جدة- محمود العوضي
تقطعت السبل بفريق ووهان إف سي الصيني، الذي وصل إلى إسبانيا في نهاية يناير الماضي، لإقامة معسكر تدريبي، ولم يكن يدور في خلد اللاعبين، أنهم لن يتمكنوا من العودة مجددا إلى بلادهم، بعد تفشي فيروس كورونا بشكل غير متوقع وانتشار حالة من الارتياب والخوف.
وكان اللاعبون موجودين في مدينة غوانغ زو الصينية التي تبعد نحو 900 كيلومتر شمالي ووهان، التي انطلق منها وباء كورونا، ورغم ذلك فإنهم عند وصولهم إلى مطار مدينة مالاغا الإسبانية، وجدوا الأطباء في انتظارهم، وتم إخضاعهم لفحوص طبية دقيقة حتى تطمئن وزارة الصحة الإسبانية أنهم لا يحملون الفيروس، وبعد ذلك تم إصدار إعلان للرأي العام الإسباني لتبديد جميع المخاوف بشأن الوفد الصيني.
وفي هذه الأوقات العصيبة التي يعيشها العالم حاليا، فإن معلومة مثل هذه قد تبدو بسيطة وصغيرة، ورياضة كرة القدم قد تبدو غير ذات أهمية، إذ إن مدينة ووهان -التي تبلغ مساحتها خمسة أضعاف لندن- أصبحت مدينة أشباح، حيث تم وقف النقل العام وإغلاق الطرقات والجسور ووضع حراس وتجهيزات مراقبة عند كل الأبواب والمداخل، وصدرت أوامر لسكان المدينة البالغ عددهم 11 مليونا بالبقاء في منازلهم، وتجنب أي احتكاك مع الجيران والأصدقاء.
معاناة
عانى لاعبو بعثة الفريق الصيني أثناء وجودهم في إسبانيا بسبب شح المعلومات، حيث إنهم كانوا قلقين جدا على عائلاتهم، خاصة أن بعضهم لديهم أبناء صغار عالقون داخل المدينة، وأحدهم توفيت جدته بسبب الفيروس.
يقول خوسيه غونزاليس المدرب الإسباني لفريق ووهان: “إن تلك الحادثة قربتنا أكثر من المشكلة، حيث إن وفاة جدة اللاعب كانت لحظة مؤلمة لجميع أعضاء الوفد، ولكن مثل كل الأزمات في الحياة، يجب علينا أن نتجاوز هذه المأساة، خاصة أننا لا نستطيع العودة إلى ووهان”. ونقلت صحيفة إندبندنت البريطانية عن غونزاليس قوله: إن “اللاعبين مضطرون للبقاء بعيدا عن ديارهم لأكثر من شهرين، ولم يتمكنوا من الاحتفال بأعياد رأس السنة الصينية مع عائلاتهم، ويكتفون بالتحدث معهم عبر الهاتف يوميا، ويتألمون لرؤيتهم عالقين في منازلهم ولا يستطيعون العيش بشكل طبيعي”.
وتلقى أعضاء الفريق الصيني دعوة لحضور مباراة الكلاسيكو بين فريقي الريال مدريد وبرشلونة قبل نحو أسبوعين، وظهروا أمام عدسات الكاميرا وحاولوا أن يبتسموا ويتحلوا بالشجاعة، وعبروا عن أملهم في أن تخرج ووهان من هذه الأزمة كمدينة بطولية تنتصر على هذا الفيروس الذي أصاب أكثر من 100 ألف في الصين إلى حد الآن.
ويشارك لاعبو الفريق الصيني في التدريبات بكل جدية من أجل إلهاء أنفسهم والخروج من الأجواء الحزينة، ولذلك فإنهم أصروا على المحافظة على برنامج التدريبات الأصلي. يقول قائد الفريق ياو هانلين: “نحتاج لأن نستمتع بكرة القدم، وبصراحة أنا أحاول التحدث بشأن موضوع الفيروس بأقل قدر ممكن، لأن الجميع يتحدثون عنه طوال الوقت في غرفهم ومع عائلاتهم، ولذلك فإنني أحرص على جعل وقت التدريب ممتعا لخلق الابتسامة على وجوههم”.
وأضاف: “أنا أتعلم الكثير كل يوم من زملائي اللاعبين بشأن كيفية تصرفهم والطريقة التي يتعاملون بها مع هذه الأزمة، وهذا الأمر يجعلك تفكر في حدود القدرات البشرية ومدى الاستعداد للتصرف باحترافية”. وإلى الآن يجهل أعضاء بعثة الفريق الصيني موعد عودتهم إلى ديارهم، إلا أن بعض التقديرات تشير إلى أنهم قد يتمكنون من ذلك بحلول منتصف أبريل المقبل.
وتوجد كل فرق الدوري الصيني الممتاز الآن داخل البلاد باستثناء فريق ووهان الذي يشعر كثيرون في أوروبا بتعاطف كبير تجاهه، إلا أن أعضاء البعثة عانوا في بعض المناسبات من مشاعر العنصرية وكراهية الأجانب، إذ إن فريق إف كي كراسنودار الروسي وفريق يوروبا بوينت من جبل طارق انسحبا من المباريات الودية التي كانت مبرمجة ضد فريق ووهان.