الثقافية

“أدبي جدة” يناقش مفهوم الهوية في شعر وسرد الأقلام الشابة

جدة- عبدالهادي المالكي

نظم النادي الأدبي الثقافي بجدة اليوم (الأربعاء)  ملتقى قراءة النص في دورتها الـ(16) ، نقاش خلاله مفهوم الهوية في شعر وسرد الأقلام الشابة .

وقدم الدكتور مرزوق بن تنباك، ورقة عن “مفهوم الهوية الوطنية”، أشار في ثناياها إلى أن العصر الحديث والحضارة المدنية المعاصرة بدأ بالهوية الوطنية التي تحقق الانتماء لسكان كل دولة باعتبار وحدتها السياسية واجتماع سكانها في كيان مستقل واحد، وإن تعددت ثقافاتهم ولغاتهم وأديانهم وألوانهم وأجناسهم.

وأوضح مرزوق أن المناهج، التي تعد لتربية الأجيال، اهتمت بتعميق الولاء والانتماء للهوية الوطنية الموحدة وترسيخها في وجدان الشباب وتأصيل دلالتها وإيضاح الجوانب المشرقة لحقوق الهوية الوطنية الجامعة وجعلها هي الرابطة الأقوى بين أفراد  المجتمع.

وتناول ابن تنباك كذلك الهوية الوطنية وأهميتها للفرد والمجتمع، مركزًا على مفهوم المواطنة والهوية الوطنية عند النخبة السعودية خاصة ودلالتها ومدى الوعي بحقوقها وواجباتها بعد التوحيد السياسي للمملكة، مشيرًا إلى أنه اجتمعت بموجب الوحدة السياسية عادات وثقافات وقيم ومذاهب أصبحت كلها تنتمي إلى المواطنة والهوية الواحدة  والحقوق العامة للأفراد والمجتمع. 

آفاق موضوعية

كذلك شارك الأستاذ الدكتور محمد الشنطي بورقة حملت عنوان “الرواية السعودية والعلوم البينية: شرواية (فصام) للدكتور إبراهيم الخضير أنموذجاً”،

تناول فيها موضوع استثمار الرواية السعودية لبعض العلوم البينية رؤية وتشكيلا، مشيرًا إلى أن اختياره لرواية “فصام” جاء لكون مؤلفها الخضير استشاري في الطب النفسي، وكان لذلك أثر في الرؤية والبنية السردية؛ فالشخصية الرئيسة “عنبر” مصابة بمرض الفصام، وكان لمعرفة المؤلف العلمية بأطوار المصاب بهذا المرض، وما يمثله سلوكه في سياقه النفسي الاجتماعي أثره في بناء الرواية؛ فكان – فضلا عن استشرافه لهذه الآفاق الموضوعية التي تستلزم المعرفة بالطب النفسي وما تفضي إليه من انعكاسات في بيئة خاصة على مستويات عدة. مبينًا أن الروائي استطاع أن يوظّف معرفته العلمية توظيفا جماليا أفضى إلى رؤية جديدة، وإذا كان الحقل النفسي ليس جديدا فإن العلاقة بينه وبين الجانب العضوي ميدان التخصص الرئيس للكاتب كان الدافع الأساس لهذا الاختيار.

مفهوم شامل

وفي بحثه الموسوم “ملامح الهوية الوطنية في الشعر السعودي” يتخذ الباحث الدكتور ياسر أحمد مرزوق، أستاذ الأدب والنقد المساعد بقسم اللغة العربية بجامعة تبوك، من ديوان “وطني عشقتك”، للشاعر مُسلّم بن فريج العطوي، نموذجًا لإثبات فرضياته، حيث يشير إلى أن مفهوم الهوية انتشر وغطى مجمل العلوم الإنسانية؛ بل وفرض نفسه على العديد من العلوم، مشيرًا إلى أن ديوان “وطني عشقتك” واحد من تلك الدواوين الذي ركز فيه الشاعر على الوطن وحبه, وعلى الوطنية وجوهرها, ويأتي عنوان الديوان تأكيد على مثل هذه المعاني. مستعرضًا في ضوء ذلك أبرز الملامح الأدبية والفنية في القصائد التي تناولت الوطن في ديوان الشاعر, مقدمة قراءة فنية موضوعية ابتداء بالعنوان وتجلياته, وكيف عبّر الشاعر عن عاطفته الوطنية الجياشة, وما تخلل الديوان من قصائد المدح لشخصيات وطنية بارزة, وغيرها. وكذلك ناقشت عددًا من الظواهر والأساليب الفنية التي تكررت, وكانت لافتة في هذا الديوان كعنصري الزمان والمكان, وما يمكن أن يستجد من أساليب وظواهر فنية أخرى حال اكتمال الورقة بإذن الله. 

هوية مفقودة

كما شارك في الجلسة أيضًا الدكتور محمد سيد علي عبدالعال، أستاذ الأدب العربي المشارك بجامعة جازان، بورقة تناولت “دوائر الانتماء وتقاطبات الهوية في  الخطاب الروائي السعوديّ”، أشار فيها إلى ظهور أنماط للشخصيات الروائية السعودية في القرن الماضي، لا تحمل خصوصية الهوية وملامحها المحددة المتمايزة؛ مرتئيًا في ذلك “هروبًا من سلطة القارئ، الذي تكتنفه سياقات ثقافية تؤطره، وتشكل ذائقته؛ فكان التخفي وراء شخصيات تحمل هويات مغايرة سبيل الروائيين في معالجة وجهة النظر، إلى أن تشكلت البنى الثقافية الجديدة في القرن الجديد؛ فكانت الجرأة التي ميزت سروده واقتحام المسكوت عنه”.

واتخذ عبدالعال من رواية “مجاعة”،  للروائي الشاب جابر مدخلي (1981م)، نموذجًا للتدليل على الفرضيات في ورقته، معللاً هذا الاختيار بكون “مدخلي” أبرز الروائيين الذين تجلت لديهم تيمة الوطن التي شكلت دوائر الانتماء وتقاطبات الهوية في سرده المتصل بداية من روايته “مجاعة” مرورا بروايته البارزة “إثبات عذرية” ووصولا إلى روايته الأخيرة “حوش عباس”.

الهوية والوطن

وفي ورقته المعنونة بـ”ملامح الهوية في الشعر السعودي – ديوان (حزميّات) أنموذجًا”، يذهب الدكتور أحمد الهلالي، الأستاذ بجامعة الطائف، بحث موضوع الهوية في الشعر السعودي، بجميع ملامحها الممكنة في عينة الدراسة في ديوان (حزميّات – ترانيم من وحي عاصفة الحزم)، مقدمًا تعريفًا بموضوع الهوية، وموضوع الوطن، ثم مفهوم (الهوية الوطنية)، متتبعًا من ثم ملامح تلك الهوية بكل تمظهراتها وأبعادها في قصائد الشعراء السعوديين عبر الديوان، قيد النظر والبحث.

مكونات خفية للهوية

ويرصد الدكتور صالح العمري، في ورقته “الهوية المتخيلة: البداوة لدى الشعراء الشباب في المملكة العربية السعودية”، حيث سعى في ورقته إلى الكشف عن المكونات الخفية للهوية البدوية والصور الكامنة للذات والآخر التي يستحضرها الشعراء الشباب في دواوينهم وقصائدهم. وعن مدى الواقعية والوهم في هذه الصور. كما أثارت الورقة السؤال حول دور الهوية الصغرى (البداوة) في ظل الوطن كهوية كبرى تختضن وتشمل الجميع.

مبينًا أن “المطلع على تاريخ المملكة العربية السعودية يجد أن الغالبية العظمى من سكانها كانوا بدوا رحلا، يعيشون بأقل ما توفره لهم طبيعة المملكة وصحراؤها القاسية، ويكافحون للحفاظ على كياناتهم القبلية في وجه التحديات الاجتماعية والطبيعية المتتالية. ولم تكن هذه البداوة مقصورة على نمط العيش بل كانت منظومة ثقافية متكاملة احتضنتها الصحراء وألبستها بلباسها، فنشأت فيها الكثير من القيم والعادات والانماط الاقتصادية والاجتماعية التي مثلت حقيقة الهوية البدوية”.

ريادة بكري

ويختار الدكتور عمر بن عبدالعزيز المحمود حقل القصة مسرحًا لبحثه، مقدمة ورقة بعنوان “تلقي القصة السعودية عند النقاد العرب: مقاربة بكري شيخ أمين أنموذجًا”، مبينًا أن من أشهر النقاد العرب الذين قاربوا الإنتاج الأدبي السعودي بأجناسه المتنوعة الدكتور بكري شيخ أمين في كتابه (الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية) الذي لاحظ في ذلك الوقت المبكر إهمال الدراسات النقدية للأدب السعودي، فعكف على دراسته، محاولاً أن يستقصي بواكير الفنون الأجناس الإبداعية التي ركضت أقلام الأدباء السعوديين في مضمارها، وسعى إلى تتبع تطورها ومدى تأثرها بنظائرها في الأقطار العربية، منتهياً إلى تصور مستقبلها على ضوء ماضيها وحاضرها. وفي ضوء هذا النموذج يقف الباحث عند أهم مفاصل الرؤية والوصف والتحليل فيها، وسبر أغوار أبرز السمات المنهجية، وفحص أهم الملامح الجمالية التي حملتها تلك الدراسة النقدية، وتعرض بالوصف والتحليل لرؤية المؤلف النقدية للقصة السعودية في تلك المرحلة، وعالج ما قدَّمه في مقاربته لهذا النوع الأدبي.

وشهدت الجلسة الثانية تحت إدارة الدكتور حسن النعمي، مشاركة الدكتور حسن حجاب الحازمي بورقة حملت عنوان “الرؤية السردية في رواية (ما تبقى من أوراق محمد الوطبان) لعبة الشكل وتمويه المعنى”؛ حيث قدمت الورقة مقاربة لرواية (ما تبقى من أوراق محمد الوطبان) للكاتب السعودي محمد الرطيان، متكئة على مقولات البنيوية السردية التي تنظر إلى الرواية على أنها تقوم على دعامتين رئيسيتين: حكاية وخطاب.. مبررًا اختياره لهذه الرواية لأسباب فنية، تتعلق ببنية خطابها الروائي، الذي اجتهد الكاتب في تشكيله بصورة تبدو مفارقة للمألوف، وَنّزاعة لإرباك المتلقي، وطامحة للتجديد على كافة مستويات الخطاب، فالرؤية السردية تتكئ على أكثر من راو، بل إنها تتسع لتشمل الكاتب والناشر مع أنهما شخصان حقيقيان يفترض أنهما خارج الخطاب الروائي، والبنية الزمنية متشظية ومربكة تحتاج إلى قارئ يقظ يلتقط مفارقاتها ويعيد ترتيبها، وصيغ الخطاب متعددة ومتنوعة فمن خطاب الكاتب الماثل في العتبات، إلى خطاب السيدة تاء التي تستهل الرواية، وتختمها.

وتحدثت الدكتورة بسمة عروس عن سردية عبد خال بين التمثيل الواقعي والانزياح وهي دراسة في التحولات والأشكال.

فحص آليات التحقيب الزمني

وفي ورقتها الموسومة بـ”تحولات الأدب السعودي وإشكالية التحقيب”، تضع الباحثة الدكتورة لمياء باعشن، هدفًا رئيسًا يتمثل في محاولة رصد الكتل الزمنية المكونة للأدب السعودي، وفحص الآلية المستخدمة في تقسيم فتراته المتتالية على المحور الدياكروني التعاقبي. كما تعرضت لمياء في ورقتها إلى السؤال الاشكالي الأهم: ما أسباب ودوافع التأريخ للأدب؟  حيث يطرح موضوع التحقيب في تاريخ الأدب إشكاليات التأريخ للأدب ومدى صلاحية المفاصل الزمانية لأن تكون تقسيمًا فاصلاً بين الأعمال الأدبية، وإمكانية أن يكون هذا الفصل طامسا لجوهر الأدب اللازمني. مرتئية أن في اختيار محور الملتقى لحقبة “الألفية الثالثة” تحديد لمرحلة مختلفة عن حقب سابقة، لذلك يستلزم هذا التحديد ملاءمة المسمى ظروف اللحظة الزمنية والأدبية التي استدعت إضافة هذه النقلة التنظيمية.

حضور عربي وعالمي

ولم يفوت الدكتور ماجد الزهراني فرصة الحضور الكثيف لرواية “موت صغير” للروائي السعودي موسى العلوي، وحصولها على الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر العربية) لعام 2017م، ليجعلها هدفًا لورقته الموسومة بـ”(موت صغير) في الوعي العربي.. ألق الانتشار وأفق الانتظار”، لقياس مدى الاهتمام بالرواية السعودية، حيث يقرر الزهراني أن الرواية السعودية المعاصرة احتلت مكانة مرموقة على المستويين العربي والعالمي، لما تحفل به من تطورات فنية وفكرية لفتت الباحثين للسبر في أغوار هذه النصوص الإبداعية المنتجة والكشف عن مكنوناتها. جاعلاً من هذا الاهتمام هدفًا للدراسة والبحث عن أسباب الحضور الكثيف لرواية (موت صغير) في الأبحاث والمقالات العربية، فقد رصد الباحث أكثر من 30 مقالة في الصحافة العربية تناولت هذه الرواية منذ صدورها عام 2016م عن دار الساقي، منطلقًا في بحثه من حقل نقد النقد للكشف عن مستويات التلقي والاستقبال.

وعي مبكر

وفي ورقته بعنوان “ناقد النص والمنصة: الغذامي وثقافة تويتر” يذهب الدكتور عادل خميس إلى القول بأن الناقد والمفكر عبدالله الغذامي أحد الذين تنبهوا للتغييرات التي جلبها عصر ما بعد الحداثة، ونبهوا على ضرورة أخذ التحولات القادمة بجدية ومسؤولية. ومنذ تحوله إلى مشروعه في النقد الثقافي بداية الألفية الثالثة، وهو يحاول ممارسة ما عزم عليه، متعاملاً مع الظواهر الثقافية المختلفة بوصفها نصوصاً لها أبعادها وسياقاتها الخاصة.

مضيفًا: تمثل منصة تويتر واحدة من أبرز محطات الغذامي في العقد الأخير؛ فقد انضم الغذامي إلى قوافل المغردين على موقع تويتر في شهر سبتمبر من العام 2011 الميلادي، ومنذ تلك اللحظة وهو حاضر شبه دائم على هذا العالم الذي يعج بالمغردين.

ويرى أن هذا الحضور التويتري المكثف للغذامي يكرس موقفه الذي أعلن عنه سابقاً، كما يمكن القول إن تفاعل الغذامي مع متابعيه ومع عالم تويتر يلخص مسيرة الغذامي في هذا السياق، ويمثل تطبيقاً عملياً لكثير من مواقفه التي أعلن عنها في غير موضع.

تحولات درامية

أما الباحثة الدكتورة أمل التميمي فقد رصدت في ورقتها “تحولات السيرة في الأدب السعودي من الأشكال التقليدية إلى الدراما العالمية”، متسائلة: هل طرأت تحولات على السيرة في الأدب السعودي؟

ماضية من ثم في البحث عن التحولات التي مر بها الأدب الذاتي في المملكة ورحلته من الأشكال التقليدية في الصيغ المكتوبة إلى الشبكة العنكبوتية وغيرها من وسائل التواصل الإلكتروني والتفاعلي إلى الشكل الدرامي، ويوميات اليوتيوب، إلى السينما العالمية. كما ناقشت مسائلة التجريب الإبداعي لأشكال جديدة عن الذات ظهرت عند المرأة السعودية لا تدخل تحت مسمى السيرة الذاتية ولكنها تُعدُّ من الأدب الذاتي مثل النشر المشترك ليوميات نساء سعوديات، مبدية ملاحظة أن هناك تحولاً واضحاً في تقديم السير السعودية بالشكل الدرامي، في المحافل الرسمية والقنوات التلفزيونية والمنصات الإعلامية رجلا كان أو امرأة بطريقة تختلف عن الطريقة المعتادة التقليدية.

قضايا المرأة

وتضع الباحثة مشاعل الشريف، موضوع “تحولات القضايا السردية في الرواية النسائية السعودية:

قضايا المرأة في روايات أميمة الخميس أنموذجاً”، مشيرة إلى أن بحثتها بهذا العنوان يأتي استجابةً لعنوان مُلتقى قراءة النص السادس عشر، وأنه يندرج تحت محور (الآفاق الجديدة في السرد: الأنواع والتقنيات)، متناولة فيه تحولات القضايا السردية في الرواية النسائية السعودية، قضايا المرأة في روايات أميمة الخميس – بشكلٍ خاصٍ – متتبعة أبرز قضايا المرأة في روايات الخميس والتي شكلت سمة عامة في رواياتها – عدا روايتها الأخيرة – (مسرى الغرانيق في مدن العقيق) التي كانت مفصل التحول في قضايا السرد لدى الخميس.

navigate_before
navigate_next

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *