المحليات

العضل عنف خفي ينتهك إنسانية المرأة

جدة ــ رانيا الوجيه

تداول المغردون عبر « تويتر» قانونا ينص على السجن لمدة عام وغرامة 50 الف ريال لمن يمنع المرأه من الزواج الا من شخص بعينه سواء كان بينها وبينه قرابة أو لم يكن، أو من يحجز بنته لقريب لها منذ صغرها، أو أن يتقدم خاطب ليخطب الفتاة فيطلب الولي إمهاله حتى يسأل أبناء عمومتها فيما إذا رغب بها أحدهم، بغض النظر عن رضا المخطوبة”. وبالتالي تباينت الآراء بين مستخدمي تويتر ولكن كان الإجماع أنه يحق للفتاة أن ترتبط بمن ترى انه سيحقق لها حياة أسرية مستقرة.

وكانت هيئة حقوق الإنسان سبق وأن أكدت أن قضايا العضل التي يمارسها بعض الآباء لمنع بناتهم من حق الزواج تنتهك الكرامة والحق في تكوين الأسرة، إضافةً إلى أنها ممارسة محرمة شرعاً. وأوضحت أن العضل أحد أشكال الإيذاء المجرمة بموجب نظام الحماية من الإيذاء، حيث تتابع الهيئة مع الجهات المختصة إجراءات معالجتها، بما يكفل توفير الحماية اللازمة للمعضولات والبت في قضاياهن ومعالجتها. كما شدّدت الهيئة على أن الأنظمة السعودية تجرّم قضية العضل، حيث أوضحت المادة الــ”39″ من نظام المرافعات الشرعية أن للمرأة التي عضلها أولياؤها الحق في إقامة دعواها على من يعضلها.

ولفتت إلى أن هذه الجرائم تعطي مؤشراً على ضعف التوعية بمخاطرها الإنسانية والاجتماعية، وينبغي على جميع الجهات المعنية التوعية بمخاطر هذه الجريمة وما يترتب عليها من عقوبات. وتشير الإحصائيات إلى أن محاكم الأحوال الشخصية بالمملكة تستقبل مئات القضايا سنويا، من فتيات يلجأن للقضاء من أجل تخليصهن من عضل أوليائهن، حيث يعتبر العضل من أخطر مظاهر العنف الأسري الخفي، الذي يسلب المرأة حقوقها، وينتهك إنسانيتها في المجتمع.

ويرصد الباحثون العديد من الأسباب وراء وجود تلك الظاهرة، بعضها العادات المنافية للدين الحنيف، وأخرى لأسباب مادية، مثل رغبة الولي في الاستحواذ على إرث الفتاة أو راتبها الشهري إذا كانت تعمل. ” البلاد ” حاولت مناقشة هذه القضية، للتعرف على أسبابها وسبل علاجها من وجهة نظر المختصين والخبراء، عبر هذا الموضوع، حيث أكد أهل الرأي أن من أسباب العضل ضعف الوعي بحقوق المرأة في الإسلام، وضعف الرادع الديني الذي يمنع من أذيتها أوالتعدي عليها، هذا بالاضافة الى زيادة الرغبة في التحكم غير المبرر أو الاستفادة منها ومن مالها أو طاقتها في غير وجه حق.

في البداية قالت الدكتورة نادية نصير استشارية نفسية وأسرية أن أمور الزواج تختلف من عائلة لأخرى وهناك عائلات متفهمة أن منع الفتاة من الارتباط لا يجوز دينيا وأنه لا يجوز إجبار المرأة على الزواج ممن لا ترغب فيه ، ولكن هناك عادات وتقاليد يستخدمها البعض لعضل الفتاة، لافتة في الوقت نفسه إلى أن عضل النساء من المشكلات التي عانت منها المرأة منذ عصور متقدمة وفي كثير من المجتمعات، ولكن عندما نقرأ بعض الإحصاءات التي تنشر عن طريق المحاكم حول قضايا العضل التي ترفع على أولياء الأمور فإن هذا يشير إلى أن المرأة بلغت من الوعي حد المطالبة بحقها عبر الجهات الرسمية،

ومع ذلك فإن هذه الإحصاءات أعتقد أنها لا تمثل المستوى الحقيقي لهذه المشكلة في المجتمع نظرا لكون المرأة تخشى تبعات هذا الأمر وما يمكن أن يسبب لها من حرج ومشكلات مع أهلها وأسرتها. وأضافت: أن أسباب زياد ظاهرة العضل في المجتمع تعود إلى رغبة ولي الامر في الاستحواذ على مال الفتاة سواء كان ميراثا أوراتبا شهريا، وكذلك طمع ولي الامر في خدمتها بالمنزل إلى جانب فكرة عدم تزويج الأخت الصغيرة قبل الكبيرة وجهل الآباء وعدم التعليم له دور في ذلك.

أمر القضاء
أنصف القضاء السعودي خلال الاسابيع الماضية 10 معضولات وفصل في قضاياهن وعمل على تزويجهن بعد التأكد من صلاح من تقدموا لخطبتهن، وجاء ذلك في إطار تجاوب المحاكم السعودية سريعا وإيجابيا مع قواعد تنظيم آلية نظر دعاوى العضل التي أصدرها المجلس الأعلى للقضاء برئاسة وزير العدل رئيس المجلس الدكتور وليد بن محمد الصمعاني، والتي هدفت إلى تعزيز سرعة الإنجاز ودعم جودة العمل نظرا لكون قضايا العضل ذات طبيعة خاصة.

وكانت القواعد الجديدة تضمنت إتاحة قبول دعوى العضل من المرأة أو من أي صاحب مصلحة في الدعوى كوالدتها أو إخوتها ولا يلزم حضور الخاطب. وأن تفصل الدائرة في دعوى العضل المحاله إليها خلال 30 يوما، ولا يؤجل نظر الدعوى عن الموعد المقرر لها إلا عند الضرورة ، مع بيان سبب التأجيل في محضر القضية. وأبرز قواعد تنظيم آلية نظر دعاوى العضل تتمثل قبول الدعوى من المعضولة ، قبول الدعوى من صاحب المصلحة والفصل خلال 30 يوما وأن 10 ايام اقصى مدة للتأجيل إضافة إلى إمكان نظر القضايا خارج الدوام.


سيناريوهات واقعية
وتروي الباحثة الاجتماعية سحر السبهاني موقف صادفها مع إحدى الأمهات التي يريد أعمام ابنتها إجبارها على الزواج من أحد أولاد عمومها قائلة: من أبسط حقوق أي فتاة أن تختار شريك حياتها ، فقد شاهدت عدة مواقف وحكايات في هذا الموضوع من حيث إجبار الفتيات على الزواج بمن لاترغبن فيه ، أو منعها من الزواج بمن ترغب، فهناك قصة لإحدى السيدات اللاتي لجأن الي بمدينة القنفذه عندما شكت أن أعمام ابنتها يريدون إجبارها على الزواج من ابن عمها بالإضافة إلى منعها من قيادة السيارة، ونصحتها أن تذهب لرفع دعوة للمحكمة والإمارة، وذلك بعد مناصحة أعمامها، لأن المناصحة مهمة للغاية حتى لا يجر ذلك الشحناء والبغضاء بين أفراد الأسرة الواحدة، ولا شك أنها حينما تتقدم إلى القضاء فإنه سوف ينصفها.


دعوى قضائية
ويعلق المحامي عبدالعزيز النقلي موضحا: من حق الفتاة أن ترفع دعوى قضائية في المحكمة ضد من يعضلها أو يجبرها على الزواج بشخص بعينه وبالتالي ستحقق المحكمة هل وقع عليها الظلم أم لا، وفي حال كان هناك تهديد صريح بالحبس أو الضرب أو نحو ذلك فإن المرأة تستطيع أن تتقدم للشرطة لرفع بلاغ لحمايتها في حال حدث لها أي نوع من التهديدات، ومثل هذه القوانين تحقق التعادل في المجتمع من حيث ممارسة الحقوق والواجبات لكل شخص حتى لايقع الظلم لأي شخص ويحرمه من حقوقه. وأضاف بقوله : من أسباب العضل ضعف الوعي بحقوق المرأة في الإسلام، وضعف الرادع الديني الذي يمنع من أذيتها أو التعدي عليها، هذا بالاضافة الى زيادة الرغبة في التحكم غير المبرر أو الاستفادة منها ومن مالها أوطاقتها في غير وجه حق.

على المعضولة أولا مناصحة ولي أمرها مباشرة
من أسباب زيادة ظاهرة العضل في المجتمع تعسف بعض الآباء ومنع بناتهم من الزواج وحرمانهن منه وإبعاد الأزواج بحجج واهية حتى يتقدم السن بالفتيات ويفوتهن قطار الزواج كما أن المشكلة أكبر بكثير من حجم القضايا التي تصل إلى المحاكم لأن الكثير من الفتيات المحرومات من الزواج يترددن في اللجوء إلى المحاكم. ولكن هناك الكثير من الفتيات المعضولات يمتلكن الوعي ويطالبن بحقوقهن، كما أن هناك نحو 80 % من الفتيات ليس لديهن الوعي الكامل بحقوقهن في هذا الجانب، وفي حال عضل الفتاة يجب عليها اللجوء إلى المحاكم الأسرية والتي تتولى النظر في قضايا العضل وسحب الولاية من الأب إلى من يليه في الولاية ومن حق القاضي تولي ولاية الفتاة وتزويجها إذا تقدم لها الرجل الكفء.


ولا شك أن العضل يزداد لأسباب كثيرة ومتعددة أهمها ضعف الوازع الديني للعاضل وعدم استشعاره لحقوق المرأة في الزواج وشناعة جريمة الظلم والتسلط، وأنه من حق المرأة المعضولة أن تواجه وليها العاضل وتحاول معالجة المشكلة بشتى الطرق المشروعة والتي آخرها اللجوء للقضاء في محاكم الأحوال الشخصية وتطلب إثبات العضل ونقل ولاية التزويج لغير العاضل من بقية الأولياء أوللحاكم الشرعي.

وأن على الفتاة أن تبدأ بمناصحة الولي العاضل ومصارحته مباشرة أو بالكتابة له وتذكيره بالله وبأهداف ومقاصد الولاية وأنها للحفظ والصيانة وليست للتسلط والحرمان، ثم ببعث من يناصحة، أو فلتلجأ للجان إصلاح ذات البين التي يوجد فيها أكفاء مؤهلون لإحضار الولي ومناصحته، فإن أصر فترفع أمرها للقضاء والذي سينصفها بإذن الله تعالى. من ناحية أخرى كشفت وزارة العدل مؤخرا أن إجمالي عدد قضايا العضل الواردة للمحاكم خلال الـ 5 الأشهر الأولى لعام 1440هـ بلغ (321) قضية.

فيما بلغ إجمالي القضايا الواردة لعام 1439هـ (738) قضية، وتصدرت مكة المكرمة بـ 288 قضية، تلتها الرياض 159، ثم الشرقية 101، المدينة المنورة 50، عسير 33، القصيم 29، جازان 29، تبوك 17، حائل 12، الحدود الشمالية 7، الجوف 5، نجران 4، الباحة 4. وقبل رفع دعوى العضل يتم الاستعانة بآخرين للحديث مع الولي بالحسنى،

لا سيما أن الدعوى قد تؤدي للتشاحن والبغضاء بين أفراد العائلة الواحدة أو قطيعة أبدية. وتمر مراحل الدعوى بعرضها على المدعي عليه فإن اعترف يخوّف الولي بالله ويؤمر بتزويج المعضولة ويحكم عليه بذلك، وإن ذكرت المدعية مثلا رجلا كفؤا وعينته وتقدم لخطبتها ولم يذكر ولي الأمر سببا مقنعا لعدم قبوله زوجا يعتبر “عاضلا ” وتنتقل الولاية إلى القاضي فيحكم بثبوت عضل الأولياء بعد أخذ جوابهم على ذلك ويزوجها من الكفء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *