تروي جدران متحف “جاير أندرسون” أو “بيت الكريتلية” في منطقة القاهرة القديمة بميدان أحمد بن طولون في حي السيدة زينب، حكايات وأسرار عن غموض وعبقرية هذا المكان العريق الذى دخله السيد أحمد عبد الجواد، بطل ثلاثية نجيب محفوظ، وسعد اليتيم، والإمام الغزالي، وكان يشدو بين جدرانه صوت السندريلا “بانوا..بانوا على أصلكم بانوا”، وهو ما أضفى عليه جمالا فوق جماله.
ولقد بدأت حكاية “بيت الكريتلية” عام 1504 عندما قام بإنشاءه المعلم عبد القادر الحداد، وعرف في ذلك باسم بيت آمنة سالم، أما المبنى الثاني من البيت فقد بناه أحد أعيان القاهرة، وهو محمد بن سالم بن جلمام، سنة 1631م، وكان آخر من سكنه سيدة من جزيرة كريت، ولذلك سمي ببيت الكريتلية.
ومن الأساطير التي تزيد من جاذبية بيت الكريتلية حكاية “البئر المسحور”، وقد قيل أن من ينظر في هذا البئر ويتمنى رؤية شخص يحبه يرى وجهه في البئر.
ويحوى المنزل عدد من الأجنحة والغرف ومنها السلاملك التي كان يستقبل فيه الضيوف، وجناح الحرملك أو جناح الحريم.
أما عن تسمية بيت الكريتلية بمتحف جاير أندرسون وهو نسبة إلى الميجور “جاير أندرسون” عندما قام عام 1935 المستشرق الذي كان من الضباط الانجليز في مصر في ذاك الوقت وكان عاشقا للتراث الشرقي.
ولقد قدم بطلب إلى لجنة حفظ الآثار العربية بأن يسكن في البيتين، وقام بتأثيثهما على الطراز الإسلامي العربي وعرض فيهما مجموعته الأثرية من مقتنياته التي تنتمي إلى التراث العربي وأخرى للطراز الفرعوني والأسياوي وتحف من أوروبا والصين و آسيا الصغرى والشرق الأقصى.
ولقد أوصى أن يكون البيت ومقتنياته ملكا للشعب المصري بعد وفاته، وقد اعتبر أندرسون مصر وطنه الثاني فقد ذكر في مذكراته المحفوظة بمتحف فيكتوريا والبرت بلندن “مصر احب الأرض إلى قلبي لذلك لم أفارقها لأني قضيت بها أسعد أيامي منذ مولدي”، وكان سبب ذلك هو افتتان أندرسون بفتاة مصرية كانت تقف بـ “البرقع” في المشربية .
ولقد توفى جاير أندرسون عام 1945، وقد تنازل عن المنزل لهيئة الآثار المصرية، والتي حولته إلى متحف يحمل اسمه.
ولقد تم تصوير إحدى أفلام مجموعة جيمس بوند “الجاسوسة التي أحبتني” في أحد قاعاته الشرقية، عام 1977.