المحليات

أكثر من 800 ألف سعودي يعانون من مشكلات في الإبصار

جدة – ياسر بن يوسف

أكدت الدراسات والأبحاث العلمية والإحصائيات أن تعليم الأطفال يواجه تحديات صحية في عامة دول العالم بصفة عامة ومجتمعنا العربي بصفة خاصة، وخصوصاً فيما يتعلق بالجانب الصحي، وذلك بسبب زيادة أمراض عيون الأطفال وتأخر اكتشافها، ومن أهم الحلول العاجلة لتفادي ذلك؛ توعية المجتمع بأمراض عيون الأطفال وطرق الوقاية منها، وإجراء مسح بصري بصفة دورية لاكتشاف عيوب الإبصار لدى الأطفال في مرحلة مبكرة، والتعامل معها في الوقت المناسب بأقل جهد وتكلفه.

ولتسليط الضوء على هذا الموضوع تواصلت هاتفياً مع باحث الدكتوراة بجامعة ليفربول وأخصائي أول بالبصريات وضعف الإبصار في مستشفى جامعة الملك عبد العزيز بجدة، وجمعية إبصار الخيرية لاستطلاع أهم الملامح العامة عن عيون الأطفال ومقارنتها بعيون الكبار.. وأهم التحديات التي تواجه صحة عيون الأطفال في التعليم والحياة العامة وطرق التعامل معها ومسؤوليات كل فرد في المجتمع تجاه ذلك. في البداية قال د. الرحيلي ” تتشابه عيون الأطفال والكبار عضويا، ولكن تكون عيون الأطفال عند الولادة محدودة الوظائف البصرية وتنمو وتتطور تدريجياً بمرور الوقت كما تنمو وتتطور حواس وأعضاء الأطفال الأخرى؛ مثلما تنمو في المشي والتحدث. فتطور وظائف العين تبدأ برؤية ضبابية لا تتجاوز 30سم وحركات عين غير متجانسة وعدم تتبع وتمييز للألوان لتتطور بشكل سريع خاصة خلال العام الأول ولتصبح تقريبا مثل بصر البالغين من سن 3-5 سنوات”.

وأضاف قائلاً: “إن أي خلل أو مشكلة تؤثر على تطور الرؤية في مرحلة الطفولة يؤدي إلى ما يسمى الغمش أو كسل العين الذي غالبا ما يحدث في عين واحدة، لكنه قد يصيب كلتا العينين ويصعب علاجه بعد عمر 7 سنوات”.

وفي دراسة نشرت عام 2012 عن الأخطاء الإنكسارية غير المصححة في الأطفال لتعريف ضعف البصر للأطفال بين 5-15عاما؛ حيث وصلت النسب 80% في الهند وماليزيا وارتفعت إلى 90% بالصين وتنزانيا. وفي دراسة بالسودان عام 2017 كان السبب الرئيس للإعاقة البصرية هي الأخطاء الانكسارية بنسبة 36% لتصل الى 57% في جنوبه وفي دراسة أخرى بمدينة ساوباولو البرازيلية كانت نسبتها 76.8% كمسبب للإعاقة البصرية.

وكشفت دراسة أجراها قسم البصريات في الخدمات الملكية بالأردن أن 28% من طلاب المرحلة الابتدائية يعانون من مشاكل بصرية دون علمهم. وفي بريطانيا هنالك أكثر من 25000 لديهم اعاقة بصرية أو فقد كلي للبصر وبالنسبة لأطفال الولايات المتحدة الامريكية، وبحسب هيئة مكافحة العمى فإن حوالي 3% من الاطفال لديهم صعوبات بصرية ويوجد أكثر من 63 ألف طفل لديهم عوق بصري وكان المسبب الرئيسي للإعاقة كسل العين والمشكلة الاكثر انتشارا الاخطاء الانكسارية.

وعلى أي حال تبقى الاخطاء الانكسارية غير المصححة السبب الاول لضعف البصر في العالم. إذ أكد الرئيس التنفيذي لمؤسسة براين هولدن الطبية ورئيس الوكالة الدولية لمكافحة العمى في افريقيا (كوفين نايدو) أن العيوب الانكسارية شائعة لدى الأطفال وقد تصل إلى 35% من سكان بعض الدول.


وحذر د. الرحيلي بأن الاخطاء الانكسارية هي مسبب لكسل العين خاصة في حال اختلاف الحالة البصرية بين العينين والحول وارتخاء الجفن وإعتام العدسة.

وبحسب ما نشرته اللجنة الوطنية لمكافحة العمى فتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية أن 70% من عمى الاطفال يحدث بالدول الفقيرة، ويوجد نحو 1.4 مليون طفل مصابين بالعمى، وفي كل دقيقة يصاب طفل بالعمى، وما يقارب نصف مليون طفل يفقدون أبصارهم سنويا ويقدر 19 مليون طفل دون الخامسة عشرة لديهم ضعف ابصار مع العلم أنه 80% من حالات العمى وحالات الضعف الشديد في البصر في شتى أنحاء العالم، كان يمكن تفاديها عبر تفعيل سبل الوقاية، أو الأخذ بأسباب العلاج.

حسب تقرير الهيئة العامة للاحصاء بلغ عدد السعوديين الذين يعانون من مشكلات في الرؤية بدرجات متفاوتة 811610 أشخاص. حقيقة لم اتمكن من الحصول على دراسة او احصاء دقيق لحالات الاعاقة البصرية للاطفال بالمملكة او نسبة الاخطاء الانكسارية او كسل العين لكل المناطق.

أما ما يخص الاعاقة البصرية فقد أفادت جمعية إبصار الخيرية بجدة المتخصصة في الاعاقة البصرية في تقاريرها منذ عام 2005 -2009 أن 20% من المرضى الذين فحصوا بعيادة ضعف الابصار كانوا من الاطفال. وهناك دراسات فردية ومسح بصري لبعض المستشفيات والمدن والمناطق، سأذكر بعضها لتتضح الصورة وسأبدأ من المسح البصري الاكبر خلال حملة ابصار الوطنية لاكتشاف عيوب الابصار لدى الاطفال عام 2015 حيث تم فحص 43 مدرسة ابتدائية من الجنسين بمدينة جدة، تم خلالها مسح بصري لـ 13604 أطفال وكانت النتيجة أن نسبة 27.4% لديهم صعوبات بصرية. واجريت دراسة بمنطقة القصيم لعدد 5176 طفلا في 21 مدرسة ابتدائية من الجنسين حيث كانت نسبة انتشار الاخطاء الانكسارية غير المصححة 16.3%. وعمل مسح بصري بمدينة جدة لـ 102 طفل قبل الالتحاق بالمدرسة فوجد أن الاخطاء الانكسارية نسبتها 69% والحول 6% وكسل العين 1.3% وبدراسة مماثلة لنفس الفئة العمرية بالرياض لـ 335 طفلا وجد 20% لديهم اللابؤرية و 14% احتمالية حصول كسل بالعين،

وفي دراسة اخرى بمدينة الرياض لمرحلة التمهيدي لـ 114 طفلا والصف الاول والثاني الابتدائي 300 طفل كانت نسبة الاخطاء الانكسارية 25% لاطفال التمهيدي و 22% لاطفال الابتدائي وأجريت دراسة بمدينة بريدة لـ 1413 طفلا اعمارهم 6-13 فكانت نسبة الاخطاء الانكسارية 14.36% و 2.61% لديهم كسل بالعين. وبناء على دراسات اكلينيكية، أفادت دراسة بمدينة الدمام لـ 1350 طفلا اعمارهم ما بين 5-15 أن 44.4% لديهم اخطاء انكسارية، 38% لديهم حول و 9.1% كسل بالعين، وفي دراسة اخرى اكلينيكية بمدينة جيزان لـ 385 طفلا اعمارهم من 0-6 ، وجدت نسبة الحول 36.9% ونسبة الاخطاء الانكسارية 26.5%. ومن هنا يظهر بوضوح ان الاخطاء الانكسارية من قصر وطول النظر واللابؤرية هي الاكثر انتشارا وهي المسبب الرئيس لضعف البصر.

في الختام اقول: إن رعاية عيون الأطفال والكشف المبكر ومكافحة الإعاقة وتأهيلها أمر يمس الطفل والعائلة والمجتمع والتنمية الشخصية والناحية الاقتصادية. إن تجربة الصحة المدرسية في بعض الدول نجحت وساهمت في الكشف المبكر للمشاكل البصرية ونحن بإمكاننا تطبيقها بشكل أفضل باستغلال القفزة التكنولوجية التي نعيشها باستخدام الحاسبات والألعاب الذكية عن طريق مبدأ الكشف بواسطة اللعب ممثلة في برنامج” آي سباي” الذي يختصر الزخم البشري والوقت والتكلفة ومن السهل أن يتاح بكل مدرسة وبإمكان أي شخص مدرب استخدامه.

ومن النواحي الاقتصادية، ذكرت اللجنة الوطنية لمكافحة العمى أن الإعاقات البصرية لها سلبيات اقتصادية وبحلول عام 2020 سوف تكون الخسارة في الناتج الاقتصادي العالمي بسبب قلة الانتاجية والاعاقة البصرية وكف البصر أكثر من تريليون ريال سعودي. وفي عام 2010 ، أشارت التقديرات لمنظمة الصحة العالمية إلى أن التكلفة الإجمالية لنفقات الرعاية الصحية الخاصة بضعف النظر بلغت 2.3 تريليون دولار أمريكي، ويعود نصف هذه النفقات تقريباً 1.2 تريليون دولار أمريكي إلى الخطأ الانكساري غير المصحح. أخيرا أضم صوتي للزملاء والمطالبات بضم كشف البصر المبكر لدفتر التطعيمات مما يجعله إلزاميا ويبدأ من مرحلة مبكرة، وأتمنى أن نرى هذه البشارة قريبا من معالي وزير الصحة التي ستحدث الفرق للأجيال القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *