المحليات

السوشيال ميديا .. بريق المشاهير يخفي عيوب المنتجات

جدة ــ ياسر بن يوسف

دعا مختصون إلى ضرورة وضع ضوابط تحد من ظاهرة ترويج الإعلانات التجارية الوهمية من قبل مشاهير وشخصيات معروفة لها حضورها في المجتمع.

وقالوا لــ “البلاد”: إن وضع هذه الضوابط يضمن حقوق جميع الأطراف ويقطع دابر الغش التجاري، لأنه من الممكن أن تكون هذه الشخصية لا تعلم بحقيقة الإعلان التجاري الوهمي أو وجود تخفيضات، ويتم الاتفاق بين المعلن والشخصية على تصوير وإعداد الإعلان اذ ان الشخصية مسبوقة بحسن النية بينما المعلن هدفه تضليل المتسوقين الذين قد يشاهدون الإعلان وينجذبون نحوه، انطلاقا من أن الشخصية التي ظهرت صورتها في الإعلان معروفة ومشهورة ولها ثقلها في المجتمع وبالتالي فإن الثقة تكون كبيرة عند المتسوقين،

كما أن وضع هذه الضوابط يضع المعلن التجاري تحت طائلة التساؤلات إذا حدث أي تلاعب خفي في الترويج الوهمي ، وهذا بالطبع يتم بتفعيل الرقابة على حقيقة التخفيضات التي تضعها هذه المحلات بوضع صور إعلانات المشاهير. وأكد المختصون على ضرورة دور المشاهير في التأكد من حقيقة الإعلان وعدم وجود انعكاسات وهمية للإعلان قبل توقيع الاتفاقية، لانه في حقيقة الأمر إن الضحية هو المتسوق وليس المعلن أو الشخصية المشهورة ، لذا فان الواجب على المشاهير عدم فقدان ثقة المجتمع التي وضعوها فيهم، فهم يعتزون ويفتخرون بتلك الشخصية التي حظيت بالإعجاب.


وفي هذا السياق يقول الباحث والأخصائي الاجتماعي طلال الناشري: اتفق تماما على ضرورة وضع ضوابط تحد من ظاهرة ترويج الإعلانات التجارية الوهمية من قبل المشاهير الذين بدورهم قد يقعون في فخ المعلنين، لأن المشاهير يهمهم أن الحصول على حقوقهم المادية، والمعلن يهمه بيع بضاعته أو نشاطه التجاري حتى لو كان ذلك على حساب هذه الإعلانات الوهمية، وبالتالي فإن الضحية هو المستهلك لأنه لم ينل ذلك التخفيض الذي روجت له الشخصية المشهورة والمؤثرة ، كما أن المنتج المروج له ربما يكون “مضروبا” ولا يحقق الهدف سواء كان سلعة غذائية أو منتجا للتجميل.

وأضاف: ترويج المنتجات منتشرا في وسائل التواصل الاجتماعي من قبل المشاهير، وهنا يجب أن يكون المستهلك على وعي كبير قبل شراء أي منتج عبر النت، والتأكد مرارًا بأنه لا يوجد هناك أي تضليل في الإعلان المغلف بصورة الشخصية المؤثرة، لأنه في الأخير المستهلك هو ضحية القصة ، فالمعلن والشخصية ضمنا حقوقهما، أما الضحية فلم يجد من يحميه وسط هذه المعمعة، فإن وجد الفرد الضمانات بأن كل من المعلن والشخصية المؤثرة قد تم تسجيلهما رسميا قبل تصميم الإعلان من قبل الجهة المختصة وهي وزارة التجارة فاعتقد انه لن يحدث أي تلاعب أو نشاط وهمي خفي.

وخلص إلى القول انه يقع على الشخصية المشهورة في المجتمع دور كبير في تحري الدقة قبل الاتفاق في عمل أي اعلان مع أية جهة تجارية حتى لو كانت مشهورة ٥ نجوم ، لان الأمر مرتبط باسمه وتاريخه فلا يشوهه في ترويج اعلان وهمي وبالتالي يفقد ثقة المجتمع.


منصة عشوائية
وبين الصيدلي صبحي الحداد أن وسائل التواصل الاجتماعي وخصوصاً الواتساب، أصبحت منصة للمعالجة والتطبيب الشعبي وغير الشعبي، وباتت ساحة لمن هب ودب في توزيع الأوهام والخزعبلات والادعاءات الطبية والعلاجية، وصارت للأسف مكاناً لترويج الدجل والنصب، فذاك يروج لمستحضر ما، وآخر يسوّق لتركيبة ما، وثالث يوهم الناس بنجاعة علاج ما، ورابع يتحدث عن خلطة ما..وهكذا، وما يؤلم أن غالبية الناس يصدقون تلك الأوهام والتخاريف، والأشد ألما أنهم يتبادلون تلك الادعاءات ويتداولونها ويعيدون إرسالها بأشكال مختلفة ومتكررة بين الفينة والأخرى، حتى باتت تملأ الفضاء الإلكتروني.

