الدولية

ورطة إيرانية بالداخل والخارج.. الأذرع مرتبكة.. وأمريكا متأهبة

البلاد – رضا سلامة

دخلت إيران في ورطة بين الحفاظ على هيبتها وإرضاء الداخل بالرد على مقتل سليماني، وعدم استفزاز أمريكا التي حددت خطوطا حمراء جديدة في صراعها مع إيران بتصفيتها لقائد فيلق القدس،

فقد تراجع النظام الإيراني ومليشياته، أمس الخميس، عن إعلانهم مقتل أو استهداف عشرات الأمريكيين، ونُقل عن أحد قادة الحرس الثوري، أمير علي حاجي زادة، قوله إن ضربات طهران الصاروخية على أهداف أمريكية بالعراق لم تستهدف قتل جنود أمريكيين وإنما الإضرار بالآلة العسكرية، وتبرأت ميليشيا الحشد الشعبي العراقية الموالية لإيران من قصف السفارة الأمريكية أو استهداف الوجود العسكري الأجنبي في العراق، وقال القيادي بالمليشيا، جواد الطليباوي، إن “الحديث عن استهداف الحشد الشعبي للمنطقة الخضراء بقصف صاروخي كلام عار عن الصحة.

من جهته قال نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس إن بلاده تلقت معلومات بأن إيران طلبت من مليشيات حليفة لها ألا تهاجم أهدافًا أمريكية.

وأضاف “نتلقى معلومات استخباراتية مشجعة بأن إيران تبعث برسائل لتلك الميليشيات نفسها بألا تتحرك ضد أهداف أمريكية.
وأفادت مصادر حكومية أمريكية وأوروبية مطلعة على تقديرات المخابرات، إن إيران سعت عمدًا إلى تجنب وقوع أي خسائر في صفوف الجنود الأمريكيين خلال قصفها الصاروخي لقواعد عراقية تستضيف القوات الأمريكية، ردًا على مقتل قاسم سليماني، مبينة أن الإيرانيين تعمدوا أن تخطئ الهجمات القوات الأمريكية للحيلولة دون خروج الأزمة عن السيطرة مع توجيه رسالة للداخل بأن طهران انتقمت.

وقال وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبر، إن الولايات المتحدة استعادت مستوى من الردع بمواجهة إيران، مؤكدًا أن جيشه لا يزال “جاهزًا ومستعدًا”، فيما ذكرت السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة كيلي كرافت، في رسالة إلى مجلس الأمن الدولي، أن واشنطن مستعدة للدخول في مفاوضات مع إيران لمنع تعريض السلام والأمن الدوليين لمزيد من الخطر أو للحيلولة دون حدوث تصعيد إيراني، مشيرة إلى أن قتل سليماني كان مبررًا ودفاعا عن النفس، ويهدف إلى ردع إيران عن شن أو دعم هجمات وتقليص قدرتها على ذلك، مشددة على استعداد أمريكا لاتخاذ إجراءات إضافية إذا اقتضت الضرورة لمواصلة حماية جنودها ومصالحها.

وتشير الدلائل إلى أن إعراب واشنطن عن استعدادها للحوار مع طهران لا تعني تقديم أي تنازلات لنظام الملالي، حيث أن حلحلة الحوار السياسي بين الطرفين “إن حدثت” لن تتزامن مع تخفيف العقوبات الأمريكية وفق سياسة “الضغط الأقصى”، والنموذج الكوري الشمالي خير دليل، الأمر الذي يتوافق مع إعلان ترامب فرض عقوبات جديدة على إيران على خلفية استهدافها القاعدتين في العراق، منوهًا إلى أن إدارته ستواصل بالتوازي دراسة الخيارات الأخرى.

وأكد ترمب أن هذه العقوبات القوية ستبقى حتى تغير إيران سلوكها، ما يؤكد أن واشنطن لن تتزحزح عن مطالبها من طهران لبدء صفحة جديدة، تتضمن اتفاقا نوويا جديدا أكثر صرامة، والحد من برنامجها الصاروخي، والتخلي عن تدخلاتها في شؤون دول الإقليم، وإيقاف دعمها لأذرعها الإرهابية بالمنطقة.

وبينما إيران تبدو مدركة أن أي عدوان على أمريكا أو مصالحها ودول الجوار ستكون كلفته باهظة قد تصل لسقوط النظام، بعدما حملتها واشنطن المسؤولية عن أي اعتداء لأذرعها، منذرة برد قاس، وتعاني مليشياتها من إرباك في ضوء الموقف الإيراني والإنذار والتأهب الأمريكي، وما تواجهه من رأي عام في بلدانها رافض لعملاتها للأجندة الإيرانية، ما يحد من قدرتها على استهداف أمريكا بشكل جدي.

وكل المعطيات السابقة، تشي بمحدودية خيارات طهران التي باتت محصورة بعقوبات قصوى وتصعيد عسكري محتمل، فيما أذرعها التي استثمرت فيها طويلًا في أصعب وأضعف حالاتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *