المحليات

علاج السكري بـالخلايا الجذعية مجرد أوهام

جدة ــ ياسر بن يوسف

حذر عدد من الأطباء مرضى السكري من الوقوع ضحايا لمراكز خارجية تزعم علاج داء السكري بالخلايا الجذعية وبالتالي إنهاء معاناتهم مدى الحياة.

وقالوا لـ”البلاد”: تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر رسائل سماسرة الخلايا الجذعية لعلاج السكري من بعض الدول ، اذ يبذلون كل الجهود الإلكترونية لإيقاع المرضى ضحايا لمزاعمهم في إنهاء مشاكل السكري نهائيا مع حقن الإنسولين بالنسبة لمرضى السكري من النوع الأول والأدوية لمرضى النوع الثاني.

في البداية دعا أستاذ واستشاري الغدد الصماء وسكري الأطفال في كلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز البروفيسور عبدالمعين الآغا مرضى السكري بعدم الانسياق خلف ما ينشر عن نجاحات وهمية حققتها زراعات الخلايا الجذعية للمرضى، مشيرا إلى أنها تجارب علمية تحت الدراسة.

وأضاف: أؤكد لمرضى السكري أنه بالرغم من أن أبحاث الخلايا الجذعية تعطي آمالاً كبيرة إلا أنه لا يزال هناك الكثير من الجهد الذي يتوجب بذله قبل تحقيق هذه الآمال، فهناك تحديات تقنية لابد من التغلب عليها أولاً قبل البدء في تطبيق هذه الاكتشافات في العيادات الطبية.

وأشار إلى أن خبراء البحث الطبي يعتقدون أن الخلايا الجذعية قادرة على تغيير تاريخ الأمراض البشرية عن طريق استخدامها لإصلاح نسيج متخصص أو عن طريق دفعها للنمو بشكل عضو حيوي معين، وعلى الرغم من هذا فإن هذه الأبحاث تثير العديد من المخاوف الأخلاقية والإنسانية، ما اضطر العديد من الدول لوضع تشريعات تحدد هذه الأبحاث ، وجعل الإسلام من مقاصده الأساسية حفظ النفس والنسل، والفقه الإسلامي ذو منهجية ربانية في التعامل معهما،

وحيث إن الأجنة مصدر رئيس للخلايا الجذعية فإن الفقهاء تعرضوا لذلك قديماً وحديثاً ، وعليه فيما يخص النواحي الفقهية في هذا الموضوع إلى القرارات الصادرة عن المجمع الفقهي الإسلامي والتي أشارت إلى أن الجنين الآدمي له حرمة، وعلى هذا الأساس لا يجوز إجهاضه من أجل استخدام خلاياه واستثمارها تجارياً كأن تباع لإجراء التجارب عليها واستخدامها في زرع الأعضاء. كما إنه لا يجوز الانتفاع بالخلايا الجينية المستمدة من الأجنة المجهضة، لأسباب علاجية أو الأجنة الساقطة والتي لم تنفخ فيها الروح سواء في زراعة الأعضاء أو الأبحاث والتجارب المعملية وشروط الانتفاع ترتكز أساساً على ضرورة الموازنة الشرعية بين المفاسد والمصالح.

فضلا على انه ليس هناك ما يمنع شرعاً من نقل الخلايا الجينية في حالة الجنين الميت واستخدامها لعلاج الأمراض المستعصية في المخ ونخاع العظم وخلايا الكبد وخلايا الكلى والأنسجة الأخرى وفقاً للشروط التي ذكرها المجمع الفقهي الإسلامي. لا يحرم استخدام الخلايا الجذعية الموجودة في الإنسان البالغ إذ إن أخذها منه لا يشكل ضرراً عليه فإذا أمكن تحويلها إلى خلايا ذات فائدة لشخص مريض وهذا الاستخدام يحقق مصلحة بلا ضرر مثل زراعة الأعضاء. إباحة طريقة الحصول على الخلايا الجذعية من خلال الحبل السري أو المشيمة.

وأضاف ” في احد الأيام راجعني أحد المرضى مصطحبا معه إعلانا مفاده علاج نهائي للسكري بزراعة الخلايا الجذعية، وطلب مني أن أفيده وأشجعه للتوجه لتلك الدولة، ذهلت أمام المريض، إلا أنني سرعان ما التمست له العذر، فهو سيتمسك بأي أمل للشفاء من المرض المزمن،لذا حذرته من الوقوع ضحية لسماسرة الطب ” النصابين ” وتفهم بدوره الأمر.

وخلص إلى القول إن ضعف وعي المجتمع في التعامل مع السكري يكون بسبب المعلومات غير الصحيحة التي تشاع بين الناس ومنها “لا تعطي ولدك الأنسولين فيتعود عليه ” أو قولهم “الحبوب والأعشاب هي نافعة للنوع الأول”، وكذلك الإعلانات الطبية غير الصحيحة مثلا: نجاح زراعة الخلايا الجذعية في أحد مراكز أوروبا الشرقية وهو غير صحيح تخلص من السكري نهائيًا بحقن خاصة وهو” اعلان وهمي ” إلى غيرها من الإعلانات الرائجة عالميا .


إعلانات مضللة للمرضى
من جانبه، أكد أستاذ وعالم أبحاث المسرطنات البروفيسور فهد الخضيري، أن العلاج بالخلايا الجذعية لا يزال تحت الأبحاث ولا يوجد إلا تطبيقات قليلة ناجحة ليس من ضمنها علاج السكري والسرطان، فلا يخدع المريض ببعض التسويق التجاري، إذ تتكرر عبر رسائل عن علاج خلايا جذعية للسكري في أوكرانيا وعلاج ناجح للسرطان في دولة عربية وللسكري في دولة آسيوية وكلها ليست صحيحة بل تسويق وهمي من عصابات، وتلك الدول تعاني أصلاً من سوء الخدمات الصحية فلا يجب أن يصدق المرضى تلك الشائعات بوجود علاجات ناجحة لأمراض مستعصية.


رهن الدراسة
من جانبه، حذر استشاري الأطفال الدكتور نصر الدين الشريف، أولياء أمور الأطفال المصابين بداء السكري من التوجه للخارج لزراعة الخلايا الجذعية بعد ملاحظة انتشار رسائل يتداولها مرضى السكري في هذا الشأن، مشيرا إلى أن هذه المراكز تجارية تجري الأبحاث على المرضى وحتى الآن مازالت زراعة الخلايا الجذعية لمرضى السكري في مرحلة البحث والتجربة.

وبين ان لداء السكري نوعين النمط الأول، أو ما يسمى بالنمط المعتمد على الإنسولين، وكان يسمى سابقًا بالنمط الشبابي ، أما الداء السكري من النمط الثاني فهو الذي يسمى بالنمط غير المعتمد على الإنسولين، وكان يسمى سابقًا بالنمط الكهلي ، ويمكن لنمطي مرض السكري أن يُصيبا الأطفال.

وأشار الى النمط الأول يعد أكثر شيوعًا بين الأطفال من النمط الثاني، إذ يسجل 90 % من حالات الإصابة تقريبًا، ويتمثل هذا النوع من مرض السكري بعدم قدرة خلايا البنكرياس على إنتاج هرمون الإنسولين المسؤول عن التحكم بمستويات السكر في الدم بسبب تعرض خلايا البنكرياس لمهاجمة الجهاز المناعي في الجسم ذاته عن طريق الخطأ، ولهذا يعد مرض السكر من النمط الأول من أمراض المناعة الذاتية، ويعزو البعض حدوث هذا الاضطراب نتيجة تعرض الطفل لبعض العوامل البيئية كالإصابة ببعض الفيروسات مثل فيروس كوكساكي، الحصبة الألمانية، ابيشتاين بار، الفيروس المضخم للخلايا، إضافة إلى حمله لبعض المورثات المسؤولة عن زيادة فرصة الإصابة بمرض السكري، ولكن الأسباب الحقيقية لمرض السكري من النمط الأول غير مفهومة، فكثير من الأطفال المصابين ليس لديهم مرض السكري في أسرهم، ويبقى السبب الدقيق لإصابتهم غير معروف.

ولفت الى ان النمط الثاني فيتمثل بعدم استجابة خلايا الجسم للإنسولين المفرز، بالإضافة إلى قلة إنتاج الإنسولين مع مرور الوقت، ويعزى حدوث هذا النوع من مرض السكري لتفاعل عدد من العوامل البيئية والوراثية مثل قلة الحركة، والسمنة، والتاريخ العائلي للإصابة بالمرض، والعرق.


وحول كيفية علاج الأطفال المصابين بالسكري قال :مرض السكري من النمط الأول فيعتمد علاجهم بإعطاء الطفل حقن الإنسولين تحت الجلد لتعويض النقص الحاصل في الجسم، إضافة إلى ضرورة وضع خطة غذائية للطفل بحيث يتناول حاجته من الكربوهيدرات والأطعمة اللازمة لنموه وفي الوقت ذاته دون تسببها برفع مستويات السكر في الدم بشكل يفوق الهدف المطلوب، كذلك لا بد من وضع خطة لممارسة الطفل التمارين الرياضية لما لها من تأثير في مستويات السكر في الدم ، إما مرضى السكري من النمط الثاني فيعتمد علاجهم بشكل رئيسي على تغيير نمط الحياة، كتحفيز الطفل على ممارسة الأنشطة الرياضية، وإنقاص الوزن، وتناول الطعام الصحي، وقد يحتاج المصاب في مرحلة من عمره إلى تناول الأدوية الخافضة للسكر الفموية، وربما يحتاج إلى الإنسولين. كذلك لا بد من وضع خطة لممارسة الطفل التمارين الرياضية لما لها من تأثير في مستويات السكر في الدم.

أنواع الخلايا الجذعية .. وطريقة جمعها
الخلايا الجذعية هي الخلية الأساسية لكل عضو ونسيج في الجسم، حيث يوجد العديد من أنواعها التي تأتي من أماكن مختلفة في الجسم أو تتشكل في أوقات مختلفة من حياتنا. كما أنها تعتبر خلايا بدائية غير متخصصة وغير مكتملة الانقسام ولا تشبه أي خلية متخصصة، ولكنها قادرة على تكوين خلية بالغة بعد أن تنقسم عدة انقسامات في ظروف مناسبة، ولها خاصيتان:

أولاً:التجديد الذاتي ويعني أنها يمكن أن تنقسم وتنتج المزيد من الخلايا الجذعية من النوع نفسه.
ثانيًا: تصبح نوعًا آخر من الخلايا وتأخذ وظيفتها المتخصصة مثل: خلايا الجلد، والعضلات، والدم.
وعندما يستخرج العلماء الكتلة الداخلية من الخلية البدائية يتم تنمية هذه الخلايا في ظروف مختبرية خاصة، والحفاظ على خواصها.


الخلايا الجذعية البالغة هي أكثر تخصصًا من الخلايا الجذعية الجنينية على سبيل المثال، الخلايا الجذعية المكونة للدم في نخاع العظم يمكن أن تكوِّن خلايا الدم الحمراء وخلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية، ولكن الخلايا الجذعية المكونة للدم لا تكون خلايا الكبد أو الرئة أو المخ، وفي المقابل الخلايا الجذعية في الأنسجة والأعضاء الأخرى لا تكوِّن خلايا الدم الحمراء أو البيضاء أو الصفائح الدموية.

وبعض الأنسجة والأعضاء داخل الجسم تحتوي على مخزون صغير من الخلايا الجذعية البالغة، لاستبدال الخلايا المفقودة أو المعطوبة التي تفقد طبيعيًّا في الحياة اليومية العادية أو نتيجة الإصابة، مثل تلك الموجودة في الجلد، والدم.

الخلايا الجذعية البالغة يصعب العثور عليها في جسم الإنسان؛ لأنها غير متجددة ذاتيًّا مثل الخلايا الجذعية الجنينية. ومع ذلك، فإن دراستها تزيد المعرفة العامة حول التطور الطبيعي، والتغيرات في الشيخوخة، وما يحدث أثناء الإصابة والمرض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *