الإقتصاد

الشفافية وهيكلة الأولويات سبيلنا لتجاوز أزمة كورونا

جدة- ياسر بن يوسف

أكد خبراء وأقتصاديون أهمية الإجراءات التي اتخذتها المملكة في مواجهة آثار جائحة كورونا، التي ضربت دول العالم، وتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة في شتى بقاع المعمورة، وانخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوياته، مما تسبب في زيادة التحديات بالنسبة لعدد كبير من الدول.
وأجمع الاقتصاديون على أن الشفافية الكبيرة التي تتعامل بها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ستكون أكبر حافز للخروج أقوياء من الأزمة، مشيرين إلى الصراحة الكبيرة والرسائل المهمة لوزير المالية محمد الجدعان في حواره الأخير مع قناة “العربية”.

يقول الاقتصادي جمال الزامل: لا يختلف اثنان مع كلام وزير المالية بأن أزمة كورونا هي أكبر التحديات الاجتماعية والصحية والاقتصادية ليس فقط للمجتمع السعودي بل التحدي الأكبر للعالم كله”،مشيرا إلى أن المواجهة السعودية للجانحة تميزت من البداية بالشفافية والصراحة.
وتابع: “ينبغي أن تستمر بنفس الصورة حتى تخرج المملكة بإقتصاد أقوى وأكثر متانة في مرحلة ما بعد كورونا، لاسيما أنها تتميز بين دول المنطقة، بل ودول مجموعة العشرين،باقتصاد راسخ لا يمكن أن يهتز بسهولة في الأزمات، علاوة على أنها لديها السيولة الكافية في مصارفها وقطاعاتها الاقتصادية للانفاق على برامجها ومشاريعها”.

ولفت إلى ضرورة تشكيل لجنة اقتصادية موسعة من جميع الوزارات، تقوم على دراسة إعادة هيكلة المشاريع، بحيث تكون هناك أولويات واضحة تساهم في عدم تأثر القطاعات الحيوية المرتبطة بحياة الناس، مشيراً إلى أن الواقع بات يحتم الاهتمام بشكل أكبر بالقطاع الصحي ووضعه في صدارة الاهتمامات، حيث أثبتت التجربة أن توجيه النفقات نحو الرعاية الصحية يؤدي بشكل مباشر إلى تنمية المجتمع وزيادة معدلاته الانتاجية، ويساعد بدوره على تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

جاهزون للحزم
من جهته أكد الدكتور محمد أبو الجدائل أن القطاع الخاص مستعد أكثر من أو وقت مضى للتخلص من الهدر والنفقات غير الضرورية، والتركيز على البرامج والمشاريع الحيوية التي تؤثر بشكل مباشر في تنمية المجتمع، وقال: “تكاتف القطاعين العام والخاص لم يعد مطلب عادي، بل ضرورة تحتمها التحديات الجديدة، والقطاع الخاص السعودي برهن على وطنيته وقدرته على تحمل المسؤولية في وقت الأزمات، حيث انبرت مختلف الشركات والمجموعات الكبيرة في التبرع بمستشفيات وفنادق ومبالغ مالية لدعم القطاع الصحي، وتخفيف أثار الاجراءات الاحترازية على المتضررين من جانحة كورونا، وشاهدنا ملحمة حقيقية في الترابط الاجتماعي، يندر وجودها في أي مكان في العالم”.

ونوه بقدرة القطاع الخاص على تقديم المزيد، وتحمل مسؤوليته كاملة فيما تراه القيادة من أولويات في الفترة المقبلة، لاسيما أن قيمة حزم دعم الاقتصاد المقرة حتى الآن وفقا لوزير المالية، بلغت قيمتها 180 مليار ريال، وهي تشكل 8% من الناتج المحلي غير النفطي، وقال: “الخطوات التي تتخذها الحكومة باتخاذ إجراءات صارمة للحد من النفقات لابد أن تجد المساندة والدعم من مختلف فئات المجتمع، فقد برهنت أزمة كورونا على أن المجتمع السعودي حكومة وقطاعا خاصا على قلب رجل واحد، ونجح الجميع في الاختبار بتقدير رائع، مما يدفعنا لكثير من التفاؤل بأن القادم لن يكون مؤلماً بل أفضل بمشيئة الله، شريطة أن نستمر في العمل بهذه الروح، دون كلل أو تكاسل”.

الخيارات القادمة
ويشير الدكتور راشد بن زومة رجل الاعمال إلى أن النظر للخيارات القادمة هو الأهم في هذه المرحلة، ويقول: “لاشك أن تراجع أسعار النفط لمستويات تعتبر الأقل خلال العقدين الأخيرين، تعمق من حجم الأزمة، وتدفعنا على ضرورة وقف الهدر في جميع من القطاعات، والبدء في اتخاذ اجراءات صعبة مثلما أكد الجدعان، فقد رصدت المملكة أكبر ميزانية في المنطقة لتخفيف أثار أزمة فيروس كورونا المستجد، وضخت في الفترة الماضية أكثر من 200 مليار ريال من أجل تخفيف الاضرار على المواطن العادي، وحرصت على حماية المواطنين والمقيمين في المملكة، وتوفير المتطلبات المالية اللازمة لتنفيذ الإجراءات الوقائية والمباشرة للتعامل مع تبعات الوباء والعمل على الحد من انتشاره، وبرهنت على أن صحة وسلامة المجتمع تأتي في المرتبة الأولى لأولويات العمل الحكومي، وبالتالي فمن الضروري أن يكون المجتمع بأثره مستعد للمرحلة المقبلة التي تتطلب الصرامة والحزم”.

وأشار إلى أن شعار “كلنا مسؤولون” الذي رفعه القطاع الخاص وجميع أفراد الشعب السعودي يتطلب تحمل الظروف التي يمر بها الوطن، حيث بات تقليل الاعتماد على النفط خيارا استراتيجيا لا تراجع عنه بعد الهزات العنيفة التي شهدها سوق الطاقة، مؤكدا أن الشفافية الكبيرة التي تتعامل بها القيادة السياسية حافز كبير على التعافي من الأزمة، والخروج أقوى وأكثر متانة”، مؤكدا أن الشعب السعودي أظهر معدنه الأصيل في مواجهة هذه الأزمات، وكشفت عن الجوانب الإنسانية والأخلاقية السامية التي يتمتع بها، حيث استنفر الجميع لمساندة الدولة وهو جاهز للوقوف خلف الدولة والقيادة والرشيدة في كل المواقف، ودعم كل التوجهات التي تراها في الصالح العام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *