اجتماعية مقالات الكتاب

للكلمة أثر

نشأت هند كأية طفلة تقتدي بوالديها، فكانت كثيرا ما ترى والدها يقرأ في مكتبه المليء بالكتب، أصبحت تسلك نهجه، تمسك الكتاب وتحاول أن تفعل كما يفعل حتى تعلمت القراءة، وشغفت بها، فكانت تقرأ الكثير من المجلات والكتب المختلفة وهي في عمر صغير.

قراءة هند الجيدة جعلها محط اهتمام من قبل صديقاتها ومعلماتها، شاركت في العديد من الإذاعات الصباحية في مدرستها، الجميع يشهد بأنها متحدثة جيدة وهذا الأمر زاد من ثقتها، فكونت العديد من الصداقات وكانت اجتماعية من الطراز الأول.

انتقلت هند إلى مدرسة أخرى، وفي أول أسبوع دراسي لها، تغيبت طالبة من المشاركات في الإذاعة الصباحية، فطلبت إحدى المعلمات من هند أن تكون بديلة عن الطالبة المتغيبة، وافقت هند بلا تردد فهي تتحدث بارتجال كما يقولون، إضافة على ذلك بأن ماستقدمه تحفظه عن ظهر قلب.

ظنت هند بأنها ستنال إعجاب الكثير من المعلمات والطالبات كما كانت عليه في السابق، حتى وقفت على خشبة المسرح فبدأت علامات التوتر عليها، بسبب رهبة المدرسة الجديدة، عندها شعرت بأنها لا تستطيع أن تقرأ، فأخذت كتاب لتقرأ منه، حاولت جاهدة أن تقرأ ولم تستطع، كانت تقرأ كطفل يتعلم تهجئة الحروف، حتى صرخت إحدى المعلمات وقالت “خير ماتعرفي تقرأي”وصلت لسادس يا بليدة يا كسلانة ! ” بل قالت لها المديرة في يوم ما ” أنت مكانك بزاوية الساحة وأردفت عبارات محبطة “.

فقدت هند بعد هذه الحادثة ثقتها بنفسها، خسرت جميع علاقاتها الاجتماعية، لا ترغب الطالبات بأن تكون هند واحدة منهن، أو حتى التحدث معهن.

حاولت بعد ذلك استعادة ثقتها، فاشتركت في فريق إيثار المستقبل للتطوع بالرغم من معارضة عائلتها بسبب صغر سنها، إلا أنها حاربت واستطاعت أن تبرهن للجميع بأنها تستطيع أن تفعل الكثير.

هند الآن القائدة لفريق ” إيثار المستقبل” للتطوع وبفضل الله ثم جهودها وجهود فريقها تحول من فريق إلى نادي، يقدم العديد من البرامج التدريبية والدورات، تسعى الآن ليكون نادي ” إيثار المستقبل ” مؤسسة تدريب، شاركت في العديد من الحملات والبرامج التوعوية.

هند منصور مدربة معتمدة من المعهد الكندي ولديها نشاطاتها التطوعية والربحية أيضًا، والأهم من هذا كله تغلبها على مخاوفها، فهي الآن تستطيع التحدث أمام الكثير من الأشخاص بدون قلق وخوف.

تذكرني قصة هند بمعلم مخترع الكهرباء “توماس أديسون” عندما قيل له “إنك غبي لا فائدة منك!” وبعد ثلاثة أشهر تم طرده من المدرسة بحجة أنه كان متخلفًا، وإن هذه المدرسة لم تؤسس للمعوقين.

انتقوا كلماتكم جيدا، فإن لهذه الكلمات أثرا عظيما على النفس، فهي إما أن ترفع الشخص إلى السماء أو تهبط به أسفل الأرض.
almaha.am1994@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *