الرياض – البلاد
تشهد الرياض اليوم الاثنين قمة تاريخية بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يقوم بزيارة رسمية إلى المملكة هي الأولى له منذ عام 2007، حيث يبحث الزعيمان تعزيز علاقات الشراكة والتعاون بين البلدين في مختلف المجالات ، وكذلك والقضايا السياسية ذات الاهتمام المشترك ، كما يبحث سمو ولي العهد والرئيس الروسي تعزيز الشراكة التي تعكس الإرادة المشتركة في هذا الاتجاه.
وسيحظى التعاون الاقتصادي باهتمام كبير خلال المباحثات ، وتحقيق الفرص الواعدة لهذه الشراكة التي تنطلق من علاقات الصداقة التاريخية والاحترام المتبادل بين البلدين ، وما يتمتعان به من مكانة وتأثير على الصعيد الإقليمي والدولي ، والاقتصاد العالمي خاصة في التعاون والتنسيق بشأن السياسة النفطية باعتبار المملكة أكبر مصدّر في العالم من داخل أوبك ، وروسيا كدولة منتجة رئيسية من خارج المنظمة ، وقدرتهما على ضمان توازن الأسواق وأسعار النفط العالمية من خلال التحالف القوي الذي أثبت أهميته في قيادة اتفاق (أوبك + ) ونجاح تحقيقه على مدى نحو عام.
وأعلن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، أن بلاده تناقش مع السعودية استثمارات بقيمة عشرات المليارات من الدولارات سيتم تنفيذها قريبا وستشمل مجال الغاز والكيميائيات النفطية، كما تتضمّن إنشاء مراكز بحوث علمية مشتركة ، ومن شأن هذه الاتفاقيات أن ترسم خارطة مستقبل العلاقات بين البلدين روسيا والسعودية.
واستبقت موسكو زيارة الرئيس بوتين إلى المملكة بالتأكيد على أهميتها وماستسفر عنه من نتائج لصالح البلدين ، وتوسيع أطر ومجالات الشراكة ، حيث أكد الكرملين على الأهمية الكبرى التي توليها موسكو لهذه الزيارة ، فيما كشف رئيس صندوق الاستثمار المباشر كيريل ديمترييف عن خطط موسكو والرياض لتوقيع عشرة عقود كبرى خلال الزيارة، وقال إن قيمتها الإجمالية نحو ملياري دولار، لافتا إلى أن الاتفاقات تنظم تعاونا مشتركا في مجالات الزراعة والنقل والسكك الحديدية والأسمدة والبتروكيماويات والذكاء الصناعي، وأشار إلى أن واحدة فقط من الصفقات الاستثمارية تقدر قيمتها بـ700 مليون دولار، مضيفاً أن الصندوق سيعلن كذلك عن استثمارات مشتركة مع شركة النفط السعودية العملاقة أرامكو.
وأضاف رئيس الصندوق الاستثماري الروسي أن روسيا والمملكة «تعملان على 25 مشروعاً جديداً بقيمة 10 مليارات دولار، بالإضافة إلى ما تم استثماره بالفعل بأكثر من 2.5 مليار دولار في أكثر من 30 مشروعاً ، مضيفا بأن بلاده تعمل على الترويج لمشروع بناء مصنع سيبور للبتروكيماويات في المملكة بمشاركة أرامكو وتوتال وسينوبك، مؤكدا أن الزيارة المرتقبة سوف تظهر مستوى غير مسبوق من تطور العلاقات بين روسيا والسعودية في مجالات عدة.
وكان مساعد الرئيس الروسي لشؤون السياسة الخارجية يوري أوشاكوف ، قد كشف قبل يومين ، جانبا من التحضيرات الجارية للزيارة، وقال إنه يتم حاليا وضع اللمسات الأخيرة على نحو 30 وثيقة، بما في ذلك اتفاقات تجارية، لتوقيعها خلال زيارة الرئيس للرياض.
وقال أوشاكوف إن بوتين سوف يبحث مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز قضايا التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، وتشمل المباحثات آفاق التعاون في مجالات الطاقة والزراعة والصناعة والتعاون العسكري التقني والتبادلات الثقافية والإنسانية ، كما تطلع الكرملين إلى تبادل الآراء حول القضايا الدولية الملحة مع التركيز على الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتحديدا في سوريا والخليج واليمن وتسوية القضية الفلسطينية.
وأضاف المسؤول الروسي: العلاقات الاستراتيجية مع المملكة مهمة للغاية لأننا مهتمون بسوق نفط مستقرة ومنطقة مستقرة واستثمارات مشتركة واسعة النطاق، لافتا إلى أن هذه زيارة تاريخية، وتؤكد أهمية دور روسيا بصفتها لاعبا يحقق الاستقرار في المنطقة ، مشيرا إلى أن الحديث لا يدور عن تعزيز التعاون في مجالات الاستثمارات وحدها بل إنه يتمحور حول إنشاء علاقات اقتصادية متينة بين البلدين.
وبالإضافة إلى ملفات التنسيق السياسي لفت أوشاكوف إلى البعد الاقتصادي لزيارة الرئيس بوتين إلى الرياض، ومشاركة فخامته في الاجتماع الأول للمجلس الاقتصادي الروسي السعودي، الذي يمثل الجانب الروسي فيه رئيس صندوق الاستثمار المباشر كيريل ديميترييف ويضم ممثلين عن كبريات الشركات والمؤسسات المالية في روسيا والمملكة.
ووفقا لمصادر روسية فإن المنتدى سوف يجمع أكثر من 300 مشارك من كلا البلدين. ومن بين الاتفاقيات المتوقعة تأسيس صندوق بقيمة مليار دولار للاستثمار في مجال التكنولوجيا، والتعاون في مجال تحلية المياه وترشيد استخدام الطاقة في مكيفات الهواء، بالإضافة إلى استثمار سعودي في الطرق الخاضعة للرسوم في روسيا. ونقلت وزارة الطاقة الروسية عن نوفاك قوله إن الاتفاقيات ستتضمن صفقة بقيمة 1.1 مليار دولار تقوم شركة البتروكيماويات الروسية سيبور بموجبها ببناء مصنع في السعودية.
ومنحت الهيئة العامة للاستثمار السعودي تراخيص لـ 4 شركات روسية للعمل بشكل كامل في مجال الإنشاءات. وفي قطاع التعدين، فكشف الرئيس التنفيذي لشركة معادن، عن عزم الشركة توقيع عدة اتفاقيات مع روسيا، بالإضافة لرغبة روسية في خلق شراكات مع السعودية في مجال التعدين وصناعة الألمنيوم.
انطلاقة قوية
وتعد الزيارة الرسمية التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى روسيا في أكتوبر عام 2017 ، انطلاقة أساسية لتطوير العلاقات والشراكة الاستراتيجية حيث شهد الزعيمان توقيع اتفاقيات اقتصادية بمليارات الدولارات، ومن ضمنها شراكة بين روسيا وصندوق الاستثمارات العامة و”مبادلة” للاستثمار في البنية التحتية. ووقعت السعودية مذكرة تفاهم مع روسيا لزيادة توطين الصناعات العسكرية.
وعلى هامش قمة العشرين عقد الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس وفد السعودية المشارك في القمة والرئيس الروسي فلاديمير بوتين،اجتماعاً في مدينة أوساكا اليابانية بحثا خلاله مجالات التنسيق المشترك، خصوصاً ما يتعلق بالتبادل التجاري والاستثمار، والتأكيد على أهمية استمرار التعاون في المجال النفطي، وحمّل الرئيس الروسي في الاجتماع، ولي العهد نقل شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، على دعوته لزيارة المملكة العربية السعودية، مبدياً تطلعه لهذه الزيارة. وعبَّر بوتين عن سروره بلقاء ولي العهد، ومناقشة الموضوعات الثنائية والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام والعمل المشترك. كما رحَّب باستضافة المملكة لقمة دول مجموعة العشرين المقبلة،
معرباً عن ثقته بأن رئاسة المملكة لأعمالها ستسهم في حل الموضوعات التي تحظى باهتمام دولي ، مؤكدا دعم بلاده للمملكة لإنجاح أعمال قمة مجموعة العشرين المقبلة. وأشار ولي العهد إلى ما تشهده العلاقات السعودية الروسية في السنوات القليلة الماضية من تطور كبير في المجالات كافة، خصوصاً السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية ، مؤكدا سموه أن البلدين الصديقين يعملان على كثير من الموضوعات، وإنجازها لمصلحة البلدين والشعبين.