البلاد – رضا سلامة
أكد الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي الدكتور عماد الدين الجبوري، أن الحراك والغضب الشعبي العارم يقتلع إيران وأوتادها من بلاد الرافدين، بعدما أدركوا أن ما يعانونه من طائفية وفتن ومحاصصة وفساد وتدهور الأحوال المعيشية والخدمات، جميعها نتائج ممارسات إيران وتدخلها في شؤون العراق، وأشار إلى أن الإيراني قاسم سليماني قائد فيلق القدس المصنف إرهابيا، هو المسؤول الأول عن قمع المتظاهرين، وتسبب في استشهاد المئات وإصابة الآلاف من العراقيين.
وقال د.الجبوري: إنه منذ 2003 وعلى مدار 16عامًا، عمل النظام الإيراني على ترسيخ أتباعه وصنائعه في وزارات ومؤسسات الدولة العراقية. وفي الوقت نفسه، دأب حكام إيران على مدّ نفوذهم في مختلف النواحي والمجالات التجارية والاقتصادية والإعلامية والاجتماعية والثقافية وغيرها، وكذلك في بثّ استخباراتهم من خلال واجهات الجمعيات والمؤسسات الخيرية والدينية والسياحية والتعليمية…الخ ، ومستحدثات خطيرة لم يألفها المجتمع العراقي من قبل، وكثر تعاطي المخدرات بين الشباب، وتداول العملة الإيرانية “التومان”، ودوريات من ميليشيات طائفية موالية لنظام الملالي الإيراني في المناسبات الدينية. وأضاف، أنه مع توالي السنين، والشرخ الطائفي الذي أحدثته في النسيج الاجتماعي، ظنّت إيران أنها أمسكت بالعراق على نحوٍ مُحكم، خصوصاً بعد الجرائم الوحشية التي شنتها مجموعاتها المسلحة في 2014، وارتكابها المجازر في محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين والأنبار ونينوى، ضد ثورة العشائر العربية جراء الظلم والحيف والاضطهاد الذي لحق بهم، لا سيما خلال رئاسة نوري المالكي للحكومة؛ إذ بذريعة مكافحة الإرهاب، تم عمليات تدمير وقتل وتشريد بشكل منهجي وطائفي واسع في العديد من المناطق والمُدن.
مصدر البلاء
ولفت د.الجبوري إلى أنه وسط أجواء الفساد والتردي والإقصاء والتسلط الإيراني عبر صنائعها ومواليها، كان الجيل الصاعد من الأطفال العراقيين يتفتح رويدًا رويدًا. حتى أدركوا يقينًا أن الأحزاب الدينية السياسية الحاكمة والمرتبطة بالمشروع الإيراني، هي مصدر البلاء في البلاد، فلا مستقبل لهم ولوطنهم في ظل فساد أحزاب الخراب. وإن العملية السياسية الجارية منذ عام 2003 يجب إسقاطها والتخلص منها. ولقد تبلور موقفهم بتظاهرات واحتجاجات عفوية صادقة، مطالبين الحكومة بمكافحة الفساد والبطالة وتحسين الخدمات وغيرها من المطالب، بعدما أمهلوا الحكومة شهرًا كاملًا طيلة سبتمبر، لتحقيق مطالبهم المشروعة، وإلا سينزلون للشارع في تظاهرات يكفلها الدستور.
“اجتماع سليماني”
وقال د.الجبوري: إن قاسم سليماني طار من طهران إلى بغداد يوم الثلاثاء 30 أكتوبر، ومن مطار بغداد الدولي حملته مروحية إلى المنطقة الخضراء، ودخل على مكتب مسؤول عراقي كبير كان مجتمعًا بقادة عسكريين وأمنيين، لدراسة كيفية كبح الاحتجاجات الشبابية، ووجّه سليماني كلامه إلى المسؤولين العسكريين والأمنيين قائلًا: “نحن في إيران نعرف كيف نتعامل مع الاحتجاجات، لقد حدث هذا في إيران وسيطرنا عليه”. فهمَ الجميع أن سليماني يتولى بنفسه القيادة في هذا الخصوص.
وأكمل، بعد يوم واحد، تحديدًا في الأول من نوفمبر جاءه الرد العراقي، كان من بين التظاهرات التي وحدت العراقيين وعمّت أغلب المحافظات العراقية، تظاهرة كبيرة تجوب مدينة كربلاء، في إحدى اليافطات الطويلة، كُتب عليها بالحرف العريض.. “قاسم سليماني المجرم الدموي يجتمع بالقوات الأمنية الخائنة لضرب التظاهرات”. وبالفعل، هذا ما جرى.
نهاية المشروع
وشدد الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي الدكتور عماد الدين الجبوري، على أن عودة قاسم سليماني إلى بغداد، مرات أخرى، وقيادته لعمليات القمع والقتل، يعكس حالة الخوف الشديد الذي يمرّ فيه النظام الإيراني من خسارة مشروعه في العراق. وأكد أن تحرك الشباب العراقي باقتلاع الأوتاد الإيرانية، سيكون له رد فعل قوي ومدوٍ داخل إيران نفسها،. فالشعوب داخل جغرافية إيران تمور وتغلي أيضًا من الطغمة الميليشياوية المسلحة . وبالضرورة سيمتد رد الفعل بقلع الأوتاد لينهي المشروع الإيراني، وسياسته الداعمة للإرهاب في المنطقة العربية خصوصًا، وفي العالم عمومًا.