بدأت فكرة مصاصي الدماء في القرن 19 بسبب انتشار الأوبئة، وكان السبب مجهول في ذلك الوقت، وكان السل من الأوبئة التي انتشرت في أوائل القرن الـ 19 ، وقتما ظهر هذا المرض ليفتك بالكثير دون أن يفهموا له سببا أو علاجا.
في ذاك الوقت الذي لم يكن يعترف فيه الطب بجرثومية المرض من الأساس، وفتح الباب للأساطير الشعبية لتفسير هذا الوباء الغامض، في أواخر القرن الـ 18، استطاع وباء السل أن يحصد أرواح ما يقرب من 2% من سكان نيو إنجلاند.
و في ذلك الوقت لم يكن الطب متطورا في أمريكا و أوروبا ولم يكن هناك أى لقاحات، أو مضادات حيوية، لمحاربة المرض، ولذلك كان عزل مرضى السل في المصحات البدائية هو الحل الذي لجأوا إليه آنذاك، واستنزاف مرض السل لصحة المصابين جعلهم أشبه بالأشباح.
وكأن المرض يسحب طاقة الحياة منهم، فجأ المرضى إلى العلاجات الشعبية، بينما لجأ باقي أفراد المجتمع الذين يشاهدون المرضى يتحولون إلى أشباح تسير على قدمين إلى التفسيرات الأسطورية لهذا الوباء.
“كان شكل المريض يبث الرعب في قلبك، بجبينه المغطى بالعرق، والأعين التي غاصت في الجمجمة البارزة ، والأنفاس اللاهثة المخيفة” هكذا وصف أحد أطباء القرن الثامن عشر في نيو إنجلاند مرضى السل، وربما كان يخشى الناس من المرض، ولكنهم كانوا يخافون من المرضى أكثر من المرض نفسه.
في هذا الوقت كانت تلك الأعراض وشكل المريض تربة خصبة للخرافات والتفسيرات الغريبة، وقد أكد عالم الآثار نيكولاس بيلانتوني أن انتشار وباء السل كان بداية ظهور مصطلح مصاص الدماء، فالأسطورة التي سادت أن هؤلاء المرضى يكونون بهذا الضعف لأنهم لا يحصلون على دماء كافية من البشر.
والسبب في أن الأطباء لم يجدوا علاجا لهذا المرض لأن علاجه الوحيد هو أن يمتص المرضى دماء بشر آخرين حتى تعود الحياة إليهم، والتي امتصها هذا المرض من أجسادهم، وجعل بشرتهم بيضاء تماما خالية من الدم مثل الصورة التي تعودنا عليها لأي مصاص دماء في أفلام هوليوود.
كما خرجت بعض الأساطير عن المتوفي بوباء السل بأنه يخرج من قبره ليمتص دماء أسرته بغرض الحصول على طاقة الحياة منهم مرة أخرى، وتأتي من هنا فكرة رقود مصاص الدماء في الصباح داخل التابوت، وفي الليل يخرج للبحث عن غذائه الذي يمنحه الطاقة.
ولذلك جاء في أذهان سكان نيوإنجلاند نتيجة الذعر من هؤلاء الموتى، فكرة التمثيل بجثث هؤلاء الموتى بعد موتهم للتأكد من أنهم لن يعودوا مرة أخرى ليحصدوا المزيد من الأصحاء، وقد أطلق على هذا الطقس “طقس الاستخراج للعلاج”، وغالبا ما كان أفراد الأسرة الأحياء هم الذين يحفرون ويشوهون جثث موتاهم، وظلت هذه الممارسات في أوروبا لأكثر من قرن