المحليات

السمنة المفرطة وراء إصابة الأطفال بالمرض الحلو

 جدة ـــ ياسر بن يوسف

اثارت رسائل عبر مواقع التواصل الإجتماعي جدلا كبيرا حول علاقة الخوف بالإصابة بداء السكري إذ حملت إحدى الرسائل مضمونًا مفاده أن معلمة وبخت طالبة بصوت عال فنتابها خوف شديد وتسبب ذلك ـــ وفقا للرسالة ـــ إلى تعطل البنكرياس وإصابتها بالسكري، وثمة رسالة أخرى تفيد بأن معلمة أخرى هددت طالبة بالعقاب لأنها لم تحل الواجب مما ادى إلى إصابتها بالسكري، وقد أثارت هذه الرسائل الذعر بين الآباء, الأمر الذي دعاهم إلى التواصل مع الأطباء لمعرفة مثل هذه “المزاعم”. وبيّن تقرير صدر عن المركز الوطني للإعلام والتوعية الصحية في وزارة الصحة بالمملكة أن نسبة الإصابة بمر

ض السكري تزداد مع التقدم في العمر، وبلغت هذه النسبة في السعودية 13.4 في المئة للفئات العمرية من 15 سنة فما فوق، و50.4 في المئة بين من بلغوا 65 سنة فأكثر، كما أن 45 في المئة من المصابين لا يعلمون بوجود السكري لديهم.

«البلاد» حملت روشتة الهواجس الخاصة بأسر الأطفال والتقت بعدد من الأطباء الذين فندوا مزاعم رسائل مواقع التواصل الاجتماعي مؤكدين أن هناك حزمة من التداعيات المرتبطة بإصابة الأطفال بالسكري منها إنه خلال الـ20 عاماً الماضية انتشرت السمنة بشكل كبير بين فئات الأطفال والبالغين والمراهقين والشباب في جميع أنحاء العالم بما في ذلك المجتمع السعودي مما أدى إلى زيادة ظهور السكر من النمط الثاني لدى هذه الفئات العمرية، لافتين في الوقت نفسه إلى أن هذا النمط من السكري لم يكن معروفاً في العقود السابقة إلاّ في البالغين وكبار السن، ويقدر حدوث الحالات الجديدة من النمط الثاني لدى شرائح الأطفال 3000 حالة جديدة سنوياً في المملكة وهذا العدد يعتبر كبيرا ومخيفا، ويرجع سببه الأساسي إلى انتشار السمنة.

وتابع الأطباء أن العديد من الدراسات الطبية أوضحت أن كثيرا من أطفال مجتمعنا السعودي يعانون ارتفاعا ملحوظا في الأوزان التي لا تتفق مع أطوالهم نتيجة زيادة تناول الوجبات السريعة وعدم ممارسة أي نشاط رياضي، الجلوس ساعات طويلة على الأجهزة الإلكترونية وتناول الأطعمة التي تحتوي على نسب عالية من الدهون وزيادة تناول المشروبات الغازية.

وفي هذا السياق أوضح استاذ واستشاري الغدد الصماء بكلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة البروفيسور عبدالمعين الأغا، أن كل ما جاء في تلك الرسائل ليس صحيحًا جملة وتفصيلا، إذ ان النوع الأول من السكري يرجع إلى تكون الأجسام المناعية الذاتية وهي عديدة تهاجم خلايا بيتا المفرزة للانسولين وينتج عن ذلك نقص إفراز هذا الهرمون من قبل قناة البنكرياس، أما النوع الثاني من السكري فهو مكتسب وسببه السمنة إذ تقل حساسية الانسولين في الجسم، ولكلا النوعين منظومة علاجية يتم تحديدها من الأطباء.

ونصح البروفيسور الأغا بضرورة توجيه الأطفال في التخلص من العادات الغذائية الخاطئة و(الآباء يمثلون القدوة) في هذا الجانب، بالإضافة إلى ضبط النفس وتعويدها على السلوكيات الصحيحة ومنها الاعتدال في تناول الطعام، والاستفادة من المماشي المنتشرة داخل الأحياء في ممارسة رياضة المشي، ومعالجة هشاشة العظام ونقص فيتامين دال وأيضا قصر القامة إن وجدت حالة داخل الأسرة.


نشر البلبلة
وأشار إلى انه يتردد بين حين وآخر في مواقع التواصل الاجتماعي انتشار رسائل غير صحيحة ومبالغة في مضامينها تؤدي إلى نشر البلبلة في أوساط المجتمع، مؤكدا على أهمية عدم تخويف الأطفال تفاديا للانعكاسات النفسية والاجتماعية.
وخلص استشاري الغدد الصماء إلى القول إن طرق الوقاية من الإصابة بمرض السكري تتمثل في تناول الغذاء الصحي الغني بالخضار والفواكه والابتعاد عن الوجبات الجاهزة والدسمة عالية السعرات الحرارية والدهون، والتقليل من تناول الحلويات والإقلاع عن التدخين والابتعاد عن مواقع تجمع المدخنين والحرص على أداء التمارين الرياضية.

ممارسة الرياضة
وأضاف الأغا أن تناول الوجبات غير الصحية من قبل الأطفال ساهمت كثيرا في انتشار السمنة بينهم، خصوصاً أن ذلك الارتباط بين الأكل غير الصحي وعدم ممارسة الرياضة يعد سببا رئيسيا للإصابة بأمراض السكري.
ويضيف الدكتور علينا أن نرفع حالة التأهب لتغيير النظام الصحي للأطفال من خلال خلق مساحات واسعة لممارسة الرياضة وتوفير أكل صحي متوازن ومنع الوجبات السريعة والمشروبات الغازية الضارة للحد من انتشار السمنة.

مضاعفات المرض
أما استشاري طب وجراحة العيون الدكتور ياسر عطية المزروعي فيقول: أولًا اوكد انه لا علاقة بين التخويف والإصابة بداء السكري ، وكل ما جاء في الرسالة المنتشرة لا يستند إلى حقائق علمية فمعروف طبيا انه عندما تصاب خلايا “بيتا ” الموجودة في البنكرياس بالضرر، تقل كمية الإنسولين المفرزة بشكل تدريجي، وتستمر هذه العملية سنوات عديدة ، إذا ما ترافقت هذه الحالة مع وجود “مقاومة الإنسولين”، فإن هذا المزيج من كمية إنسولين قليلة ومستوى فاعلية منخفض، يؤدي إلى انحراف عن المستوى السليم للجلوكوز (السكر) في الدم، وفي هذه الحالة يتم تعريف الشخص بأنه مصاب بمرض السكري، فمشكلة داء السكري لا تقتصر على المرض نفسه، بل ان هناك مضاعفات عديدة تؤثر على أعضاء الجسم الأخرى.

إذ قد يؤدي الإصابة بمرض السكري إلى: ارتفاع تدريجي في ضغط الدم ، اضطرابات مميزة في دهنيات الدم، وخاصة ارتفاع ثلاثي الغليسريد ، انخفاض البروتين الشحمي رفيع الكثافة (الكولسترول الجيد – HDL) كما يصاب مرضى السكري إجمالا بأضرار مميزة في الكليتين، في شبكيتي العينين، وفي الجهاز العصبيّ ، لكن تختلف المضاعفات الناتجة عن مرض السكري تبعا لنوع السكري.

مضاعفات خطيرة
وشدد المزروعي على ضرورة عدم تداول أية رسائل وخصوصًا إذا كانت مرتبطة بالأمراض وضرورة استقاء المعلومات من مصادرها العلمية والمرجعية وخصوصًا من الطبيب المعالج تفاديًا للوقوع في أمور قد يترتب عليها مضاعفات خطيرة على صحة المريض.

اضطرابات هرمونية
وحول الخوف وانعكاساته على صحة الفرد يقول الباحث الاجتماعي طلال محمد الناشري :داء السكري له اسبابه ولا صحة ما تردد عبر رسالة منتشرة في المجتمع بأن الخوف يصيب الإنسان بالسكري.وبين أن علماء النفس عرفوا الخوف بأنّه شعور يُصيب عقل الإنسان المترقب لحدوث أمر سلبي له من خطر معين، وقد يكون هذا الشعور حقيقياً، أو مجرد خيال ووهم لا وجود له، ويعزى سبب الخوف إلى عدة أسباب قد صنفها العلماء، والأطباء النفسيون بأنها نواتج محض نفسية وسلوكية يُعاني منها الأفراد الذين يترقبون حدوث شيء ما لهم بالمجمل، وقد تكون اضطرابات هرمونيّة داخلية يُسبّبها وجود خطر محدق بالفعل بالشخص الخائف.وأكد انه قد ترتفع مستويات السكر في الدم في حالات القلق والخوف عند المريض بالسكر أساسًا.

أسبابه معروفة
أما استشاري الطب النفسي الدكتور محمد إعجاز براشا فقال لداء السكري أسباب معروفة ومحددة ومنها ما هو وراثي كالنوع الأول من السكري، والآخر مكتسب كالنوع الثاني ولكليهما عوامل ومنظومة علاجية.
وبين ان أعراض الخوف عادة تتمثل في الشعور المفاجيء بالهلع والرعب وزيادة سرعة ضربات القلب وألم بالصدر بعض الأحيان والشعور بعدم الاستقرار أو الاحساس بالدوار مع صعوبة فى التنفس وتنميل فى الأطراف وزيادة بكمية العرق والشعور بتعب بالمعدة وكل هذه الأعراض يتم علاجها بعد تشخيصها لدى الطبيب المختص.

وألمح في ختام حديثه إن السكري نوعان: السكري من النوع الأول ويحدث هذا النوع نتيجة عدم إنتاج البنكرياس للإنسولين، وذلك نتيجة مهاجمة جهاز المناعة لخلايا بيتا في البنكرياس المنتجة للإنسولين وتدميرها، ويطلق عليه أيضا اسم السكري المعتمد على الإنسولين وسكري اليافعين.

والسكري من النوع الأول قد يكون وراثيا، أي أنه يظهر في عائلات معينة.
أما السكري من النوع الثاني فيحدث بسبب مقاومة في خلايا الجسم لهرمون الإنسولين أو عدم كفاية كمية الإنسولين في البنكرياس، وذلك نتيجة لعدة عوامل أهمها زيادة الوزن وقلة النشاط البدني، وأيضا الوراثة، ولا علاقة له بالغضب أو الزعل. ويطلق عليه أيضا اسم السكري غير المعتمد على الإنسولين وسكري البالغين، ومن هنا فانه لا صحة بان الخوف يصيب الأطفال بداء السكري.

وأضاف أن تشخيص داء السكري من النوع الأول قد يكون مُربِكًا في البداية. فجأة يجب عليكِ أنت وطفلك أن تتعلموا كيفية إعطاء الحُقَن، وحساب كمِّيَّة الكربوهيدرات، ومتابعة سكر الدم.
يتطلَّب داء السكري من النوع الأول رعاية مستمرَّة. والتقدُّم في متابعة سكر الدم وتوصيل الأنسولين يؤدَّى إلى تحسُّن التحكُّم اليومي في الحالة.

عوامل خطر الإصابة بالسكري لدى الأطفال تؤكد الإحصائيات الطبية أن أي شخص إذا كان أحد والديه أو أشقائه مصابًا بداء السكري من النوع الأول، فإنه سيتزايد لديه قليلًا خطر الإصابة بهذه الحالة ، لأن الاستعداد الوراثي. يُشير إلى وجود بعض الجينات إلى خطر الإصابة بسكري النوع الأول.

كما أن العِرق في الولايات المتحدة، يُعَد داء السكري من النوع الأول أكثر شيوعًا بين الأطفال البيض غير الإسبانيين مقارنةً بالأعراق الأخرى. ولم يَظهر أيُّ عامل غذائي محدد أو مغذٍّ في مرحلة الطفولة ليلعب دورًا في ظهور داء السكري من النوع الأول. ومع ذلك، رُبِط تناول حليب البقر في سن مبكرة بزيادة خطر الإصابة بداء السكري من النوع الأول، في حين أن الرضاعة الطبيعية قد تقلل من خطر الإصابة به. إن توقيت تقديم الحبوب في نظام غذائي للطفل قد يؤثر أيضًا على خطر إصابته بداء السكري من النوع الأول.

تتطور مضاعفات النوع 1 من داء السكري تدريجيًا. إذا لم يتم التحكم جيدًا في مستويات السكر في الدم على مدار فترة طويلة من الزمن، فقد تسبب مضاعفات داء السكري في نهاية المطاف إعاقة أو قد تكون مهددة للحياة.
وتتضمن المضاعفات أمراض القلب والأوعية الدموية. كما يزيد داء السكري بشكل كبير من خطر إصابة الطفل بحالات، مثل مرض الشريان التاجي المصاحب لألم في الصدر (ذبحة صدرية)، ونوبة قلبية، وسكتة دماغية، وتضييق الشرايين (تصلب الشرايين)، وارتفاع ضغط الدم في وقت لاحق من الحياة.

وتلف الأعصاب. ويمكن أن تؤدي نسبة السكر الزائدة إلى إصابة جدران الأوعية الدموية الصغيرة التي تغذي أعصاب الطفل، وخاصة في الساقين. وقد يتسبب ذلك في الشعور بوخز أو خدر أو حرق أو ألم. عادة ما يحدث تلف للأعصاب تدريجيًا على مدار فترة طويلة من الوقت.

كما يتسبب في تلف الكلى. إذ يمكن أن يؤدي داء السكري إلى تلف العديد من مجموعات الأوعية الدموية الصغيرة المسؤولة عن تصفية الفضلات من دم الطفل. ما يؤدي التلف الشديد إلى الفشل الكلوي أو إلى الإصابة بالمرحلة الأخيرة من مرض الكلى الذي لا يمكن علاجه، مما يتطلب غسيل الكلى أو زراعة كلى.
وإصابة العين. يمكن أن يؤدي داء السكري إلى تلف الأوعية الدموية في شبكية العين، والتي قد تؤدي إلى ضعف الرؤية وربما تسبب العمى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *