المحليات

الإيجارات تعوق طموحات الأسر المنتجة

جدة ـ عبد الهادي المالكي

تميز شباب الوطن من الجنسين بالإبداع والنشاط والهمة، ويتجلى ذلك في تألقهم في كثير من المجالات كصناعة المجوهرات والحياكة والطبخ والأشغال اليدوية بأنواعها وغيرها مما تصنعه أيديهم، والبعض منهم ورثها من أجداده وباتت مصدر رزق رئيسيا له يبعد عنه شبح البطالة. وفي ظل هذا التقدم الإبداعي والاقتصادي الذي تشهده المملكة تواجه عشرات الأسر المنتجة معوقات تحد من تقدمها وتطورها، إذ أظهرت آخر إحصائية أن 60 % من المشاريع المنزلية الصغيرة في المملكة تتوقف عن مزاولة نشاطها في السنة الأولى بسبب نقص الخبرة والفشل في تحقيق الأرباح وبالتالي يظهر لنا خط نهاية لذلك الإبداع وعدم خروجه إلى النور.

حيث تسعى الرؤية 2030 الى تحقيق العمل بالاعتماد على النفس والاعتماد على المواطن في كل شيء ومن ذلك ما تقوم به الاسر المنتجة سواء كان في المأكولات او في الاعمال اليدوية. ولكن عندما تجد هناك عائقا امام ذلك فهذا يصنع الإحباط مثل ما يتم للاسر المنتجة من قلة الدعم من قبل الجهات المختصة بهذه الاسر.
البلاد استطلعت اراء بعض الاسر المنتجة ونقلت معاناتهم ومتطلباتهم، فكان الإجماع أن إيجارات الأرفف وعدم الخبرة يقفان عائقا أمام طموحات الكثيرين من أفراد الأسر المنتجة الذين يريدون الانطلاق بمشاريعهم وتحقيق طموحاتهم.

“البلاد” التقت عدداً من كوادر الأسر المنتجة واللاتي أكدن ضرورة إيجاد جهات تمويلية لإطلاق المشاريع الخاصة بهن، فضلا عن خفض إيجار الأرفف والبسطات بالمهرجانات والمراكز التجارية، لافتات في الوقت نفسه إلى أهمية عقد دورات للراغبين في اطلاق مشاريع إنتاجية لمساعدتهم لتخطي العقبات.


في البداية تقول أم يوسف وهي متخصصة في الاكلات الشعبية : أقوم بعمل الأكلات في منزلي وأتولى تسويقها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي أو عن طريق المشاركة في البازارات وقد حاولت أن افتح محلا في احد الشوارع أو الأسواق ولكنني لم استطع لعدم مقدرتي على دفع الايجار مقارنة بما أقوم ببيعه.

خسارة مستمرة
ولم تختلف عنها الشابة مرام عمران حيث أضافت أنها تمنت ان يكون هناك دعم للاسر المنتجة حتى نستطيع ان نواصل في عملنا والاعتماد على انفسنا، وقالت في بعض المشاركات في البازارات أخسر خاصة عندما يكون الزوار قليلين وبما انني أقوم بعمل ماكولات فمن الصعب ارجاعها إلى البيت، لذا أنني عندما اغلق البازار أقوم بتوزيعها بالمجان على العمال.

ارتفاع الإيجارات
وقالت كل من ام عبدالرحمن ومديحة الحسن انهما تقومان بعرض منتجاتهما في مواقع التواصل بالإضافة، الى ان هناك محلات متخصصة في عرض منتجات الاسر المنتجة، ونحن نقوم بعرض ما نعمله في المنزل في هذه المحلات مقابل مبلغ رمزي معين. وعن المشاركة في المهرجانات فهما تشاركان ولكن هناك مبالغة في رسوم الأجنحة في المعارض ولا يستطعن ان يسددن من عملية البيع لأن هناك بعض المتسوقين يبخسون منتجاتنا، لذا فإننا نضطر لبيعها بالخسارة في نهاية اليوم.


أكلات شعبية
وقالت أم سعيد الغامدي التي تخصصت في الاكلات الشعبية الجنوبية كنا نتمنى أن يكون هناك دعم للأسر المنتجة المتعففة التي تبحث عن لقمة عيشها سواء كان الدعم من جمعية مراكز الاحياء أو الغرفة التجارية ولكن للأسف فإن الغرفة التجارية تأخذ رسوم البسطات في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة إلى مساندتهم لنا.

مهرجانات وبازارات
وقالت اشواق الغامدي إن المهرجانات والبازارات التي نشارك فيها نأتي من أجل أن يتعرف الزوار على منتجاتنا من الاكلات، ويتذوقوها مباشرة ليتم كسب ثقتهم بنا، وبالرغم من ارتفاع أسعار الإيجارات والتي تصل إلى 6 آلاف ريال في الشهر الواحد ولكننا نحاول تجاوز هذه العقبة ونعمل من أجل كسب لقمة العيش.

وأضافت الغامدي حاولت أن أقوم باستخراج تصريح للأسر المنتجة من الغرفة التجارية ولكن للأسف لم استطع لانهم الزموني باستخراج قرض بنك التنمية الاجتماعية ومن الصعب جدا أن أقوم بتسديد قرض بمبلغ الف ريال شهريا لأن المستلزمات التي استخدمها لا تحتاج إلى هذا المبلغ. وعن مشاركتها قالت انها اول مرة تشارك في مهرجان وأن الزوار يتعرفون على منتجاتي ولكن الشيء المؤسف إنني أقوم في بعض الأحيان بتوزيع الباقي على عمال الموقع بالمجان لعدم وجود زوار وخاصة خلال أيام الدراسة.

فن الكروشيه
وقالت أم مراد والتي تخصصت في فن الكروشيه أقوم بعمل الكروشيه منذ الصغر وبجميع الاشكال وأنواع الخيوط وكم تمنيت أن أحصل على دعم حتى استطيع إبراز هذا الفن التراثي الجميل لأنني بالإضافة إلى كل اعمالي أقوم بعمل دورات تدريبية للبنات بجميع الأعمار وهذا يحتاج الى دعم من قبل الجهات المختصة في هذا المجال بصفة خاصة والأسر المنتجة بصفة عامة حتى أستطيع أن أستمر في عطائي، خصوصا وأنني لا امتلك المبالغ المادية اللازمة لافتتاح محل خاص بي.

تصميم الملابس
أما مريم التي تخصصت في تصميم الفساتين والجلابيات وشراشف الصلاة وأم العنود المتخصصة في بيع البراقع والجلابيات فيقلن للأسف لم تتوفق جمعية مراكز الاحياء في اختيار موقع الأسر المنتجة، لذا فإننا لا نستفيد من عرض منتجاتنا في الموقع المخصص لنا. حيث انهم يختارون لنا موقعاً لا يرتاده المتسوقون.

سوق متخصص
وقالت نورة: أكبر دعم لنا كأسر منتجة هو أن يتم عمل سوق دائم خاص للأسر المنتجة حتى نستطيع أن نزاول أعمالنا من خلاله ويصبح معلماً ومجمعا كبيرا لكافة الأسر المنتجة ولكل من يريد التعامل معنا فهناك شريحة كبيرة من المجتمع تهوى الشراء من أية اسرة منتجة لسببين أولا كتشجيع لهم وثانيا رغبة في تذوق واستمرارية الاكلات الشعبية وكذلك استمرارية الاعمال التراثية كالحياكة والكروشيه والسدو وغيرها الكثير من الاعمال التراثية.

مشغولات بدوية
أما السلطانة والتي تخصصت في المطرزات والبخور فتقول أعمل في سوق الأسر المنتجة ولا أجد المردود المادي الجيد ، عدا بعض المهرجانات وهي قليلة جداً والتي يكون مستوى الدخل فيها أفضل، وليس كل ما يعرض يكون مرغوبا، للأسف أن تسويق المشغولات اليدوية التراثية لا يلقى قبولا في السوق، وهذا يجعلنا نتوقف عن عمل هذه المشغولات ونسوق غيرها، وان كنت أتمنى أن يفتح لنا الباب بدعم كامل لعرض مشغولاتنا اليدوية التي تهتم بتراث بلادنا كما أدعو إلى أهمية نشر ثقافة الأسر المنتجة، وثقافة الإنتاج بين المواطنين خاصة في المناطق التي تنتشر فيها ثقافة العيب من الإنتاج وهو أمر مهم جداً، كما أن لمثل للمعارض والبازارت جوانب اقتصادية هامة، حيث توفر أرباحاً لهذه الأسر بما يعزز استمراريتها في العمل وإيجاد الدخل المناسب الذي يساعدها على تحمل أعباء العيش لسنوات قادمة.

نقص الدعم
ومن جانبها قالت سارة إحدى الشابات المبدعات والتي لم تتجاوز العشرين من عمرها، ولديها مشروع منزلي، بدت لي متحمسة لشق طريق تجاري واضح وإظهار إبداعها لعامة الناس، لكنها ذكرت أنه لديها الحماس والإبداع وأيضاً الإنتاجية والوقت، ولا ينقصها سوى الدعم، وسردت العديد من العقبات التي تعترضها في طريقها، منها المغالاة في أسعار الأرفف والطاولات في المهرجانات التي تستضيف الأسر المنتجة، واستغربت تحديد ما يزيد على 5 آلاف ريال إيجاراً لركن مساحته أقل من مترين.


دراسة اجتماعية
من جهته قال الأخصائي الاجتماعي بمستشفى الأمل ربيع العمودي يجب عمل دراسة اجتماعية لهذه الأسر وإجراء نتائج لحلول واقعية لهم ليتبين لنا ما هو الإجراء الذي يتخذ في تحقيق الهدف الرئيسي لهم وأن تكون هناك مشاركة مجتمعية من الوزارات المختصة مثل وزارة التجارة في تسويق منتجات الأسر، كما يجب أن تتولى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية والبلدية بمنح الأسر المنتجة مواقع بإيجار رمزي في أسواق مشهورة مثل المراكز التجارية الكبرى لتسويق المنتجات. وأتمنى من بعض الأسر المنتجة ألا تغالي في أسعار السلع فقليل دائم خيرا من كثير منقطع. “البلاد” بدورها تواصلت مع جمعية مراكز الأحياء والغرفة التجارية بجدة ولكن لم يتم الرد من قبلهم حتى إعداد هذا التقرير.


إيجارات رمزية للأسر المنتجة في الأسواق
المستشار الاسري ومديرة العلاقات العامة في مركز سكون النفس للارشاد الأسري نجاة فرّان قالت بالنسبة لموضوع الأسر المنتجة فهو موضوع حيوي اجتماعي مهم جدا، ولكن لاحظت غلاء ايجار الطاولات والبسطات في البازارات وصعوبة المشاركة أيضا في البرامج والفعاليات مما يسبب لهم مشكلة في الايجار والمورد المالي لذا أقترح من الأمانة أو الجهات المختصة أن تخصص لهم في كل جهة من المدينة مكانا كبيرا مجانيا أو بإيجار رمزي ومساعدتهم على اتخاذ المهنة موردا ماليا للاسرة وقضاء احتياجاتها وأيضا مساعدة المرأة العاملة على قضاء احتياجاتها من الطبخ والشراء وكل ما يخص المرأة العاملة. وبعد اطلاع متعمق لدراسات وإحصائيات ولقاءات أجريتها مع أسر منتجة استنتجت حلولاً عدة، علها تسهم في نمو وتطور هذه الإبداعات، ومن أهمها توفير جهات تمويلية ملائمة لاحتياجاتها، وأيضا إعداد دورات وبرامج تأهيلية للمقبلات على المشاريع من النواحي الفنية والإدارية وأيضا التسويقية، فسح المجال للمبتدئات وتذليل العقبات التي تعترضهن، ومساعدتهن للمشاركة في المهرجات الكبرى، بدلاً من احتكارها على أسر محددة، خصوصاً إذا ما عرفنا أن رؤية 2030 تسعى لرفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22 % إلى 30 %.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *