سياسة مقالات الكتاب

الرياض وعناق الأقوياء

لم تنشغل المملكة عن أدوارها الكبرى عالمياً، بتحالفات استراتيجية قوية، تتوافق ورؤيتها الفتية، لتُصافح على ثراها روسيا، وتنجح في فترة وجيزة، بخلق شبكة من المصالح لا يجوز التحلل منها، غير مُرتبطة بتطورات إقليمية أو دولية ما.. عناق بدأ نبضهُ مًنذ اعتراف الاتحاد السوفيتي كأول دولة بالمملكة عام 1926، ثم استعادت العلاقة عافيتها عام 1990 تبعهُ اعتراف الرياض بروسيا الاتحادية، عمقتها دعوة بوتين للملك في 4 أكتوبر 2017 م،

بدأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – زيارة دولة لروسيا الاتحادية ، ليُزينها وجود الأمير محمد بن سلمان في قمة الـ20 بهامبورغ، وخطفهِ الأضواء الإعلامية بانفراديات، ومصافحات جعلته (السيف البتار) و(الثمرة الطارحة للخير) اقتصادياً بشهادات دولية، خلفيتها مسيرةً مهنية سريعة بقواعد معرفية وتقنية جديدة، عبر تنويع السياسة والعلاقات الاقتصادية الخارجية، التي بدأت تدريجيًّا إلى تعاونٍ أكثر براغماتية، بل وأقل التفاتًا للمواجهة الأيديولوجية…

لقد كانت زيارة الملك سلمان ثم ولي عهده إلى موسكو، الانطلاقة التي أثمرت 21 طلقة ترحيبية من الرياض لبوتين، في قمة ثنائية وُصفت بـ«التاريخية»، وأعادت تعريف المصالح الاستراتيجية، وتوافقات عدة بين البلدين على مبادئ رئيسية، كعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتشابه مواقف البلدين في الأمم المتحدة، وكذلك على المستوى الاقتصادي، التي تُوجت بتوقيع 20 اتفاقية لتعزيز التعاون وتقوية أواصر التعاون بين البلدين، بل وتوقيع اتفاقيةٍ تأكيديةٍ بين كلٍّ من أرامكو السعودية، وصندوق الاستثمارات العامة في المملكة، وصندوق الاستثمار المباشر الروسي وشركة “روس نانو” للدخول في صفقة شراء أسهم للاستحواذ على حصة “روس نانو” والمقدرة بنسبة 30.76% في شركة نوفوميت للبترول والتطوير الهندسي ..

إذ أبرمت أرامكو أيضًا 9 مذكرات تفاهم مع شركات روسية كبرى في إطار استراتيجية قطاع التنقيب والإنتاج، سبقتها اتفاقيات إنشاء صندوق استثمار في مجال الطاقة بمبلغ مليار دولار، وكذلك في مجال التقنية الحديثة بمليار دولار، إضافة إلى اتفاقية استثمارٍ مشتركة بقيمة 100 مليون دولار في مشروعات البنية التحتية، وغيرها من الاتفاقيات العسكرية، فضلًا عن إعلان المملكة بناء 16 مفاعلًا نوويًا، ومن المتوقع أن يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 7,5 مليارات دولار عام 2020.

فضلاً عن دور ولي العهد الهام، كونه صاحب مبادرة في العديد من المشروعات المشتركة، بتحالف (أوبك +) وبزيادة إنتاج النفط بمقدار 1.5 مليون برميل يوميًّا، وجعلها اتفاقيةً دائمةً بعد تخطيط لها دام 40 عامًا، وتطوير مشروع “Arctic LNG-2″، بطاقةٍ إنتاجية تبلغ 19 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويًّا، بـ20 مليار دولار أميركي للمشروع، وأخيراً دعم إنشاء منصة لصندوق الاستثمارات الروسي.

كلُّ ذلك، أشاد به بوتين، خلال حديثه مع ثلاث قنوات «العربية» و«سكاي نيوز» و«روسيا اليوم»، والصداقة القوية بل وعلاقته الطيبة بالملك، وولي العهد شخصياً، مُمتناً لهما بالمواقف الدولية البنّاءة، آملاً السعي لحل كافة التناقضات. ليُهدي الدُب الروسي الملك سلمان، صقرًا من فصيلة الصقور الحمراء النادرة “كامشاتكا”- اسمها ألفا وقيل – نجم الشمال، ليرد بن الكرام هادياً بوتين لوحة فنية، اسمها “عطاء نجد”.

نظرة: إن رؤية السعودية عام 2030 تحمل في طياتها مشروع دولة اقليمية، مستدامة، بالتقاء وجهات النظر على كل الأصعدة، مع الجانب الروسي لتعظيم الانفتاح على بعضهما البعض الآخر، إذ لم تُغفل السعودية أكثر من20 مليون مسلم روسي هم 14% من إجمالي سكان روسيا، برعاية ما بين 16- 20 ألف حاج روسي، إضافة إلى آلاف المعتمرين على مدار العام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *