كثَّفت وسائل التواصل الاجتماعي، نشاطها غير المسبوق هذه الأيام، على خلفية فيروس كورونا، الذي اجتاح دول العلم، فعلى مدار الساعة انشغل البسطاء، وبقية الشرائح الاجتماعية، في صورة لم نعهدها من قبل، فهذه الرسائل والتغريدات، التي تجاوزت الأرقام الفلكية، حد المعقول بعد أن زلزلت الأرض من تحت الأقدام، وذهب الكثير منهم يتابع نشرات الأخبار، والمؤتمرات الصحفية لرؤساء الدول، ووزراء الصحة والمتحدثين الرسميين لبقية الوزارات المعنية، في متابعة أحدث المستجدات، حول هذا الفيروس الذي أصاب العالم بالخوف والهلع معاً، وزاد من مخاوفه ارتفاع الأسعار، من قبل الدول المُصَدِّرة، وحاجة الدول المستوردة، للأجهزة الطبية الحديثة، لمواجهة هذه الأزمة العالمية.
وعن الخوف يقول نجيب محفوظ:”إنّ الداء الحقيقي هو الخوف من الحياة لا الموت”. ويقول نيسلون مانديلا: “الشجاعة ليست غيابَ الخوف، ولكن القدرة على التغلب عليه”. ويضيف جبران خليل جبران: “وهل الخوف من الحاجة إلاّ الحاجة بعينها ؟ وهذه مقولة للدكتور مصطفى محمود: “الخوف من الله شجاعة وعبادته حرية والذل له كرامة ومعرفته يقين.” وتتعدد أسباب الخوف وفق الشعور الداخلي الذي ينتاب الإنسان، وفق استعداده الشخصي، فهناك الخوف على المستقبل والخوف من المرض والموت والوباء، كتب الله السلامة للجميع، ولعلماء التربية والنفس والاجتماع، تفسيرات لتلك السلوكيات وردود أفعالها، ومن المؤكد أن المختصين لديهم القدرة على اكتشافها، ومعرفة أسبابها وسرد الوصفات العلاجية لهذه الحالات.
فهذه الظروف الصحية الاستثنائية، علينا الابتعاد عن الشائعات المُغرضة، التي أقضت مضاجع الناس، وجعلتهم يتناولون الأخبار، بشكل أقرب لذاتية ومزاجية الاختزال، وفق معايير الثقافة وتبايناتها المختلفة، مما زاد حالات الخوف بين أفراد المجتمع، لتأتي قرارات المملكة الصائبة، التي جاءت برداً وسلاماً، بإيقاف العمل بالمجمعات التجارية، والمطاعم والأنشطة داخل المُولات، ومطاعم الوجبات السريعة، والمقاهي والكوفي شوب، والكافتيريات والشقق المفروشة وصوالين الحلاقة، والمواقع التي شكلت عوامل مباشرة لانتقال العدوى، وإن كانت تخضع للرقابة الصارمة على مدار الأيام، بينما المزعج تداول وسائل التواصل الاجتماعي، النّقص في المُعَقِّمَات والكمَّامَات، لسطوة الشركات الكُبرى، على المتاجر الطبية المعروفة، ونقاط التوزيع في الصيدليات الدوائية.
حتى أن بعض أصحاب النفوس الضعيفة من الأفراد والمؤسسات الخاصة، شرعت في شرائها بكميات كبيرة وتصديرها للخارج، في ظل الأزمة الحالية، بهدف الكسب والاتجار، لنتساءل عن ولاء هؤلاء المنتفعين، وعدم احترامهم لأنظمة وقوانين المملكة، التي سهَّلت السُّبل للكسب الحلال، في ظل التشريعات الحكومية الواضحة، مطالبا بالتحقيق الفوري، مع المخالفين ومن ثبتت إدانته، بأثر رجعي وسحب سجله، وترخيصه التجاري، وتطبيق العقوبة بحقه، ومنعه من مزاولة نشاطه التجاري، لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، لتعمُّده سرقة خصوصية وأحلام البسطاء.
ترنيمة:
من قصيدة لابن الرومي بعنوان (دع اللَّومَ إن اللَّومَ عونُ النوائبِ).
أخَافُ علىَ نفْسِي وأرجُو مَفازَها … وأستارُ غَيْبُ اللَّهِ دُونَ العَواقبِ