بين الوقت والآخر كانت الأصوات تصدر من حولنا عن الأحق بقيادة العالم!، ولا يخفى أن المقصود بالقيادة ليس الترجمة الحرفية لها. فكل دول العالم مُستقلة في سيادتها وشخصيتها وقراراتها، لكن الكلام ها هنا: هو الشعور المعنوي الناتج عن طاقات ومقومات ومواقف تاريخية تتجدد عبر الأحداث، برباعية أبعادها: (الدينية الروحية، والتاريخية الجغرافية، والسياسية، والاقتصادية)، والتي يمكن للجميع أن يتعرف عبرها حقاً: من بيده قيادة العالم؟.
فالسعودية مواقفها خير وعطاء، أولويتها إنسان كرمهُ الله، فلا غرو أن يُكرمهُ مُلوك أطهر أرض، ومواقفهم تشهد لها كائنات الله في الأرض وسمائه، أفلا تشهد لها الإنسانية؟، فلطالما مدت يد الخير والعطاء لتقديم المساعدات والمساندة في أحلك طوارق الأيام.
لتُعطيهم المملكة دروساً وعبراً في داخل أرضها وخارج حدودها منذ عهد المؤسس وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين – يحفظهما الله-. لقد تخلت دول وزعماء ورجال أعمال عن شعوبها مع جائحة كورونا، ولم تُدر المملكة كسابق عهدها وجهها عن إنسانيتها التي جعلها الله محط أنظار وغبطة من الآخرين، وقد أحرجت زعماء وحكومات بكيفية التعاطي مع الجائحة، فسابق خادم الحرمين الشريفين أمره الكريم بتقديم العلاج للمصابين بفايروس كورونا لكل مواطن ومُقيم، حتى الوافدين المخالفين للأنظمة والإقامة دون محاسبة أمنية، بل وشملت أبناءها بالخارج والذين تفرَّقت بهم السبل وتعذَّر رجوعهم للوطن لتوقف رحلات الطيران، وإكرامهم حتى العودة لأرض الوطن سالمين.
لقد لامست حكومتنا حاجيات القطاع الخاص لتحفيز الحد من تباطؤ نموه، مُرشدة رجال أعمالنا للسير على خُطاها، حتى لبى البعض، لكن الوطن اليوم بحاجة لمن قلبه عامر بها، لا من يختبئ وراء جدرانه مُحتضناً أمواله. وبادرت المملكة بإعفاء الشركات والمؤسسات الخاصة من تحصيل رسوم العمالة والتأمين الطبي وتجديد إقامات العمال وغيرها من الرسوم المتعلِّقة باستمرارية عمل القطاع الخاص بمرونة وكفاءة، والسؤال: مَدّ الملك وولي العهد يد الخير للجميع، فهل يُساهم بقية رجال أعمالنا ويدفعون ولو نصف رواتب عمالتها من المُقيمين رحمة بعوائلهم وظروفهم؟،
ومن الواجب هنا أن أقترح الإعلان عمن ساهم منهم بوطنيتهم في يوم للمُجتمع مشهود، كما شهده المجتمع الدولي في سباق الخير، خادم الحرمين الشريفين في قمة G20 التي استضافتها المملكة افتراضياً، وضرورة تكاتف العالم لمواجهة الجائحة غير المسبوقة في تاريخ الألفية الثالثة، وكان من أول الداعمين لمنظمة الصحة العالمية منذ بدء تفشي الجائحة، بما يُقدّر بـ 10 ملايين دولار. إنسانية حققت بها سعوديتنا المركز الخامس عالمياً، والأول عربياً في مجال تقديم المساعدات الإنسانية، وذلك وفق منصة (FTS)، إذ بلغت المساعدات السعودية المقدمة 1.281 مليار دولار أمريكي، بما نسبته 5.5 % من إجمالي المساعدات الإنسانية المدفوعة دولياً.
لقد وثِّق التاريخ نجاح المملكة في قيادة العالم بين دروب الجائحة، ضاربة بقراراتها وقيادتها على الصعيد المحلي والدولي أروع المثل والقدوة، لجعلها الإنسان على سقف الأولويات في مواجهة الجائحة، وأضحى ذلك شأناً يعتز به كل مواطن من هذه الأرض المباركة وتتناقله الأجيال، جيلاً بعد جيل.