يعود تاريخ تشييد قصر الزعفران في القاهرة عام 1870، وذلك في عهد الخديوي إسماعيل في حي العباسية، وذلك وفقا للورقة البحثية بعنوان “قصور ملكية” بموقع جامعة عين شمس.
ولقد أهدى الخديوي إسماعيل هذا القصر إلى والدته خوشيار قادين، الزوجة الثانية للقائد إبراهيم باشا نجل محمد على باشا عام 1871.
ولقد أمر الخديوي إسماعيل بإنشاء حديقة حوله بلغت مساحتها حوالي 100 فدان ورزعت بالكامل بنبات الزعفران طيب الرائحة، وكان ذلك سبب تسمية القصر بـ “قصر الزعفران”، وذلك وفقا أيضا للورقة البحثية.
وكلف الخديوي إسماعيل المهندس المعماري مغربي بك سعيد، الذي كان بين من خصهم الخديوي بدراسة الهندسة في فرنسا، بتصميم القصر والإشراف على بنائه ليكون مماثلا لقصر فرساي في فرنسا، حيث قضى الخديوي فترة تعليمه، وفقا للورقة البحثية.
وشيد قصر الزعفران على أنقاض قصر بناه محمد على باشا، مؤسس الدولة المصرية الحديثة ومؤسس الأسرة العلوية، خارج حدود القاهرةآنذاك، وسماه قصر الحصوة .
ويجمع معمار القصر من الداخل بين الطرازين القوطي والباروكي، واللذين تتميز بهما معظم القصور التي شيدت خلال القرن التاسع عشر.
كما تتميز واجهات القصر الأربعة بعناصر معمارية وزخرفية جميلة تتمثل في النوافذ، والشرفات المعقودة، والأعمدة، والأشكال الكروية التي تعلوها التيجان الملكية.
ويتكون القصر من طابقين رئيسيين، إلى جانب قبو خصص لخدمات القصر من مطابخ، مغاسل، ومخازن وطابق ثالث خصص لإقامة أفراد الحاشية والخدم.
ويضم الطابق الأول مجموعة من الأعمدة ذات الطراز اليوناني الروماني، من الرخام الأخضر والأصفر، والتي تتميز بتيجان مذهبة، وباب مدخل القصر مصنوع من الزجاج المعشق، ويعتبر تحفة فنية رائعة الجمال بألوانه وما يضمه من أشكال لزهور وشجرة كبيرة مثمرة.
ويضم الطابق الثاني 8 غرف نوم ملحق بكل منها صالون للإستقبال، وحمام تركي مصنوع من الرخام، ومزود بقطع من الزجاج الملون تجعله يبدو وكأنه مضاء بإضاءة طبيعية طوال الوقت.
وتزين جدران الحجرات أشكال الورد والزهور الملونة، ويساعد ارتفاع السقف، وهو 6 أمتار، على تلطيف حرارة الجو خاصة في فصل الصيف، حيث يشعر المقيم فيه دائما بتيار من الهواء المنعش.
وتعد الأسقف المزركشة والملونة بلون زرقة السماء أهم ما يميز حجرات الطابق الثاني، ويقال إن المعماري نفذها على هذا النحو لأن الخديوي إسماعيل كان يحب أن ينظر إلى السماء، وهو مستلق على ظهره قبل النوم.
ويقول الأثريون أن سلم البهو الرئيسي يكاد يكون السلم الوحيد في مصر الذي يضم هذه الكمية الضخمة من النحاس، وهو سلم بطرفين يصل بين طابقي القصر الرئيسيين، وسقفه النهائي عبارة عن زجاج بلوري بألوان زاهية ومعشق بالرصاص، مما يعكس ألوان السماء على السلم خلال ساعات النهار.
ومع أن القصر أصبح مقرا إداريا لجامعة عين شمس، إلا أنه لا يزال يحتفظ بطرازه المعمار المميز.