ماذا يعني أن تصبر على الشدائد والنوائب وأن تكظم الغيظ وتبالغ في الكد والكدح ؟، لماذا ينفع أن تصمت بكبرياء وتستمر في الثثقف والعطاء؛ حتى تنال ما تحتاجه من زيادة في معدلات الإنتاج ، وما تنشده من نجاحات على كافة الأصعدة وفي كل المجالات ؟! .
عندما نمضي في عجل ولا نتعقب أثر ” وماذا بعد ” تكون النتيجة صادمة ؟ قد ينقطع عنا الأصحاب حين لا نتواصل معهم على الدوام ، وقد ينأى عنا الأحباء إذا لم نقدر ظروفهم ونقف إلى جانبهم في السراء والضراء ، وقد نفقد أرواحاً بريئة حين نسرع في قيادة المركبات ولا نراعي أنظمة السير والطرقات . قد يفلس التاجر حين يستعجل المكاسب المادية متناسياً الحكمة في الاقتصاد التي تقول: “ِبع الكثير مع الربح القليل ” ،
وقد تنهار المباني التي تبنى على عجل ولم تستوفِ معايير الأمن والسلامة ، وقد يموت المريض نتيجة الإهمال الطبي وعدم التروي في تلقي العلاج ، وقد يخفق المعلم في سيرته التعليمية حين لا يلتزم بالتوقيت الزمني لخطة المنهاج المدرسي، وقد تذبل النباتات ويتوقف امتصاصها للمواد الغذائية حين نزيد في سقايتها من الماء ، فالأشجار كما يقول موليير: بطيئة النمو تحمل أفضل الثمار ” ، وقد نتخذ قرارات خاطئة في أمور مصيرية حينما ينفذ صبرنا ونبدأ بالارتباك ، والمثل يقول: “الجزع عند المصيبة مصيبة ” ، وقد نعيش الغربة بمرها وكربها حين نتعجل الهجرة خارج البلاد فنخسر ملاذ الأوطان وشرف الذود عن حياضها .
ولكي نحقق ما نصبو إليه لا بد من الاستئناس بالصبر والتعود على مواجهة المصاعب بمزيد من الحكمة والثقة بالنفس ، فلا نعيش وهم الرفاهية وزيف الثراء السريع ولا نرضى أن نصبح مجرد ظاهرة صوتية لا تمكث في الأرض وتذهب مع الريح ، فأكثر الناس نفعاً لأنفسهم وللمجتمع والبشرية ، هم أكثرهم قدرة على التحمل ( Stamina ) والتكيف ، وأكثرهم صبراً على البلاء والمحن وأذكاهم وعياً بخلق الحلول وايجاد البديل .
إن الله جلت قدرته يقول في كتابه العزيز: ” وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ” .