هكذا يبدو المجتمع السعودي، الذي اعتاد أن يقدم نماذج من الرقي الحضاري، في ظل توجيهات حكومة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده حفظهما الله، والمساهمات الإنسانية التي تفرزها مؤسسات المجتمع المدني، فالجلسة التي أقيمت مساء الأحد الماضي بجامع الراجحي، بحي الجزيرة بالرياض، بمبادرة إنسانية مجانية من مركز رافد للتدريب، بعنوان التعامل الأمثل مع كبار السن، بقاعة الشيخ سليمان الراجحي للتدريب، وقدمتها المستشارة الأسرية الأستاذة نورة بنت علي النملة، جاءت هذه المبادرة لتؤكد القيم الإنسانية، كسمة من سمات المجتمع السعودي، والتي تميز بها وأدرك حقيقتها وعمل على تطبيقها، بالاستعانة بمثل هذه المراكز المتخصصة، من أجل أن تقدم أسلوباً ثقافيا وحضاريا بهذا المستوى.
احتوت الجلسة على مجموعة من الأهداف والنصائح القيِّمة، كما تميزت بالطرح الجيد والتبادل المعرفي مع الحاضرات، للمطالبة بمثل هذه الجلسات للعناية بهذه الفئة الغالية، فالتخطيط لهذه الأطروحات الأسرية، تعطي المتابع قناعة بالأدوار الإنسانية والتطوعية، التي حثّ عليها ديننا الإسلامي، وعمل على اتساع دائرة أنشطتها، لتشمل معظم المستهدفين من هذه الشريحة (كبار السن) أو كما أطلق عليه مؤخرا كبار المواطنين، وإن كانت التسمية الأولى لا تعيبها ولا تقلل من شأنها، بل تعطيها بُعداً زمنيا مرحلياً، بأنها مرحلة تمر بها كافة المجتمعات، وتختلف النظم المعمول بها في كل دولة، ففي أوروبا ولقد رأيت ذلك بعيني، هناك الأندية الاجتماعية والرياضية والصحية والترفيهية المتخصصة، تحتوي على هذه الشريحة العُمرية،وتقدم خدماتها المتميزة التي تُعينهم على صعوبة الحياة.
ومع الثناء للجهة التي قامت بالتخطيط لهذه المبادرة، وتزامنت مع اليوم العالمي لكبار السِّنْ، فإننا نمتلك في شريعتنا الإسلامية، لأكثر من 360 يومًا في العام الواحد على مدار خمسة عشر قرنًا، دعت لرعاية كبار السِّنْ، وتكفّلت بكامل حقوقهم المادية والمعنوية، ومن خلال هذه المبادرة وغيرها من المبادرات القادمة، نتفق على آلية موحدة تتم دراستهاوفق أنظمة الدولة، وتشرف عليها لجان تطوعية، من قبل المتقاعدين بكافة تخصصاتهم وقدراتهم، وتحدد لهم مقرات في كل حي، تمنح من قبل أمانات المُدن والمحافظات التابعة لها، وأن تشمل القرى لتكون نماذج حضارية، ومعالم بارزة لاحتضان شرائح كبار السِّنْ.
ويتساءل البعض من أين لهذه المراكز الموارد المالية؟ التي خصصت لهذه الأغراض الإنسانية، وتعطيها انطباعاً أخلاقياً ورعاية آمنة، تشعر المستهدفين بالارتياح النفسي، أعتقد أن مشاريع بناء المساجد الوقفية بالمدن والقرى، يتوازى أجرها مع إقامة هذه المقرّات، بكافة خدماتها بما فيها الرعاية الطبية والتثقيفية، وكذلك مساهمة الأوقاف الإسلامية، وما أكثرها ببلادنا بإرادات سنوية تتجاوز المليارات، ومساهمة بعض البنوك ومؤسسة التقاعد والتأمينات فهو من أهم واجباتها، ويُعد من حُر مالهم عندما كانت تقتطع من مرتباتهم نسب مئوية، وهي المعينية بهذا الجانب، لما تمتلكه من عقارات وأرصدة بنكية قادرة على النَّماء.