وقد قطع العالم شوطاً كبيراً في مواجهة كورونا المستجد أرى إنه حان الوقت للعالم إن ينظر في كيفية الإنعاش الاقتصادي ومواجهة كل تداعيات الفيروس ، فليس الوقت الآن هو أن تبحث دول العالم عن الحقيقة الغائبة عن مصدر الفيروس ، ولتترك هذه المهمة لمنظمة الصحة العالمية باعتبارها المسؤول الأول في القضايا الصحية ، وتتفرغ لإعادة التوازن وتقوية خدماتها الصحية لإنقاذ المصابين وحماية افراد مجتمعاتها ، وتكريس النظرة التفاؤلية للأفراد فما فعله هذا الفيروس في مجتمعات العالم يعد اكبر كارثة يشهدها التاريخ.
وعلى أفراد مجتمعنا السعودي إن يعمل بكل انتماء صادق وتكافل وتلاحم في خدمة وطنه الغالي ، فقد سخرت حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله- كل الجهود منذ انتشار الوباء في خدمة المواطنين والمقيمين ولمواجهة هذه الجائحة التي عصفت بجميع دول العالم وتركت خلفها الكثير من الكوارث.
واخيراً ..مهما استمر التراشق بين الدول في معرفة مصدر الفيروس وتبادل الاتهامات فإن الحقيقة تظل غائبة في أسواق ووهان الصينية ، وسلامة صحتكم.