خاص البلاد – نيفين عباس
الإضطراب الوسواسى القهرى، أو كما يعرف بمعناه المختصر الوسواس القهرى
فى البداية ما هو الوسواس القهرى
الوسواس القهرى هو نوع من الإضطرابات النفسية التى يصاب بها الإنسان، وتجعله يشعر بأن هناك أفكار أو فكرة على الأقل معينة لا تخرج من رأسه أبداً طوال الوقت حتى تصل لدرجة أنها تلازمه فى جميع الأوقات بشكل فكرى قهرى
ومها حاول الشخص إبعاد الفكرة عن رأسه لأن الإندفاعات الناتجة عن تلك الأفكار قد تكون مؤذية أو مزعجة بالنسبة له لا يجد السبيل للخروج منها وتتردد مرة أخرى داخل عقله، وتسبب مع مرور الوقت قلق حاد فى الأفكار وضغط نفسى وعصبى شديد
وبحسب الدراسات، فإن إضطراب الوسواس القهرى مرض نفسى يصيب ما يقرب من 3-5% من سكان الأرض، ما يعنى أن بين كل 30 شخص على سبيل المثال هناك شخصين مصابين
وللأسف الشديد فإن الوسواس القهرى من أصعب الأمراض النفسية التى يمكن تشخيصها وعلاجها، لأن المرض يمكن أن يُخفى نفسه داخل الإنسان لسنوات قد تصل إلى 15 عام!
ثم يظهر بشكل مفاجئ فى ترجمة أفكار عدائية أو جنسية، أو أفكار لا يتقبلها الأخرين أو المجتمع
والفئة العمرية التى يمكن تعرضها للإصابة من الرجال ما بين الـ 6-16 عام، بينما النساء يتكون لديهن إضطراب الوسواس القهرى من عمر 20-29 عام
وللوسواس أشكال كثيرة لا حصر لها ومن أنواعه
وسواس الموت القهرى
وهو أشرس أنواع الوساوس، لأن الخوف لدى المصاب بوسواس الموت القهرى يزيد عن الحجم الطبيعى، يصاحبه قلق عام وخوف طوال الوقت من كل الأشياء ونوبات هلع وأفكار دائمة عن الموت وعذاب القبر وخلافه من الأمور البشعة المتعلقة بالموت كالحوادث
وسواس المرض
وهو إضطراب دائم وشعور بالخوف من المرض، ويسبب القلق بشكل مفرط يجعل المصاب بوسواس المرض يضع برأسه دائماً فكرة أنه سيصاب بمرض ما خطير كالإيدز أو السرطان على سبيل المثال، ويجد نفسه دائماً يشعر بالقلق والإنزعاج على حالته الصحية حتى إذا لم يكن به أى عارض أو عارض لمرض بسيط ومع الوقت يتجنب المصاب ممارسة حياته بشكل طبيعى خوفاً من تدهور صحته
وسواس النظافة
وهو أكثر أنواع الوساوس ضرراً لصاحبه والمحيطين به، لأنه يجعل المصاب فى حالة هوس دائم بالنظافة، ويقوم بغسل يديه مرتين أو حتى ثلاث بمجرد لمسه للأشياء أو مصافحة الأخرين، وحتى بالمنزل يقوم بالبحث عن الغبار ومسحه لدرجة المبالغة، ومتعلق وسواس النظافة بوسواس الترتيب، فالمصاب يكره بشدة أن يجد شيئاً ما تحرك من مكانه ولو بضع سنتيمترات
وسواس الشك
وسواس الشك من أشد أنواع الوساوس التى تدمر حياة الإنسان وتفقده الثقة فى كل من حوله، وإنعدام الثقة بالأخرين وبكل شيئ وترجمة كل ما يحدث بجانب سوداوى سلبى هى الأساس مع وجود فكرة الشك المتسلطة على الشخص ومتحكمة بأفعاله، رغم محاولات إقناع المصاب بأن ما شكه ليس فى محله أو إنه مجرد أوهام يبقى دائماً فى حالة شك وريب، وهذا النوع يتطلب تدخل طبى فورى مع التحلى بالصبر لأنه يتطلب وقتاً طويلاً للعلاج، لأنه قد يتفاقم إن لم يعالج ويتسبب فى عواقب وخيمة كالقتل وتدمير كل ما حوله
وسواس القتل
وسواس القتل من أنواع الوسواس المؤذية للشخص قبل أن تؤذى من حوله، فهو يشعر دائماً بأن هناك أحد ما يتربص به أو بعائلته، ويتحول خوفه لخوف مرضى يجعله يسكر الأبواب والنوافذ ويتخذ كل الإحتياطات الأمنية اللازمة لنجاته من القاتل الذى لا أساس لوجوده
وسواس السرقة
وهو نوع من الوساوس شديدة الإحراج لأصحابها، فقد تضبط الكاميرات أو الأشخاص المحيطين بالمريض تلبسه وهو يسرق بعض الأشياء التافهة التى لا يحتاج لها، وتختلف درجة وسواس السرقة عن الوساوس الأخرى، وفى كثير من الأحيان لا يطلب المريض مساعدة الطبيب أو أسرته لمعالجة الأمر خوفاً من الفضائح التى قد تلاحقه أو العقوبات القانونية
ويظهر ذلك النوع من الوسواس فى مراحل المراهقة والبلوغ وقد يحدث فى وقت متأخر من البلوغ، ويرتبط وسواس السرقة بالمواد المسؤولة عن الناقلات العصبية التى تنظم حالة المزاج والإنفعال، ما يجعل الشخص صاحب سلوك إندفاعى أو عدائى، وهذا النوع يتطلب ملاحظة لسلوكيات المريض ومحاولة إقناعه بالعلاج وإطمئنانه بأن كل شيئ سيكون بخير، مع مراعاة مراجعة التاريخ المرضى للأسرة
وسواس الوضوء والصلاة
وهو نوع من أنواع الوساوس التى تجعل المُصلى لا يقتنع بتأدية صلاته بشكل جيد أو وضوؤه، وبالرغم من مقاومة هذا الشعور، إلا أن المصاب لا يستطيع السيطرة عليه ما يجعله يتوجب عليه إعادة الوضوء من جديد ومن ثم الصلاة مرة أخرى، وهذا النوع من الوسواس يتطلب علاجاً منذ بداية حدوثه حتى لا يتضخم مع الوقت
وسواس العقيدة
وهو وسواس كالسلاح ذو حدين ومؤلم لصاحبه، لأنه إما أن يجعل صاحبه يبالغ فى الأمور العقائدية أو يتحول مع توارد الأفكار إلى شخص صاحب أفكار معاكسة للدين، لأنه ينظر فى الأمور العقائدية من منظور واحد خاص به فقط دون الإستماع لصوت العلماء أو العقل، حتى مع علمه بأنها أفكار لا أساس لها وغير صحيحة وقد تجعله يقدم على التطاول على الأديان لكنه يقوم بها بشكل لا إرادى لسيطرة الأفكار عليه، وهذا النوع من المرض يجب فوراً معالجته حتى لا يتطور بشكل يضر بصاحبه والمجتمع
وسواس الحرائق
وهذا النوع من الوسائس مؤذى للجميع، فهو يجعل صاحبه يقدم على إفتعال الحرائق والكوارث بالنار، ثم محاولة إبداء الندم على ما أقدم على فعله والأضرار التى تسبب لها سواء للمحيطين أو المجتمع، وأحيان أخرى يجعل صاحبه يفكر دائماً بأن هناك حريق ما سوف يشب فى مكان تواجده، وهذا النوع من الوساوس يجب البدء فى معالجته والسيطرة عليه سريعاً
وسواس الأفكار الإباحية والكحوليات
هذا النوع من الوساوس يجعل صاحبه يفكر بشكل دائم بالأفكار الإباحية والجامحة والوقوع فى علاقات مشبوهة ومن ثم الندم على إرتكابها، وهو نوع من أنواع الأفكار التى ترفع نسبة الأفكار المثيرة والرغبة والشهوة التى تنعكس على سلوكيات الفرد فيما بعد، وتتحول مع مرور الوقت لأفعال مؤذية وفى بعض الأحيان قد يتحول لسادية مؤذية للشريك
كذلك وسواس إدمان الكحوليات وهو وسواس مدمر لصاحبه، حيث يجعله يقبل على شرب الكحوليات بشراهة وقد يصل الأمر للمواد المخدرة وكل ما يذهب العقل، وهو الأمر الذى يؤثر نفسياً وصحياً على الإنسان
ثانياً هو الوسواس مرض مزمن يسبب الجنون أو الموت؟
بكل أسف فإن المختصين أجمعوا على أن الوسواس القهرى مرض من الأمراض النفسية المزمنة الإنتكاسية، خاصة إذا إستمر مع الفرد لأكثر من عام، لأنه يجعله فى حالة إنزعاج دائم وفكر وتسلط
ولكن هناك طرق كثيرة للسيطرة على الوسواس وعلاجه يصفها الطبيب المعالج للمريض، وفى بعض الحالات النادرة قد يتطلب الأمر خضوع المريض لجلسات علاج نفسى بالمستشفيات
ومن الأمور الجيدة أن نسبة تجاوب المرضى مع العلاج كانت مبشرة، حيث أظهرت الأبحاث أن ثلاث أرباع مرضى الوسواس تجاوبوا بشكل ملحوظ مع العلاج وإنخفض معدل الوساوس لديهم بنسبة 60% عن بداية العلاج
ولكن، هل الوسواس يسبب الجنون أو الموت؟
إطمئن فالجواب لا، فالوسواس القهرى هو حالة من القلق والإكتئاب وهو مجرد حالة نفسية تصيب الإنسان بسبب سيطرة فكرة معينة على أفكاره لكنها لا تسبب له الجنون أبداً ويمكن علاجها والسيطرة عليها
وكذلك لا يسبب الوسواس الموت، إلا فى حالات نادرة للغاية وهى حالات الإصابة بوسواس القتل أو وسواس الموت القهرى، وهى حالة يمكن أيضاً علاجها والسيطرة عليها تحت إشراف الطبيب المعالج للحالة