أيقن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز- حفظه الله- مبكراً بحكمته وفطنته أن الأمن السيبراني لا يقل أهمية عن حماية الأمن القومي وحدود الوطن الغالي على قلوبنا، فأصدر أمراً ملكياً بتأسيس الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في عام 2017 للتأكيد على أهمية الدور المأمول لحماية مؤسسات المملكة من أي هجمات الكترونية خبيئة، لا سيما مع التحول الرقمي الذي يشهد العالم والتطور التكنولوجي الهائل.
وأدرك خادم الحرمين الشريفين قبل 3 سنوات التحديات الكبيرة والمتجددة التي تواجهها دول العالم مع التوسع والاستخدام الكبير للتقنيــة والاعتماد عليها في مسارات الحيـاة اليوميـة للمجتمعات، في الطاقــة والإنتــاج الصناعــي والخدمــات المصرفيــة وخدمــات الاتصــالات، والخدمات الطبية والإنسانية والبحث العلمي، وغيرها من الخدمات والمنظومات الأمنية والدفاعية والاقتصادية؛ ما يسـتوجب تعزيـز الأمـن السـيبراني.
كما تبنى الملك سلمان ، المنتدى الدولي للأمن السيبراني الذى استضافته العاصمة الرياض بداية الشهر الجاري، برعاية كريمة منه لتكون منصة دولية تهدف لتضافر الجهود نحو عالم سيبراني أفضل وأكثر أمنا، فمن خلال حوار تشارك فيه كافة الأطراف المعنية، يساهم المنتدى في رسم أطر التعاون الدولي لمواجهة المخاطر السيبرانية وتعزيز الأمن السيبراني والتعامل الفعال مع التهديدات الالكترونية، كما يناقش المنتدى الفرص الاستثمارية والاقتصادية المتاحة في هذا المجال، ويهدف لوضع خارطة طريق تنفيذية لمنظومة الأمن السيبراني في القرن الحادي والعشرين.
وعلى الدرب سار ولى العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ،إذ تبنى سموه مبادرتين بهدف حماية الأطفال وتمكين المرأة في مجال الأمن السيبراني، وهو ما لا يدع مجالاً للشك بأن الأمن السيبراني هو الشغل الشاغل، حيث أن أكبر تحدٍ اليوم في التحولات الإلكترونية كيفية الوثوق بالنظام الرقمي، واستخدام البطاقات الائتمانية في عمليات الشراء دون مخاوف أو محاذير لاحقة.
وطالما تبنىي المملكة لمستقبل مشرق لأبنائنا واحفادنا، فقد أعلنت مدينة «نيوم» عن تدريب مئات الطلاب خلال السنوات الخمس المقبلة في أكاديمية “نيوم” في تخصص الأمن السيبراني بالتعاون مع الشركاء المحليين مثل الهيئة الوطنية للأمن السيبراني وجامعة الأمير مقرن بن عبد العزيز، وجامعة تبوك، إضافة إلى جهات أخرى سيتم إضافتها لاحقاً.
وستركّز «نيوم» على العنصر البشري المهم في مواجهة الخروقات الأمنية وعلى بناء القدرات الوطنية حيث ستقوم بتطوير البرامج التدريبية والتعليمية حول الأمن السيبراني للطلاب في منطقتي نيوم وتبوك بهدف تخريج خبراء يتمتعون بمهارات عالية في مجال الأمن والحفاظ عليه.
وبفضل الاهتمام الذي توليه المملكة بالأمن السيبراني، تم التصدي بنجاح للعديد من الهجمات الالكترونية التي استهدفت المملكة، وكان أكبرها على الإطلاق الهجمات التي استهدفت شركة “أرامكو” عملاق شركات النفط في العالم ،بل وتم إحباطها في مراحلها الأولى، عبر التصدي لبرمجيات خبيثة (Emotet)، وهو برنامج ضار نشط على مستوى العالم.
كما احتلت المملكة المرتبة 13 عالمياً والأولى عربياً في المؤشر العالمي في الأمن السيبراني الذي أصدرته الأمم المتحدة في 2018-2019ـ لتتصدر بمركزين عن المؤشر الصادر في الفترة ما بين عامي 2016- 2017 ، ليكون دليلاً دامغاً على أن المملكة تسير بخطوات ثابتة وناجحة في مجال الأمن السيبراني.
هذا التقدم الكبير والهائل الذي تشهده المملكة، يدفع الدول التي تشهد اختراقات وهجمات إلكترونية الاستعانة بقدرات المملكة في هذا المجال، والاستفادة من تجربتها الرائدة في مجال الأمن السيبراني.