اجتماعية مقالات الكتاب

صقل المواهب بالقراءة

قلة من أفراد المجتمع – أي مجتمع – قديماً وحديثاً من يملكون مكتبات خاصة كونوها في مقتبل أعمارهم، وغالبيتهم من هواة القراءة، ممن يرون أن هذه المكتبات وما تحويه من كنوز ثمينة، وسيلة داعمة من وسائل صقل وتنمية مواهبهم في التخصصات التي ألفوا قراءتها ومتابعة الجديد فيها وهي في نظرهم أشبه ما تكون بالجامعات التي تخرج فيها العديد من أرباب العلم والمعرفة والآداب والثقافة وما يندرج في شؤونها من تخصصات أخرى.

وتوطيداً لهواية القراءة التي لازمتني صغيراً وآنست وحشتي وملأت فراغي كبيراً، فقد كونت مكتبة خاصة وَغَذَيتها خلال مسيرة حياتي بالكتب الثمينة التي أراها وسيلة لصقل موهبتي وتنميتها، في شتى العلوم والآداب والمعارف والثقافة، رغم المعارضات التي واجهتني من الأسرة وعلى رأسها سيدتي الوالدة رحمها الله، بحجة أن شراء الكتب يقلل من ميزانية الأسرة ومصروفاتها الشهرية، وقد فاتها أنها – أي المكتبة – عوضتني عما فاتني من سني الدراسة والتحصيل العلمي، ووصلت من خلالها إلى المنزلة التي كنت أتوق إليها (شهرة وأدباً وثقافة وإعلاماً) وقدمت لأمتي ووطني في مجال الإصلاح ما كان واجباً على مثلي.

وفي جلسةٍ أدبيةٍ جمعت بيني وبين ثُلة من أرباب الأدب والكتابة والصحافة وشداة الأدب ذات مرة سألني أحد الحضور:
يُقال إن كثيراً ممن لديهم مكتبات خاصة هدفهم الشهرة قبل السماح بالقراءة أو الاستعارة للغير؟
قلت: معظم الذين زرتهم من زملائي ممن لديهم مكتبات خاصة كانوا عوناً لطلاب العلم على القراءة أو الاستعارة، وخاصة طلاب الدراسات العليا، وإن وُجد أحد ممن ذكرتهم فهم قلة لا تقاس عليهم البقية.

وَوُجِّه إليّ أيضاً سؤالا آخر:
في حالة وفاة من يملك مكتبة خاصة وليس في الورثة من يعشق القراءة فماذا يكون مصيرها؟ هل تباع أم تُهدى؟ أم تبقى للذكرى؟
قلت: هناك العديد من الأدباء والكتاب والعلماء والمثقفين قديماً وحديثاً، ممن يملكون مكتبات خاصة يشار لها بالأهمية والقيمة قاموا بإهدائها إلى الجامعات أو دور العلم، وهم أحياء، والبعض الآخر باعوها واستثمروا بأثمانها في وجوه الخير، وفئة ثالثة جعلتها وقفاً في أحد الجوامع من المساجد.

خاتمة: القراءة في نظري من أفضل الهوايات الحياتية ووسيلة داعمة لصقل المواهب وتنميتها، وهي الأنيس في الوحدة، والمؤنس في الوحشة، والشاغلة للفراغ، والمكتبة هي الكنز الذي لا يفنى، والمنطلق نحو النبوغ والعبقرية والارتقاء فكراً وعقلاً وحياة، وهي منهل لا ينضب معينه، لا يستغني عنها الباحث والدارس على حدٍ سواء.
وقديماً قال الشاعر:
أَعَزُّ مَكَانٍ في الدُّنَى سَرْجُ سَابِحٍ
وَخَيْرُ جَلِيْسٍ في الزَّمانِ كِتابُ
والله الموفق،،،،
Ali.kodran7007@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *