البلاد – رضا سلامة، عمر رأفت
تبدو خيارات الرئيس التركي رجب أردوغان محدودة، بعدما مني بأكبر خسارة فادحة لجيشه في إدلب السورية بمقتل 34 جنديًا، مساء الخميس، في غارة لطائرات النظام السوري على رتل عسكري تركي، في ظل تصميم روسي على مساندة نظام الأسد في تقدمه لطرد المعارضة من معقلها الرئيسي هناك، وتجاهل المطالب التركية بوقف العملية العسكرية لقوات النظام، واكتفاء واشنطن ببيانات دعم شفوي لأردوعان لا تخفي شماتة لرهانه على علاقاته مع موسكو، وعدم حماس حلف الناتو للانخراط في الأزمة، ما دفع أردوغان لمحاولة ابتزاز أوروبا مجددًا بورقة اللاجئين، في خطوة يائسة لجر أوروبا لمساعيه في الضغط على بوتين.
وفي تحميل لتركيا المسؤولية عن مقتل جنودها، قالت وزارة الدفاع الروسية، أمس (الجمعة): إن الجنود الأتراك القتلى كانوا وسط المسلحين السوريين، الذين وصفتهم بالإرهابيين، خلال القصف على إدلب، وأن تركيا لم تبلغ الجيش الروسي بوجود جنودها في المنطقة، حيث لم يكن ينبغي أن يكونوا هناك، مشيرة إلى أن الطائرات الروسية لم تنفذ ضربات على المواقع الذي كانت القوات التركية موجودة بها، مشددة على أن روسيا فعلت كل شيء لفرض وقف كامل لإطلاق النار من جانب جيش النظام السوري، بعدما علمت بمقتل الأتراك، بينما نقلت وكالة “إنترفاكس” الروسية للأنباء عن الأسطول الروسي في البحر الأسود قوله: إنه أرسل سفينتين حربيتين مجهزتين بصواريخ كروز (موجهة) من طراز كاليبر إلى البحر المتوسط باتجاه الساحل السوري، في مؤشر على استمرار الدعم الروسي لنظام الأسد في مواجهة تركيا.
وبينما عقد الناتو اجتماعًا طارئًا، أمس، بناء على طلب تركيا لمناقشة الوضع في إدلب بعد مقتل الجنود الأتراك، لم يبد الحلف حماسًا للانخراط في الأزمة، منوهًا إلى أن العملية العسكرية في إدلب لم تحصل على إذن من الحلف، رافضًا الاستجابة لاتخاذ خطوات عملية لإنشاء منطقة حظر طيران في إدلب، كما ينشد أردوغان، رغم الحديث عن أهمية تركيا للحلف وتعزيز دفاعاتها الجوية، حيث تتسم علاقات الأطلسي مع أنقرة بالتوتر، جراء تدخلاتها في سوريا وليبيا وصفقة منظومة الدفاع الجوي الروسية”اس 400″.
وفي عودة لابتزاز أوروبا مجددًا بورقة اللاجئين، قال مسؤول تركي: إن أنقرة لن توقف المهاجرين واللاجئين السوريين الذين يحاولون حاليًا التوجه إلى أوروبا، وأن أوامر صدرت للشرطة التركية وخفر السواحل ومسؤولي أمن الحدود بعدم منع عبور اللاجئين عبر البر والبحر صوب أوروبا.
وعقب التصريح التركي أفادت وسائل إعلام محلية بأن مئات من المهاجرين تحركوا سيرًا عبر شمال غرب تركيا نحو الحدود مع اليونان وبلغاريا، ومع تنفيذ تركيا لوعيدها وسماحها بتدفق اللاجئين في اتجاه أوروبا، وردت المفوضية الأوروبية بالقول: إنه ليس هناك إعلان رسمي تركي بشأن تغيير في سياسة الهجرة ونتوقع من أنقرة احترام تعهداتها، فيما أعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيبحث في جميع التدابير اللازمة لحماية مصالحة الأمنية، داعيا إلى وقف التصعيد في إدلب على وجه السرعة، ومحذرًا من الانزلاق إلى مواجهة عسكرية دولية كبيرة مفتوحة، وأعلنت اليونان تعزيز إجراءات المراقبة على الحدود البحرية والبرية مع تركيا، بعد التطورات التي وقعت في إدلب، ما يشير لفشل الابتزاز الأردوغاني.
وفي دلالة على مأزق أردوغان في إدلب وصعوبة خياراته، اعتبر رئيس اللجنة الدولية في مجلس الدوما الروسي فلاديمير زاباروف أن “أي عملية عسكرية تركية واسعة النطاق في إدلب ستكون نهايتها سيئة لتركيا، التي تحمي الإرهابيين في إدلب ويجب أن تتوقف عن ذلك”.
وقال السيناتور الأمريكي ماركو روبيو: إن “احتمالات المواجهة العسكرية المباشرة بين تركيا وروسيا في سوريا مرتفعة جدًا وتزداد بسرعة”.