من حقِّنا أن نفخر بسياحتنا الوطنية، وما وصلت إليه من آليات التطوير، والدعم المستمر من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد الأمين، ضمن منطلقات وفعاليات الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، والسياحة التي نؤمن جميعا بأهميتها، ويستمتع بها المواطن السعودي، مع أسرته في أجواء بلادنا الآمنة، وبما جادت به طبيعة أرضها، كما هو حال العديد من مناطق المملكة، وفق الأجواء الموسمية لكل منطقة، من حيث البرودة وهطول الأمطار، كونها من الأمور الربانية، إلاّ أنها تُعطي انطباعًا جميلا للسائح السعودي، وكذلك عشاق السياحة من الأشقاء من الدول الخليجية، الذين يفضلون قضاء إجازاتهم بيننا، برفقة أسرهم والاستمتاع بجمال الطبيعة، وزيارة الأراضي المقدسة.
أن القفزة النوعية التي حققتها السياحة السعودية، في السنوات الأخيرة تُؤكد نجاح الخطط التنموية، بتشجيع هذا الرافد الاستثماري الحضاري، ويعكس تفاعل رجال الأعمال، لمزيد من الاستثمار في الجانب السياحي، وإن كان البعض لازال متردداً، ولاسيما في المناطق السياحية البكر، التي لازالت بحاجة لكثير من عوامل الإقدام، على إقامة مشاريع جديدة تستوعبها تلك المناطق، بحجم زيادة الطلب والإقبال عليها بشكل ملحوظ، وتعود بي الذاكرة لأواخر السبعينات وبداية الثمانيات الميلادية، من القرن الماضي حين ضخّت الدولة المليارات، وفتحت صناديق الإقراض، لإقامة مشاريع طبية وصناعية، والتنوع في الخدمات وتسهيل الإجراءات، ونجحت تلك التجربة وانعكست على التنمية الاقتصادية وفتحت أفاقاً عريضة أمام مستقبل الشباب.
في الوقت الذي بقيت الخدمات السياحية آنذاك على تواضعها، وخبرات القائمين عليها أكثر تواضعاً، من بعض رجال الأعمال ومع قلتها إلاّ أنها كانت تعتمد اعتمادا كليا، على الخبرات الأجنبية التي لا تقل تواضعاً عمّن سبقها، بمتطلبات تلك المرحلة، لتدني الثقافة السياحة، مقابل سفر القادرين من الأسر الثرية، التي اعتادت قضاء إجازاتها الصيفية، في الدول الأوروبية أو العربية، ومع البون الشاسع على ما كانت عليه تلك الأيام، إلاّ أن المرحلة الحالية مختلفة تمام الاختلاف، برقي الفكر والثقافة لدى معظم المواطنين، وتوفر الإمكانيات المادية، وزيادة معدلات الدخل السنوي على مستوى الفرد، وفي ظل متغيرات عالمية، تدعو لمزيد من الاحتياطات الأمنية، بعد أن أصبح السائح العربي في الخارج هدفاً لبعض العصابات الإرهابية.
ولأننا في مرحلة أكثر تقدما، وفي ظل خدمات سياحية وفندقية، تقارن بالدول الأوروبية إن لم تتفوق عليها، بأسعار تقترب من درجة الاعتدال، إن لم تصل إليها بعد ! مقابل تسهيلات من قبل الوزارات المعنية، بعد أن تميزت الخدمات السياحية، بوجود قيادات من الشباب السعودي، على قدر كبير من فن الإدارة والحس الوطني، ولم يقتصر هذا التميز على الشباب فقط، بل أصبحت بعض هذه المرافق تُدار بقيادات نسائية، قادرة على التعامل مع حجم المسؤولية بثقة كبيرة، وتأهيل على مستوى عال مَكنّهَا من الوصول لمواقعها القيادية.