حكمة سعودية، وضعت العالم أمام مسؤولية ردع إيران وأذنابها، بصبرها وحكمتها التي سبقت به الشيم في تعاملها مع الهجوم الإرهابي على معملي نفط «أرامكو»، أفرزت رسائل تضامنية معها ضد العدوان، التي ثبتَ تباطؤ العالم حيالها، رغم كل الدلائل التقنية التي يُمكن أن تكشف هوية الطائرات، لكنّها تبقى في المُجمل طائرات تحتمل المجهولية في تنفيذ الهجمات كونها تُراوغ شاشات الرادارات التقليدية، أو كونها تتجوّل في أكثر من فضاء قبل أن تتجه إلى هدفها المقصود..
وكأنها تؤدي وظيفة الحرب بالإنابة، أو الحرب المُموّهة التي لا يُراد لها أن تكون علنية رسمية، خشية أن تنفلت عن إطارها المُسبق، فتُصبح غير مُسيطر عليها. وهو ما حدث.. فالتهديدات الإيرانية ليست موجهة ضد المملكة فحسب، وإنما للشرق الأوسط والعالم أجمع في تهديد مباشر للأمريكان ومصالحهم بل ورداً على عقوباتهم، وكأنها أبواب تتشابه وأفاعيل يانج الكوري الشمالي، لكن بغطاء الخوف من العلانية، فما ذلك إلا اختبارًا حقيقيًا للإرادة الدولية في مواجهة الأعمال التخريبية التي تُزعزع الأمن وتُضر بالاقتصاد العالمي، لتبقى كل الخيارات مُتاحة لمواجهة هذه الاعتداءات.
ولعل رسائل الملك سلمان وولي عهده -حفظهما الله- هي منطق القوي الحليم بصبر وحكمة، اجتمعت الخيارات الدولية حولها، وهو ما ظهر جليا في عدم تعجل المملكة في توجيه الاتهامات لإيران أو حتى تبني رواية المليشيات الحوثية، بل لم توجه الاتهامات لإيران رسميًا إلا بعد إجراء تحقيق أبرز حطام وبقايا الطائرات المُسيرة إيرانية المنشأ، وتقنياتها في هجوم 18 طائرة تم رصدها على بقيق، وتعرض موقع خريص لـ7 صواريخ كروز، بينها 3 صواريخ سقطت قبل الوصول للهدف.. هجوم أوقف نحو 50% من إنتاج أرامكو، قبل أن تُعلن الشركة بعد 72 ساعة من الهجوم عن نجاحها في استعادة طاقتها الإنتاجية، لنرى ارتفاع سعر النفط 20% في ذلك اليوم، ليكون المتضرر الأول هو الاقتصاد العالمي، خاصة أنه على جُرفِ هار من الركود لينهار، وليُدرك الغافلين ممن يساندون إرهابهم في الخفاء من دول أوربا وغيرهم، مغبة وخطورة الصمت على سجل إيران وأذرعها ومليشياتها الأسود، وتهديده للملاحة الدولية وأمان إمدادات الطاقة، الأمر الذي تكرر في أكثر من حادثة خلال الأشهر الماضية.
لقد وضعت هجمات أرامكو المجتمع الدولي على مفترق طُرق، إما مواجهة الإرهاب بشكل عاجل وحازم أو الانتظار إلى الاحتراق بنيرانه، فلم تعد الإدانات اللفظية وبيانات التضامن تكفي وحدها لمواجهة الشيطان. والسؤال الآن.. كيف يمكن استثمار تلك التحركات، وهذه الرسائل لردع اليت الخُميني؟ وهل يمكن أن تثمر تلك الإجراءات في تشكيل تحالف دولي لمواجهة إرهاب إيران؟.
ليكن إذاً تحرك أميركي ـ أوروبي لتحديد الرد الأكثر فاعلية، وتفعيل دور التحالف الدولي لأمن وحماية الملاحة البحرية وضمان سلامة الممرات البحرية، لجعل حلقة الاتهام تضيق حول طهران ومحاسبتها في مجلس الأمن لمنع «حريق إقليمي» قادم أو «عواقب أبعد من المنطقة»،
إذ ليس أمامنا إلا الإختيار من بين ثلاثة أمور للرد الفاعل، الرد على هجوم الطائرات المسيرة، كان أشبه بخسارة 10 طائرات F-16، وهو مكسب لإيران من ناحية التكلفة، وهنا لدينا 3 خيارات، إما ضرب مُنشأة نفطية إيرانية كرد جُزئي، أو ضرب مواقع الأسلحة التي أطلقت هذا الهجوم، أو وهذا ما أميل إليه ضرب أهداف تابعة للحرس الثوري الإيراني .
وأخيراً: همة الوطن ومؤسساته من همة أبنائه وبناته الذين يعملون بتميز وتفان، فشكراً لكل من يلبون نداء الواجب بمهنية وإخلاص.. ولا شك أن المعتدين كانوا يرغبون في رؤيتنا منكسرين مزعزعين، ولكن بفضل الله كان تكاتفنا يوم وطننا 89 صورة لم يحسب لها العدو حساباً، فحفظ الله وطننا قيادة وشعباً أبياً حراً.