وغالبية ما يجري تداوله لا يمكن للعقل تصديقه، ومن تلك الأمثلة ذاك الذي يطحن بعض أنواع من البذور مدعياً أنها علاج لداء السكري!، وتلك التي تقول إن عصير «الكرفس» هو أيضاً علاج للسكري، وأخرى تدعي علاج الحروق بالقماش المحروق والزيت.

وأضاف ما أثار استيائي الذي يزعم أنه طبيب شعبي، ويعلق المرضى من أرجلهم في السقف بسلاسل لعلاج آلام الظهر، وزميله الذي يضرب أجناب زبائنه بالمطرقة لإزالة أوجاعهم، وكأنه «سمكري» وهناك من يدوس عليهم بقدميه لعلاج آلامهم، غير الذي يفجر الدم من رأس زبائنه لعلاج صداعهم، وهناك من يسوق لمرهم صيني يعالج كل الأمراض بدءًا من البواسير وانتهاءً بالالتهابات الجلدية، والأمثلة كثيرة وغريبة، ولا يتسع المجال هنا لذكرها جميعاً، وأوردت لكم بعضا مما ورد في مقاطع فيديو تغص بها وسائل التواصل المختلفة.

للأسف وظف البعض تلك التقنية بطريقة سيئة وسلبية، منها الترويج للادعاءات الطبية، ويتكسب منها، ويردد عبارة «هي أعشاب إذا لم تنفع، فإنها لن تضر»، وأقول له، لا بل تضر وتقتل في بعض الأحيان، لأن هناك من الأعشاب والنباتات ما هو سام وقاتل.

والمفترض أن تجري الاستفادة من وسائل التواصل فيما يفيد الناس وينمي الوعي ويرفع من التثقيف، خصوصا أنها باتت الأكثر وصولا وانتشارا بين الناس والمجتمع، لا أن تتحول إلى منصات للوهم والخداع والدجل بحثا عن الثراء السريع، ويجب أن تتخذ الجهات المختصة الإجراءات المطلوبة حيال مدعي العلاج الشعبي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتوقفهم باعتبار ما يرتكبونه جرائم معلوماتية، بقي أن ننبه إلى ضرورة أخذ المعلومات من مصادرها الصحيحة، وعدم الانسياق أو تصديق كل مايقال عشوائياً، وعدم تجريب العلاجات الوهمية أو المخاطرة باستعمالها وعدم التعاطي مع الخلطات المجهولة التركيب والمصدر.


إستراتيجيات الشركات
وفي سياق متصل قال محمد الهلالي مع تنامي استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من مختلف الشرائح أصبح التسويق عبر هذه المواقع جزءاً أساسياً من استراتيجيات الشركات والتجار للتسويق لمنتجاتهم للجمهور العام، لينتج عن ذلك ظاهرة إعلانات مشاهير السوشيال ميديا، حيث تقوم هذه الشركات بالبحث عن الحسابات المشهورة في مواقع التواصل الاجتماعي للتعاقد معها من أجل الدعاية لمنتجاتها، لتصبح هذه الحسابات مستهدفة من مختلف مسوقي البضائع والمنتجات، وتبدأ ظاهرة إعلانات المشاهير، وهي ظاهرة لها إيجابياتها وسلبياتها، فلا شك في أن نجاح بعض هؤلاء المشاهير في مجال الدعاية والتسويق هو أمر إيجابي في حد ذاته، غير أنه مع الأسف الشديد لم يضع بعض المشاهير معايير صحيحة للاختيار والتسويق في المجتمعات، إما لضعف ثقافتهم في هذا المجال، وإما لجعل بعضهم الربح المادي ميزاناً له بغض النظر عن الأخلاقيات والأمانة وجودة المنتج، مستغلين ثقة الناس فيهم.


اعلانات وهمية
وأشار سلطان بن خالد إلى أن الإعلانات الوهمية سلاح ذو حدين، اما فيما يخص الإشاعات الوهمية عن طريق المواقع الإلكترونية فيعد مساسا بالأمن الوطني وتُشكّل الشائعات والأكاذيب الملفقة خطراً كبيراً يُهدد استقرار الدولة وأمن أجهزتها، فهي قادرة على خلق حالة من الفوضى والبلبلة في المجتمع، والتشكيك بمدى مصداقية وموثوقية الجهات المسؤولة في الدولة، ناهيك عن نشر الرعب والذعر في نفوس المواطنين،واخير نسال الله ان يحفظ علينا الصحة والعافية والأمن والأمان .واضاف انه يجب ان تكون هناك رقابة على مثل هؤلاء الاشخاص وغيرهم وعدم الانسياق ورائهم في كل شيء وبالذات في العلاجات الصحية والتأثير التي يمكن ان تقود اصحابها الى الهلاك.


ضوابط الاستخدام
قالت المحامية نجود عبدالله قاسم المحكمة والمدربة المعتمدة: وضعت المملكة العربية السعودية للمشاهير والمؤثرين ضوابط لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي في المملكة، تلزمهم بضرورة التمسك بالمعايير الأخلاقية والقيم الدينية والعادات الاجتماعية.

ان نظام التجارة الالكترونية لم يمنع المؤثرين من ممارسة الدور الفعال في المجتمع ومن ذلك ما رأيناه مؤخراً من ممارسة الإعلانات التجارية ولكن ألزمهم باستخراج رخصة لممارسة ذلك.
والإعلان الالكتروني هو كل دعاية بوسيلة الكترونية يقوم بها موفر الخدمة تهدف إلى تشجيع بيع منتج أو تقديم خدمة بأسلوب مباشر أو غير مباشر.

وعلى المؤثرين التزام الأمانة في الإعلان والطرح والاهتمام بالمصداقية والمنفعة العامة وكسب ثقة المتابعين لذلك حضر نظام التجارة الالكترونية في المادة الحادية عشرة تضمين الإعلان الالكتروني عرضاً أو بياناً أو ادعاء كاذبا أو مصوغاً بعبارات من شأنها أن تؤدي بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى خداع المستهلك أو تضليله، أو شعاراً أو علامة تجارية لا يملك موفر الخدمة حق استعمالها أو علامة مقلدة.

علماً بأن أحكام نظام التجارة الالكترونية تسري على التاجر والممارس كذلك عبر الوسائل الالكترونية والمتسوق الالكتروني كذلك.ويعاقب كل من يخالف أياً من أحكام النظام أو اللائحة وفق المادة الثامنة عشرة من ذات النظام بواحدة أو أكثر من العقوبات التالية : الإنذار أو غرامة لا تزيد على (1،000،000 ريال ) مليون ريال .أو إيقاف مزاولة التجارة الالكترونية مؤقتاً أو دائماً أو حجب المحل الالكتروني بالتنسيق مع الجهة المختصة جزئيا أو كليا مؤقتاً أو دائماً.

وتقدم الخدمات مشمولة بالإفصاح عن الخصائص الأساسية مع تقديم فاتورة بالتكاليف وموعد ومكان التقديم.
دعايات مضللة لسلع وخدمات رديئة من مظاهر سلبيات الدعاية المضللة لبعض مشاهير السوشيال ميديا الترويج لبضائع بشكل مبالغ فيه، وإخفاء العيوب والسلبيات، وتحسين صورة منتجات وخدمات رديئة، بحيث يظن المتابع أن هذه البضاعة والخدمات هي الأفضل جودة وميزة، ليتفاجأ بعد تجربتها بأنها ليست كذلك على الإطلاق، وكذلك خلط بعض المشاهير بين آرائهم الشخصية والإعلانات المدفوعة لهم، فقد يقوم بعض المشاهير بالترويج لمنتجات هم أنفسهم غير مقتنعين بها لتحقيق ربح مادي، فيتوهم متابعوهم أن هذا هو رأيهم الشخصي وتوصية منهم بهذه المنتجات، فيتأثروا بذلك نتيجة هذه الحيلة التسويقية.


وقد وقع كثيرون في شراك هذه الدعايات المضللة في مواقع التواصل الاجتماعي، فانساقوا وراء ذلك، وخسروا أموالهم وصحتهم، ولم يجنوا إلا المرارة والحسرة، وأصبحت تجاربهم صيحات تحذير تجاه هذه الظاهرة السلبية، وقد دفعوا غالياً ثمن ثقتهم بأناس لم يكونوا أهلاً لهذه الثقة.

وإن أكبر خاسر من وراء الإعلانات المضللة هم مشاهير السوشيال ميديا أنفسهم ممن لا يلتزمون بالأخلاقيات والقوانين، فيفقدون ثقة الناس بهم، ويخسرون متابعيهم، فإن الثقة والسمعة الطيبة من أهم مكونات رأس المال الاجتماعي، وتحصيل ذلك ليس أمراً سهلاً، وفي المقابل ما أسهل أن يفقد الإنسان رأس ماله الاجتماعي نتيجة اكتسابه سمعة سيئة وانعدام ثقة الناس به.

ومن واجب مشاهير السوشيال ميديا أن يتحلوا بروح المسؤولية، ويكونوا قدوة للآخرين صدقاً وأمانةً ورقياً في الأخلاق والسلوك، وأن يكونوا عند حسن ظن متابعيهم بهم، ملتزمين تجاههم بالقيم الإيجابية، وأن تكون معاييرهم راقية ودقيقة في مجال الدعاية والتسويق، فيتأكدون من الجهة التي يتعاملون معها، ومدى مصداقيتها وموثوقيتها، وسلامة منتجاتها وتوافقها مع المعايير والاشتراطات التي حددتها اللوائح والأنظمة، وأن يكون هدفهم ليس فقط ما يحققونه من ربح مادي، بل تقديم النافع الهادف للمجتمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *