نجح موسم الحج بامتياز، ولله الحمد، وفاق نجاحه كل وصف ، لتثبت المملكة العربية السعودية دائما ، أن خصوصية مسؤولياتها العظيمة والبذل الخالص، لله تعالى، إنما يجسد اعتزازها الذي لاحدود له بشرف خدمة حجاج بيت الله الحرام ، وتسخير إمكاناتها وتوظيف خبراتها العريقة والفريدة والتقنيات الحديثة في إدارة حشود بالملايين من دول العالم بلغات متعددة وثقافات مختلفة،
يجتمعون في بقعة جغرافية محدودة وبمساحة صغيرة وفي مدة زمنية قصيرة، ومع ذلك تمضي أمورهم بكل سلاسة وتنقضي عبادتهم بكل يسر وسهولة وراحة واطمئنان ، بفضل الله تعالى، ثم بفضل الجهود الكبيرة التي تبذلها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان ، وتوجيهاتهما السديدة ومتابعتهما الحثيثة واهتمامهما الكبير وحرصهما الشديد على تقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن ، بدءاً من وصولهم إلى أرض المملكة مروراً بمواقع تنقلهم تركيزاً على أماكن تجمعهم في المشاعر المقدسة، انتهاء بخروجهم من المنافذ البرية والبحرية والجوية ووصولهم إلى ديارهم وأهليهم سالمين غانمين.
الأرقام تتحدث عن منظومة تزيد عن أكثر من ثلاثمائة ألف من العاملين في كافة القطاعات الرسمية التي تعنى بخدمات الحجاج يساندهم عشرات الألوف من الكشافة والشباب والفتيات المتطوعين والمتطوعات ، يتفانون جميعاً في السهر على خدمة الحجيج وراحتهم وسلامتهم وتقديم العون والمساعدة لهم بكل أريحية ، وقد بدت لوحتها وتفاصيلها للعالم صورا ناطقة ومشاهد صادقة في الأريحية العالية، وفن التعامل الراقي سواء من رجال الأمن العسكريين أو الموظفين المدنيين أو الشباب المتطوعين تؤكد حرفية العمل وإنسانية المواقف .. وكم فاضت أعين الكثير من الحجاج ما رصدته الكاميرات ومالم تستطع متابعته وسط الحشود، وهم يعبرون بالفرح عن مشاعرهم الجياشة لما وجدوه في المملكة من حفاوة وترحيب وحسن تعامل وحرص على تقديم الخدمة النوعية .. وكم أجهش بعضهم وهم يرون طيب التعامل النادر والمثالي معهم، سواء من كان محتاجاً أو مجهداً أو تائها …أو المرضى الذين تم نقلهم إلى المستشفيات للعلاج أو لإجراءالعمليات الجراحية التي لا تتطلب التأخير، ونقلهم بعد ذلك إلى المشاعر لإكمال حجهم وسط العناية الفائقة وهم في منتهى الراحة .
من يفعل ذلك غير المملكة العربية السعودية التي درجت على إقامة المشاريع التطويرية العملاقة عاماً تلو عام ، ورجال أمن يمتلكون الحس العالي.. وحرصهم البالغ على أداء واجباتهم بكل كفاءة واقتدار ، ومسؤولون وموظفون مدربون في كل مجال ومترجمون لجميع اللغات في كل القطاعات ، وتهيئة السكن والإقامة المريحة ، والطعام والشراب الذي لا يحتاج معه الحاج لأي عناء ، وأيضاً وسائل المواصلات الميسرة من قطارات وحافلات ومركبات، وفوق ذلك المستشفيات المتنقلة لأماكن التجمع والمختصين في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة ، والمتطوعين المبادرين دائماً ، وجاهزية الخدمات السريعة والاتصالات ، وانسيابية التفويج والتحرك والوصول الميسر التي جعلت الحجاج يثمنون هذه الجهود العظيمة ويشكرون الدولة وقيادتها الحكيمة لحسن إدارة الحج ودقة التنظيم .