الرياض ـ البلاد
أثرت ذائقة الإبداع الأحسائية المشهد الثقافي الوطني، واتسمت بديمومة تستند في حراكها على إرث المكان الموغل في التاريخ الذي بزغ دوليا بإعلان اليونسكو ” واحة الأحساء ” ضمن مواقع التراث العالمي ، ونتاج إنسانها الفكري والمعرفي كحصيلة لتراكمات حضارية وثقافية وعلمية تعود إلى الألفية الخامسة قبل الميلاد. لقد أتاح موقعها في شرق الجزيرة العربية الانفتاح على الثقافات الأخرى، فمنذ القدم كانت الأحساء ” أكبر واحات النخيل الطبيعية في العالم ” في اتصال مع حضارات العالم القديم في بلاد الرافدين والشام وشبه القارة الهندية ، وجسرًا للتواصل مع دول الخليج العربي، وممرًّا لقوافل الحجاج والتجارة .
وعلى مساحة ” واحة الأحساء ” تبسط أكثر من ثلاثة ملايين نخلة ظلالها على مراكز الإشعاع المعرفي وأصحاب الفكر المتقد لرفد الحراك الثقافي بالمحافظة فنيًّا وأدبيًّا ، والاتجاه نحو الأفق لتثري مع مخرجات غيرها من المناطق المشهد الثقافي السعودي ، في الوقت الذي عززت رؤية المملكة 2030 التكامل بين المؤسسات المعنية لاستثمار الطاقات والمواهب وإقامة المشاريع الثقافية .
فصول من التاريخ شهدتها الأحساء استدعت أن تكون ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي باليونسكو 2018 م ، وعاصمة للسياحة العربية لعام 2019 م ،إذ يرجع تاريخ أقدم استقرار بشري بها إلى الألفية الخامسة قبل الميلاد ، ويعد الكنعانيون أول قوم يذكرهم التاريخ سُكاناً لها ، نزحوا من أواسط شبه الجزيرة العربية بعد أن اجتذبتهم ينابيع المياه العذبة ، ومن سلالتهم كان العمالقة الفينيقيون الذين اشتهروا بالزراعة وشؤون الري ، وامتازوا بالمغامرة وركوب البحر والتجارة ، كما نزح للأحساء مهاجرون كلدانيون من أهل بابل وأسسوا مدينة بالقرب من العقير سموها الجهراء وكانت مركزا تجاريا مهماً .
وتنتشر المواقع التراثية في محافظة الأحساء، منها مستوطنة جواثا ومسجد جواثا أحد المساجد الأوائل في الإسلام، وموقع دوغة الغراش التي يعود تاريخها لأكثر من 600 عام ، وتعرف الدوغة بالمكان الذي يتم فيه حرق الخزف، كذلك قصور إبراهيم الأثري ،وصاهود، ومحيرس، وأبو جلال، وقصر الحزم ، وميناء العقير، وجبل القارة، وسوق القيصرية، والأحياء القديمة كالمبرز.
ومن الآثار المدرسة الأميرية وبنيت في عام 1360هـ ، وبيت الملا “البيعة” الذي يحكي قصة تاريخ مجيد للأحساء الذي بايع فيه أهالي الأحساء الملك عبد العزيز -رحمه الله- في عام 1331هـ ، وهو من أشهر المعالم، التي شهدت أبرز الأحداث قبل وأثناء توحيد المملكة العربية السعودية.
وعلى مر التاريخ حافظت الأحساء على ديمومة مناخها الثقافي، ولعل من أهم تقاليدها الفكرية ” بيوت الأدب والمجالس الثقافية ” واختطت برامجها أدوارًا فاعلة نحو نشر الثقافة واستضافة الأدباء والمثقفين، ومن بينها أحدية المبارك، اثنينية النعيم، ملتقى العفالق، ثلاثائية المغلوث وتشرع أبوابها مساءً موزعة على أيام الأسبوع .
وشهدت الأحساء خلال العام الجاري 2019 م ، حراكًا ثقافيا توزعت فعالياته عبر حزم من البرامج الأدبية والفنية .
” أدبي الأحساء .. صيفي ثقافي “
تحت هذا الشعار أعد نادي الأحساء الأدبي 30 برنامجًا ضمن فعالياته الثقافية والأدبية والمجتمعية، متسقًا مع الجهود المؤسسية نحو الشمولية والتنوع بِغْية تعزيز الحراك الفكري بالمحافظة ، وتلبية رغبات فئات المجتمع .