أكاد أجزم أن إدارة خدمات الضيافة، وخصوصا المطاعم بانواعها، هي ارض خصبة للابداع والابتكار، داخل المطعم او للطلبات الخارجية، هذا وحيث انتقل الان تناول الطعام ، من داخل المطعم نفسه الي المنازل، بعد ان كانت الطلبات المنزلية تكميلية للمائدة او لطلبات الوجبات السريعة والخفيفة كالهامبرجر وقطع الدجاج المقلية، واصبح الان امام المطاعم خيارات محدودة للعمل، إما الاقفال او تطوير الوجبات لارسالها الي المنازل.
وهذا بالتالي يتطلب إعداد الوسائل والحاويات الملائمة التي تحافظ علي الوجبات في درجات الحرارة المطلوبة وتمنع تسريب السوائل منها، وهذا يتطلب فكرا مبدعا من القائمين علي ادارة وتشغيل المطاعم كي يتعاملوا مع التحديات الجديدة، مثل تلقي الطلبات عبر النت او الهاتف لوجبة كاملة لفرد او عدة افراد، وطريقة تصميم واعداد الوجبة لنقلها خارج المطعم داخل علب محكمة، وطرق تسليم وارسال الطلبات من الموقع الي المنازل.
وانا اسطر هذا المقال، استرجعت ذاكرتي اياما خلت عندما كنت اعمل في قطاع التموين بالخطوط السعودية مع مجموعة من الزملاء المبدعين، وكانت نتيجة احد الاستبيانات ان عملاء السعودية يرغبون في وجبة سعودية، وكانت احد الاختيارات هي ـ الارز البخاري او الكبسة ـ بالرغم من ان هناك اختلافا جذريا بين الوجبتين في المكونات وطريقة الاعداد، فكان علي ادارة الانتاج برئاسة الزميل الاستاذ عصام السادات، اعداد هذه الوجبة بطريقة ترضي جميع الاذواق ونجح في ذلك باقتدار.
حيث ان إعداد الوجبات للطائرات يتطلب التعامل مع مراحلها المتعددة من الطبخ والتبريد والتجميد والاذابة واعادة التسخين، شريطة ان تحافظ الوجبة علي لونها وطعمها وملمسها ورائحتها ومكوناتها كما لو انها اعدت للتو لخدمة الركاب.
وهذا تماما ما تواجهه المطاعم هذه الايام من تحديات وخصوصا تلك المطاعم المصنفة بالخمس نجوم ومطاعم الفنادق التي تقدم الوجبات الفاخرة ولا نستثني مطاعم المقاهي والكافتريات وغيرها، حيث يقع عبء اعداد وجبة الإستيك المشوي وفق ذوق العميل، في طريقة ودرجة الشواء والبهارات، وان تصل اليه بنفس الجودة التي تقدم له داخل المطعم، وهذا ما يواجهه عادة الطباخون في التعامل مع المشويات والمقليات والخبز ووجبات الارز المختلفة .
واعود مرة اخرى، واركز على اهمية الابداع وابتكار طرق ووسائل في اعداد الوجبات كي تخدم خارج حدود المطعم، والا ليس هناك بدائل امام المطاعم الفاخرة الا الاقفال.
وامر اخر يحظى بالاهمية القصوي، وهو اعداد الموقع الالكتروني لطلبات العملاء وسهولة التعامل معه والوصول اليه وتحديد التفاصيل المطلوبة لاعداد الوجبة وفق ذوق العميل، على ان تصل الوجبة في الموعد المحدد لطلبه وفي درجة الحرارة المضبوطة لتقديم الوجبة.
هذا التحول الجديد في خدمات المطاعم الخارجية وانتقالها الي منازلنا يتطلب انشاء بنية تحتية متخصصة لانتاج الحاويات المناسبة لانواع الطعام المختلفة وعربات مجهزة لنقل الطعام بامان الي المنازل دون تعريض الوجبة لاي خلل في المحتوي والشكل والطعم، اضافة الى اعداد كوادر من العاملين المختصين بالتعامل مع نقل الطعام من مكان الي اخر وفق سلامة وصحة الغذاء.