كم نحن مدينون بالفضل إلى وسائل التواصل الاجتماعي.. هل أنت مستغرب لقولي هذا أو لعلك تعتقد أن العكس هو الصحيح..؟
لم كل هذا الظلم والتجني على جانب مهم من تكنولوجيا التواصل الحديث التي أحدثت نقلة في كل شيء.. بداية بسرعة الكتابة على لوحة التحكم، سواءً على جهاز الكمبيوتر أو الهاتف الشخصي، وهو أمر كنّا نعاني منه، أو يعاني منه البعض، إلا أن الحاجة إلى الكتابة السريعة جعلتنا نتنافس في السرعة حتى نسبق من أمامنا بالمعلومة،
هذا لو كانت المعلومة منقولة بتلك الطريقة وليست على نظام قص ولصق، إلا أن حتى تلك تحتاج للسرعة فليس من المقبول أن يسبقك بلصقها في قائمة المضافين عندك شخص آخر، هذا لو تنبهت من الأساس أنها قد ألصقت قبل علمك بها بكثير، وقبل أن تعيد لصقها دون تركيز، ومن أنواع الفضل ما قامت به تلك الوسائل بربط أواصر المحبة و الأخوة والصداقة، فعلى سبيل المثال لو كنت انزعجت من أمر ما تم ذكره.. ليس عليك سوى إرسال وجه منزعج، وإن كنت مؤيد لآخر..
فعليك إرسال إشارة الإبهام بالتأييد، ولو وصل بك الإعجاب ذروته.. فهناك كثير من الأدوات تعينك في الأمر، كرمز مثل صورة الألعاب النارية، أو التصفيق الحار، أو الوجه المليء بالقلوب، إذا لا تنكر أن تلك الوسائل اختصرت لك الوقت والجهد لإيصال المعلومة، فلا يلزم الأمر أن تتكبد عناء الاتصال وتوضيح مدى سعادتك بصوت دافئ حميمي، ولا أن تضغط على وقتك الثمين وتتوجه لصديق ما لتشاركه سعادة الإنجاز، بأن تربت على كتفه، أو تأخذه بالأحضان كما كنت تفعل ذلك، تستطيع ان ترسل عبر هاتفك ذلك الرمز الذي يظهر إثنين من فصيلة الدببة يتعانقون في عناق أخوي حار.
ظاهرة جديدة أحدثتها تلك التكنولوجيا جعلتني في حالة من الذهول وعدم التصديق، ألا وهي كيف أن العديد من الأسر أصبحت على قدرٍ عالٍ من الحنو والرفق بإخواننا من المستخدمات والمستخدمين.. إلى الدرجة التي تجعلهم يقومون بتصوير احتفالهم بأعياد ميلادهم، بل وتوثيق الأعمال الجليلة التي قاموا بتقديمها لهم، وما يليها من ردة فعل يظهرها احتياج أحدهم مسروراً بما جناه في هذا العيد، الذي اعتبره عيد ميلاد العمر، فلن يتكرر مرة أخرى لأن التوثيق قد تم فعلاً، سواءً كان هاتف جوال أو جولة في متجر للملابس، وكأن إدخال الفرحة على نفوس الضعفاء أمر يحتاج للتوثيق.
لا يعتقد البعض أن حديثي هذا فيه استنكار لإدخال تلك الفرحة عليهم، بل على العكس تماماً، فالأقربون أولى بالشفعة، ولكن ما يجعلني في رفض للأمر هو ما أصبحنا عليه من استخفاف حتى بمشاعر الآخرين، فقط حتى يتم التصفيق لنا على حسن الصنيع في صفوف المتابعين، متجاهلين ما قد يتركه فعلنا في نفوس أصحاب الشأن، ودون أخذ الإذن منهم بجعلهم مادة إعلامية للحث على الصدقة وبذل العطاء، أو لم نطالب حتى نرزق الإخلاص في العمل أن لا تعلم اليد اليسرى بما أعطته اليد اليمنى..؟ لم نكتف باليد اليسرى إنما أعلنا للقاصي والداني مدى تفانينا في إدخال الفرحة فلنتقي الله في عباده.
للتواصل على تويتر وفيس بوك
eman yahya bajunaid