اجتماعية مقالات الكتاب

أجراس كاذبة

تبدأ القصة من المنزل .. ذهبت الى احد اقربائي ورأيت العجب .. لديه ثلاثة اطفال .. احدهم ينادي ” الدادة ” ويطلب كأسا من الماء .. والاخر يقلع ملابسه ويتركها على الارض ويطلب منها تعليقها في الدولاب .. وثالث يأكل على السرير ويترك الصينية على حافته ويطلب من الدادة ان تنقل الصينية الى المطبخ!!

وانا مسافر من جدة الي بيروت على احدى شركات الطيران .. وقبل الاقلاع تدوي اجراس مقاعد الركاب تطلب من طاقم الكبينة الاستجابة لندائها .. ورأيت المضيفات يقطعن الطائرة ذهابا وايابا دون انقطاع .. احدهم يسأل متى نصل بيروت .. والآخر يريد كأس ماء

والثالث يطلب وسادة .. وغيره يطلب جريدة .. للاسف لا يعلم هؤلاء الركاب ان جميع طلباتهم ستلبي تلقائيا بعد الاقلاع .. الا ماهو ضروري ويتطلب اجراءً فوريا .. للاسف كل هذه .. ما هي الا اجراس ” فالصو ” كما يقولون او نداءات غير ضرورية او ملحة.

دعوني الآن اذهب بكم الى ما يجري في المستسفيات .. احدى الدراسات الامريكية تشير الى ان متوسط اجراس النداءات في المستشفيات يعادل 167 نداءً لكل سرير في اليوم .. وان 72% الى 99% من هذه النداءات كاذبة.

هذا ويمكننا تقسيم مصدر النداءات والتنبيهات الى المريض نفسه .. او مرافقيه والزوار .. او الاجهزة الطبية حيث ان المصدر الاول الناتج عن المرافقين والزوار يعيق فريق التمريض عن اداء واجبه تجاه المرضى والحالات الحرجة الطارئة .. ويتسبب هذا العائق في زيادة عدد الوفيات في المستشفيات نتيجة عدم الاستجابة الي تنبيهات الاجهزة الطبية التي تراقب الحالة الصحية للمرضي .. ويكفي ان نشير الى انه في امريكا وحدها هناك اكثر من 200 حالة وفاة نتيجة عدم استجابة طاقم التمريض الفوري لنداء المرضى .. ليس عن قصد بل بسبب انشغالهم في تلبية نداءات اخرى ليست من صميم عملهم.

اما فيما يختص بنداءات واجراس الاجهزة الطبية وتنبيهاتها فيجب على المستشفيات ان تركز على صيانتها ونظافتها ومعاييرها التي تصدر التنبيهات الدقيقة والصحيحة والضرورية .. وهذا بالقطع سيحسن الوضع كثيرا .. الى جانب دخول الذكاء الاصطناعي المتعلم في برمجيات ادارة وتشغيل هذه الاجهزة الطبية .. بحيث تقوم باداء وظائفها تلقائيا استجابة لحالة كل مريض بشكل آني وفوري دون تدخل طواقم التطبيب او حتى مراقبتها.

ياسادة .. بأيدينا ان نوقف الاجراس والنداءات الكاذبة في المنازل والطائرات والمطاعم والمستشفيات الخ .. فقط بقليل من الوعي والحكمة والتربية الذكية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *