نتذكر بين حين وآخر المعلمين الذين كان لهم دور في تعليمنا في جميع المراحل الدراسية منذ بداية دخولنا أعتاب المرحلة الابتدائية مروراً بالمرحلتين المتوسطة والثانوية حتى المرحلة الجامعية.
حيث تستدعي الذاكرة أسماءهم فمنهم من يحضر اسمه ورسمه فوراً ومنهم من يصعب تذكره ونستطيع القول بأن أسماءهم غابت تماماً من الذاكرة بفعل السنين الطويلة.
فالذين تبرز أسماؤهم سريعاً هم المؤثرون في نفسية الطالب إيجاباً أو سلباً. فالطالب أصدق وأدق من يقيم المعلمين ويكيّل أداءهم ومستوى عطائهم. كون المعلم الحاذق الصادق في عمله المخلص في رسالته الذي يقابل طلابه بحنان أبوي ويتعامل معهم بأسلوب تربوي يظل حاضراً في العقل لا يغيب عن الذاكرة بل تحضر معه كثير من المواقف الجميلة والرائعة أثناء تقديمه لمادته وشرحه لدروسه ومتابعته لطلابه. الذين يقابلونه وأمثاله بالمحبة ويشعرون معهم بالارتياح لأنه كان يستشعر الأهداف ويبسّط الطريقة ويحرص على المنجز، فتكون نتائجه مشرفة بنجاح طلابه وإتقانهم للمهارات المطلوبة وارتفاع مستواهم فتبقى ذكراه عاطرة عالقة بالنفوس مشبعة بالمحبة والاحترام والتقدير، ومنهم من يحضر اسمه سريعاً كذلك ولكنه مصحوب بالألم !
بحكم تعامله الجاف بالضرب والترويع والنّهر والتّوييخ …والمعاملة القاسية التي تفتقر لأبسط المعايير التربوية ، فكم من طلاب تغرّضوا لعنفٍ لا مبرر له وكلمات جارحة لا داعي لها وتحطيم معنوي منقطع النظير، ربما أدّى بهم إلى الانقطاع وترك مقاعد الدراسة، لأن أحد أولئك الصغار لم يجب عن سؤال أو لم يحضر واجباً أو لأنه شوهد وهو يلعب خارج وقت الدوام !! وهناك مشاهد مؤلمة فعلاً تسبّبت في خلق المشكلات النفسية والدراسية لبعض الطلاب بسبب فظاظة هؤلاء المعلمين الذين يستقرّون في الذاكرة ، لكن ذكراهم محفوفة بالألم النفسي والجسدي حتى لو تقادمت الأيام والسنين.
وهناك نوع آخر من المعلمين غير المؤثرين الذين يؤدون أعمالهم بطريقة تقليدية رتيبة جداً لا تشجيع فيها لمتفوق ولا تحفيز لمثابر ولا نشاط لمبدع … بداية الحصة كنهايتها وأول العام كآخره ! حضورهم لمجرد الدوام الرسمي ، حيث تجد الواحد منهم لا يعرف المتقدم من المتأخر دراسياً ولا الجاد من المهمل. لا يحرصون على تجديد معلوماتهم وتحسين مستوياتهم العلمية ولا تطوير أساليبهم التربوية يحجمون عن حضور الدورات غير عابئين بالارتقاء بالذات. ومن أجل ذلك ينساهم الطلاب، ويغيبون عن الذاكرة لعدم ترك الأثر الإيجابي في نفوس الطلاب.
وهنا يظل المعلم أمام محكٍّ مهم أمّا أن يثبت قدراته ويطوّر عمله ويفيد طلابه بالجديد والمفيد ويتعامل معهم بالأسلوب الأمثل، ليكسب التقدير والاحترام حاضراً ومستقبلاً .والدعاء له بظهر الغيب لينال الأجر والثواب. وإما أن يضع اسمه مبكراً في الهامش.