تعميم التوافق وتقريب وجهات النظر، ولم شتات العرب والمسلمين، والعمل الجاد المخلص لرفع راية الإسلام، جهد سعودي مستمر بفعل استشعار الأهمية البالغة لتجاوز التحديات والمنغصات، وحماية الامة من مخرجات مخططات عدائية ليست جديدة تحاك في السر والعلن ضد الامة العربية بشكل خاص،مستهدفة الإسلام الحق بشكل عام.
بالأمس رعى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بمتابعة سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان توقيع وثيقة الرياض لرأب الصدع بين الاشقاء اليمنيين في اطار رعاية شاملة توليها المملكة لتحقيق استقرار اليمن الذي تربطنا معه أواصر الدين والقربى والعروبة والجوار.
ففي الرياض عاصمة الحوار والسلام وحاضنة التضامن، منحت الحنكة السعودية ترياق السلامة وطوق النجاة للشعب اليمني من فتنة احتراب لامبرر لها، كانت هدية مجانية للأعداء ، وباهظة الثمن عليه ، لو اتسعت – لاسمح الله – لم تكن نيرانها تبقي ولا تذر من مقدراته ومن نسيجه الوطني ، الذي هو احوج ما يكون للتمسك بروح الاتفاق وإرادة التلاحم ، انتصارا لمعركة المصير حتى زوال الانقلاب وآثاره المأساوية. فهذا الاتفاق التاريخي رأب الصدع ، ووأد الفتنة في مهدها ، وجمع الفرقاء على هدف أسمى هو إعلاء المصلحة الوطنية لبلادهم ، ومواجهة التحديات المصيرية المتمثلة في الانقلاب الحوثي وجرائم ميليشياته الإرهابية وكلاء ايران.
ومنذ دعوة المملكة وبتوجيه من القيادة الحكيمة ، بذل الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع جهودا كبيرة موفقة في التنسيق والمقاربة والسداد بين طرفي الازمة ، لتحتضن الرياض وبرعاية كريمة من الملك وولي العهد التوقيع النهائي وإنجاز الاتفاق التاريخي في خطوة قدرها أبناء الشعب اليمني المحبوب لبلادهم وقد ثمنتها الامة والمجتمع الدولي ممثلا في مجلس الامن وعواصم العالم.
ولهذا فإن اتفاق الرياض اسعد مملكة الخير مثلما اسعد كل محب لليمن وهو ما عبر عنه بلسان الصدق سمو ولي العهد في كلمته خلال لقاء التوقيع بأن كل يوم يجتمع فيه اليمنيون هو يوم فرح للسعودية، وأن الاتفاق فاتحة خير لمرحلة جديدة من استقرار اليمن والبناء والتنمية وسيفتح الباب امام تفاهمات أوسع بين المكونات اليمنية للوصول الى حل سياسي ينهي الازمة اليمنية، وان النوايا الصادقة والحكمة اليمانية التي تتجسد في اتفاق الرياض واعلاء مصلحة الشعب اليمني فوق كل اعتبار، وفوق كل مطمع لأطراف تسعى لنشر الطائفية والفوضى وعدم الاستقرار ويحمي اليمن ممن لا يريد الخير له ولسائر شعوب امتنا العربية.
إن قدر المملكة في مكانتها الكبيرة والحصن المنيع والقلب النابض بدورها الرائد لنصرة أمتها، ودائما في السراء كما الضراء، تضطلع بمسؤولياتها بكل الإخلاص، وتبذل من أجلها المواقف المشرفة على كافة الأصعدة وبكل الإمكانات والتضحيات الغالية، في الذود عن أمنها ومقدرات الأمة واستقرار المنطقة ومصالح العالم، واسنادا عسكريا رادعا لكل طامع في اليمن الشقيق، وعونا إنسانيا لشعبه، ودعما لجهود الحل السياسي وفق مرجعياته الأساسية المعروفة، وهذا الحل ممكن فقط عندما يدرك الانقلابيون أن اليمن بأبنائه وتاريخه وعروبته ومعه المخلصون ، ليس لقمة سائغة لمشروع طائفي دوجماتي بغيض الفكر عدائي السياسة والسلوك.
مخطط إيران في المنطقة خطير على السلم الإقليمي والعالمي، بتماديها في مشروعها النووي ومقاصده غير السلمية، ومحاولات التوسع الجيوسياسي لنفوذها الإقليمي بدعم من شركائها بالمنطقة، وولاءات ميليشيات مسلحة باعت بلادها في سوق النخاسة السياسية بالخيانة والتآمر، حتى تبجح نظام الملالي بأن عواصم عدد من الدول العربية قد دانت لهم وامتلكوا بوصلة توجهاتها ومركز قرارها، لكن هاهو المخطط التآمري يحترق اليوم تحت اقدام غضب العراقيين واللبنانيين واليمنيين الذين يضعون بوعيهم الوطني النهاية الحتمية لهذا الشر الإيراني المستطير، والتصدي لسعار ميليشياته الإرهابية مهما كلف ذلك.
اتفاق الرياض سجل بمداد العزة صفحات مضيئة للإرادة السعودية العروبية القوية، مثلما سجل لها مظلتها الإنسانية الواسعة، وسيسجل لها بإذن الله، المزيد حتى إنقاذ واستقرار كامل اليمن الشقيق، ويلملم اليمنيون جراحهم ليخوضوا معركة إعادة التعمير نحو مستقبل أفضل، وقد استوعبوا الدرس الأهم في تلاحمهم انتصارا لوطنهم، وأملا غير بعيد في روح اليمن السعيد.