اجتماعية مقالات الكتاب

عشق الماضي

أرسلت مجموعة من صور قديمة – مستدعاة من متحف الذاكرة والانترنت وعبر وسائط التواصل لمجموعة من الاصدقاء وافراد العائلة، ويكاد يكون رد فعلهم او التعليق على تلك الرسائل واحدا من قبلهم، ” الله يرحم ايام زمان، قول للزمان ارجع يازمان، كانت ايام حلوة،”
هذا ما جعلني اخاطب نفسي واطرح الاسئلة التالية :

لماذا ترتبط السعادة دائما بالماضي ؟! ، وما رأي الاجيال الجديدة في صور وطقوس الماضي ؟!، وما مدى تأثير هذه الفجوة الوجدانية والفكرية بين الاجيال؟ !.. وهل جيلنا، نحن الكبار محقا في هذا التعلق، وماهي دوافعه ؟!

انني ارى شعورا جارفا بالحنين من قبل الكثيرين لعادات وتقاليد وادوات وازياء الزمن الذي عايشناه ونحن صغارا، فهناك الكثيرون من ابناء جيلي رجعوا الى اللباس التقليدي مثل العمة والغبانة والشال والدقلة والسديري والساعة معلقة بسلسلة داخل الجيب.
انا شخصيا اجدني مستمتعا برؤية هذا التراث والحفاظ عليه وتطويره، ولكن الملفت ان العديد من شباب اليوم يعتمرون العمة واللباس التقليدي القديم. !! بل يتباهون به ويفتخرون بانهم يعودون الي الجذور والعراقة.

وعندما سألتهم عن سبب ذلك،للاسف لم يجبني احد اجابة مقنعة لهذا التوجه او السلوك، اهو قناعة فعلية بما يفعلون، ام انه تاثير الوالدين والمجتمع عليهم، ام البحث عن الذات والتميز بين الاقران؟!

وحاولت ان ابحث واناقش الموضوع من جوانب نفسية اجتماعية وعقلية، واليكم ماتوصلت اليه: علماء النفس والاعصاب يقولون باهمية الماضي وذكرياته، حيث الذاكرة ضرورية لصياغة الاحداث والسيناريوهات المختلفة للمستقبل. ويقولون ان قدرتنا على تصور المستقبل واستعادة الماضي تتكون لدينا في السنة الخامسة من العمر تقريبا، وان الذين لديهم القدرة القوية عليى تذكر واستعادة الماضي كذلك يستطيعون رؤية المستقبل بوضوح اكثر.

ولقد اثبتت الصور التي اخذت بالاجهزة المختلفة لمسح الدماغ البشري، ان المناطق التي تعمل اثناء تخيل او تصور المستقبل، هي نفس الاماكن والمواقع التي تعمل في الدماغ اثناء عمليات التذكر واستعادة الماضي، وهذا يعني ان المخ يستعين بتجارب الماضي لصياغة المستقبل.

وبناءً علي ماسبق، نستطيع ان نقول ان ارتباطنا بالماضي وجماله يكون للاسباب التالية:
** عدم وجود معلومات كافية عن المستقبل يقودنا الى الخوف من المجهول.
** كلما حاولنا ان نفكر او نخطط للمستقبل فان الدماغ يختار ذكريات من الماضي بعينها لا تشكل تهديدا او ذكريات اليمة، ولا تعتبر مفاجئة.

واخيرا نحن نتوقع ان تصورنا للمستقبل اكثر مجازفة من العيش في الماضي.
يا اصدقائي، اعشقوا الماضي كما تشاؤون، ولكن الاجيال القادمة، لها علينا حقوق في بناء مستقبلهم كي يعيشوا في الكون مع اقرانهم عليى قدم المساواة.
Sent from Yahoo Mail on Android

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *