الدولية

لبنان… الانسداد السياسي يضاعف المخاطر الاقتصادية والأمنية

البلاد – مها العواودة

مازال لبنان يدور حول نفسه في حلقة مفرغة، مع إعلان الرئيس عون قبل ساعة من موعد انطلاق الاستشارات النيابية، أمس الاثنين، تأجيلها لبعد غد الخميس لمزيد من التشاور، بطلب من رئيس الحكومة المستقيل، سعد الحريري. وجاء تأجيل الاستشارات النيابية بعد يومين شهدا مواجهات عنيفة في وسط بيروت، حيث اعتدى ما يسمى بـ”حزب الله” وحلفاؤه على المتظاهرين وأحرقوا خيامهم في ساحة الشهداء، ووقعت اشتباكات بين القوى الأمنية ومتظاهرين رافضين لتشكيل حكومة تكنوسياسية، ومطالبين بتأليفها من التكنوقراط فقط. في وقت تتباين مواقف الكتل السياسية بشأن طبيعة وشكل الحكومة الجديدة، وتتزايد معاناة اللبنانيين من تدهور الأوضاع الاقتصادية، التي يفاقمها الانسداد السياسي الحالي.

الطريق الوحيد
أكد الكاتب الصحافي اللبناني أسعد بشارة، أنه في ظل رفض حكومة التكنوقراط، سيبقى لبنان أسيرًا للأزمة التي يفرضها عليه ما يسمى بـ”حزب الله” وحلفاؤه، الذي يصر على إعادة الإمساك بقرار الحكومة وزمام الأمور؛ باعتبارها وسيلة للسيطرة على السلطة التنفيذية، وكذلك من غير المتوقع خروج لبنان من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها.

وأضاف لـ(البلاد): إن حكومة التكنوقراط الطريق الوحيد لوقف الفساد ولنيل المساعدات الخارجية، التي ستشكل مقدمة لإنقاذ الاقتصاد المنهار، فضلًا عن أنها ستؤدي إلى رفع يد السياسيين عن السلطة التنفيذية.

الانتفاضة ستستمر
وقال الكاتب والمحلل السياسي د. عماد الدين الجبوري: إن مايسمى بـ”حزب الله” يصر على فرض رؤيته، لضمان استمرار سيطرته على صناعة القرار، وفق ما يخدم المصالح الإيرانية بلبنان والمنطقة.

وأضاف لـ(البلاد): إن اعتداءات الحزب وحلفائه على المتظاهرين من جهة، والمناوشات بين المحتجين وقوات الأمن، هي نتاج ممارسات الحزب وعرقلته لتشكيل الحكومة وفق مطالب الحراك، مما يزيد أكثر فأكثر من انسداد الأفق السياسي.

وأكد “الجبوري” أن الانتفاضة ستستمر وتتصاعد وستكون لها تأثيرات على الطبقة السياسية، وخاصة على الحزب الإيراني، ومنطق التاريخ يثبت انتصار إرادة الشعب على البطش.

نفق مظلم
وقالت عضو المكتب السياسي لحزب الكتائب اللبناني المحامية ريتا بولس: إن تأجيل الاستشارات النيابية يؤكد عدم إدراك الطبقة السياسية لمسؤولياتها الوطنية، حيث يمر لبنان بمرحلة دقيقة من تاريخه، لاسيما من الجهة الاقتصادية، فالشعب بات قاب قوسين أو أدنى من الجوع والفقر والبطالة.

وأضافت لـ(البلاد): إن عام 2020 يطل على لبنان و 60٪ من شعبه عاطل عن العمل، وهذا كله سيولد الفوضى والفلتان خلال المرحلة القادمة.

وشددت “بولس” على أن السلطة السياسية عليها أن تسمع صوت الناس وتلبي مطالبهم، وتبادر بتسمية رئيس للحكومة حيادي مستقل نزيه يحوز على ثقتهم، وإلا سيدخل لبنان بنفق مظلم.

قضايا الناس
ورأت الكاتبة اللبنانية نجوى أحمد، أن انسداد الأفق السياسي ينعكس سلبًا على الاقتصاد وقضايا الناس الحياتية والمعيشية اليومية، مما زاد مخاطر انزلاق البلاد نحو انفجار أكبر.

وأضافت لـ(البلاد): إنه وبعد شهرين من الحراك ما زالت التفاهمات غائبة بين السياسيين والاستشارات النيابية مؤجلة، بينما تتزايد التوترات الأمنية على الأرض أثناء تحركات مناصري ما يسمى بـ”حزب الله” وحلفائه في شوارع بيروت، عبر مواكب الدراجات النارية والاعتداء على الثوار السلميين والقوى الأمنية. وأكدت “أحمد” أن المخاوف تتصاعد نتيجة المؤشرات الاقتصادية والمالية المقلقة، في ضوء ارتفاع سعر صرف الدولار، وتعثر وإقفال آلاف المؤسسات، وعشرات آلاف الموظفين باتوا مهددين بفقدان وظائفهم، ودخول القطاع الاستشفائي مرحلة خطرة للغاية.

تفجير الوضع الأمني
وقال الكاتب والمحلل السياسي حمادة فراعنة: إن الصيغة الطائفية السائدة لم تعد مناسبة، خاصة والشعب اللبناني يتسم بالتحضر والعصرنة، ولهذا رفع المشاركون في الاحتجاجات شعار إسقاط ” كلن يعني كلن”. وأضاف لـ(البلاد): إن ما يسمى بـ”حزب الله” وشركائه يحاولان تفجير الوضع الأمني وخلق صدامات عنيفة، لدفع قطاعات شعبية لتجنب المشاركة في الحراك. ولفت “فراعنة” إلى أنه رغم افتقاد الحركة الاحتجاجية للقيادة الواضحة والإدارة المنظمة، إلا أن الإصرار الشعبي على التغيير، يؤكد أن الوضع السابق لن يعود والنهايات مفتوحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *