أشكرُ بدايةً ، كلَّ من (جَبَرَ بخاطري) ولو بكلمةٍ صغيرة، وأثْنى على ما أكتُبُهُ في هذه الصّحيفةِ الرائدة، التي عايشتها مُذْ كنتُ طفلاً ، أزُورُ أخي الأكبر “يحيى باجنيد” في مَقَرّها القديم جداً في “عمارة باخَشَب” !! كان حفظه الله ، يُجلِسُني – وأنا ابنُ تِسعِ سنين – جنباً إلى جَنب مع أولئك النّخبةِ الأعلام الذين أثْرَوا بأقلامهم مسيرةَ “البلاد” في ذلك الوقت ، أذكُرُ منهم على سبيل المثال ، (عبد المجيد شبكشي ، عبد الغني قستي ، عبد الله جفري ، عليي الرّابغي، وغيرهم) ، رَحمَ الله من توفّي وأطال عُمُرَ من بَقيَ !! كنتُ كثيراً ما أراهم يتبادلون الأحاديث في شتّى المواضيع ، يتّفقون أحياناً ويختلفونَ أحياناً أخرى ..
يَحتَدُّ النّقاشُ فيما بينهم ويطول ، وقد يصلُ في بعض الأحيان حدّ الشِّجار ، ثمّ سرعانَ ما تهدَأُ النّفوسُ والخواطر ويعودُ كلٌّ منهم إلى مكتبه ويُلقي بما حدَثَ وراء ظهرِه ، (وصَافي يا لَبَنْ .. !!) ..
أَعودُ وأكَرّر شكري لكلٍّ هؤلاءِ وأخصُّ من بينهم رجُلاً نبيلاً ، جِدُّ نبيل ، وهَبَهُ اللهُ (وهوَ الطّبيب) من فصاحةِ اللسانِ وحسنِ البيان والبلاغةِ ما يفوقُ بهِ بعضاً من أهلِ الاختصاصِ في العربيّةِ وكنوزها وأسرارها ، (ما شاء الله) .. أشكرُ لهُ كلَّ هذا الإطراء الذي أراهُ كثيراً في حقِّ مَن قد بَدأَ للتّو صُعُودَ أُولى درجاتِ سُلّمِ الصحافةِ ، ولستُ أرى ممّا قَدّمتُ حتّى الآن ، شيئاً يستَحقُّ الإشاده ، لكنّها عَينُ الرّضا ، لا تَرى إلاّ ما تُحِبْ ، فجزاهُ الله عنّي خيرا !!
كنتُ إلى عهدٍ قريبٍ أحبّتي ، أُفَكّرُ ليس إلاّ ، في البحثِ عن مساحةٍ صغيرة ، أطِلُّ من خلالها عليكم ، على الرّغمِ من عِلمي أنَّ الإعلامَ لدينا ، لا يعترفُ سِوى بالأسماءِ الرّنانة ، على طريقة “نجوم الشّباك، وَلَستُ ألومُهُم في ذلكَ البَتّه ، ثُمَّ ، ما حاجتُكَ بالنُّحاسِ يَا مَن تَملُكُ الذهب !!؟
ثمّةَ أمرٌ آخر ، شَغلَني كثيراً ، وكانَ سبباً رئيساً في أن أتخلّى عن الفكرة برمّتها ، وهو أنَّ بعضاً من الجمهور الرّياضي (هَداهم الله)، قَدْ بَلَغَ بهم الفُحشُ مبلغاً ، لم تَعد معَهُ للِأخلاقِ لديهم قيمة ، فراحوا يُكِيلونَ اللعَناتِ والسِّباب والشّتائم وفُحشِ الكلامِ ما أُنَزِّهُ أبصارَكم أنْ تقعَ على مِثلِه !! فخَشيتُ أن أعرَّضَ والديَّ وأهلي ومَنْ أُحِب ، للشّتم والقذفِ ، لمُجرّدِ أنني أخالفُ رأيَهم أو أنني لا أحبُّ الفريقَ الذي يحبّون ، ولا أكرَهُ الفريقَ الذي يكرهون !!يطَبّقون تلكَ المقولةَ الفاسدة ، (من ليسَ مَعَنا فهو علينا) ، فخَشيتُ إنْ حدَثَ ما أحاذِر ، أنْ أجدَ نفسي مُرغماً على القِيامِ بِردّةِ فعلٍ لم يَعهَدْها مثلُ هؤلاء ،
فَآثرتُ السّلامةَ؛ صيانةً لنفسي وعِرضي !!
إلاّ أنَّ بعضاً من الأصدقاء ورغمَ عِلمِهم بأنّني لستُ من مناصري الألوان التي يّميلونَ إليها ، لم يعجِبْهم قراري هذا ، فراحوا ( سامَحَهم الله ) ، يُلحّونَ عَليَّ ، ويَدفعونني دَفعاً كَي أدخُلَ هذا المُعترَك ، يقولونَ لي : أَتَنسَحبُ وتَتركَ السّاحةَ ” لفُلان وفلان” ، يَكتبون للنّاسِ ما يوافقُ أهواءَهم ، ويَتقرّبونَ إليهم بما ليسَ فيهم .. قُلتُ : هذا شَأنُكُم معهُم ولا أملكُ لكم مِنهُم شيئا ، إلاّ أنّني ولِما تَقتضيهِ ” أمانَةُ الكلمةِ ” ثمّ إبراءً لذِمّتي وإحقاقاً للحَق فأقولُ: إنَّ ( بعضاً ) ممن أسميتُموهم ، هُم ” كُتّابٌ كِبار “، لهُم باعٌ كبيرٌ في هذا المجال ، وأنا أقرأُ لهم ، لأنّهم ” يكتبونَ ما لا أكتُبْ “،
ثمّ إنّهم يكتبونَ لكلٍّ النّاس ، أمّا أنا ، فبضاعتي ” كاسدةٌ لا يشتَرِيها (سوايَ) و (مَنْ هم مثلي) ، فدعوني يرحمكم الله، وما ارتضيته لنفسي أَكُنْ لكم من الشّاكرين .. !! لكنْ ، وبما أنَّ (قليل البَخت) كما نقُولُ بالعامّيه (يلاقي في الكرشه عَظْمه)، فإنَّ كلَّ تلكَ الأعذار لم تَشفع لِي عند من أُحِب ، فقرّرتُ على مَضَض، أن أخوضَ التّجربة ، وأنا أدعو الله أن أكون عندَ ظنِّ مَنْ أحسَنَ بِيَ الظّن .. أستلهمُ شيئاً من ذكرياتِ زَمنِ “البِلاد” الجميل الذي (أبدعَ فيهِ المدرّسون ، وتَألّقتِ المدرسة) ..!!