جدة ـ مهند قحطان
ما تكاد تدلف إلى أي شارع في المدن بالمملكة حتى تصطدم عيناك بسلسة من مغاسل الملابس، والتي تديرها عمالة وافدة، وللتو تقفز إلى ذاكرتك أسئلة “مغسولة” بالحيرة حول السلامة الصحية في هذه المغاسل، خصوصا وأن بعض العمالة في المغاسل تقوم بغسيل ملابس الزبائن كلها في غسالة واحدة أو رمي الملابس في “البانيو” وغسلها كيفما إتفق، وهو الأمر الذي ينشر أمراض الحساسية والجرب، والفطريات و” التينيا الحمراء ” وليس هذا فحسب، بل أن بعض العمالة في المغاسل يستخدمون ” مواد كيماوية ” ربما تسبب الضرر للإنسان، والأدهي من ذلك أن بعضهم يضعون الملابس في حوض الاستحمام ” البانيو” ويتم دهسها بالأرجل.
وأجمع عدد من المواطنين أن مغاسل الملابس تعد جزءاً من سياق الحركة اليومية للمجتمع وأنشطته التي لا غنى عنها لكثير من الأفراد، إلى جانب المفروشات، لكن تظل قضية ضمان التعقيم وجودة الغسيل هاجسا يقلق البعض، ومنهم من تعرض لتجارب سلبية مع إهمال أو أخطار محتملة من عدوى أو استخدام مواد كيماوية تصيب بالحساسية وأمراض جلدية، خصوصا الجرب وغيره من الأمراض الجلدية.
(البلاد) توجهت إلى عدد من المغاسل وناقشت القضية مع أكثر من طرف، بحثا عن الحقيقة بين الواقع والمأمول في قضية السلامة الصحية داخل المغاسل.
حول ذلك يقول سالم احمد إن العديد من المغاسل تلجأ إلى عملية الخلط في الملابس أثناء الغسيل بهدف التوفير في الوقت والجهد والتكاليف
مؤكداً أنها عملية غير أخلاقية لأنها ضارة جداً على المستوى الصحي للزبائن وتسبب لهم أمراضاً متعددة.
وفي هذا السياق أوضح أحمد بامجلي أنه يفضل غسل الثياب والغتر في المنزل لأنه لا يعلم ما يدور خلف كواليس المغاسل وذلك بعد تجربة مر بها سابقا وهي رداءة النظافة
وأضاف بقوله ” تسلمت ملابسي من إحدى المغاسل الصغيرة وحين قمت بلبس الثوب وجدت به بعض البقع الحمراء، فتيقنت أن كثيراً من المغاسل لا تهتم بمستوى النظافة، فقررت أن يكون غسيلي في المنزل وذهابي للمغاسل فقط لكي الملابس.
ونبه بامجلي أن بعض المغاسل تحولت في الداخل إلى ورشة متنوعة، حيث الأحواض الكبيرة المتسخة القريبة من المراحيض وأماكن الطبخ والنوم
ويرى أن ما تخبئه المغاسل مغاير تماما لما تظهره، فبعض المغاسل تتجه إلى نقع الملابس في أحواض كبيرة مجتمعة من غير فرز، فتختلط الملابس النسائية والرجالية والملابس الداخلية، عدا الأوساخ التي تعلو الحائط والأرضية، ما يسبب المرض .
سوء النظافة
من جهته أكد احمد البدر أن العديد من الملاحظات والتجاوزات، ” تطارد ” مغاسل الملابس منها سوء تصريف المياه وتسربها من الحنفيات، وتكديس الملابس المتسخة على الأرضيات، وسوء نظافة آلات الغسل من الداخل والخارج
إضافة إلى استعمال المغسلة في تخزين الأغراض الشخصية، وسوء نظافة العاملين، وعدم فصل الملابس المتسخة عن الملابس المغسولة، والاستخدام المتكرر لمياه التي يغسل بها، وخلط الملابس شديدة الاتساخ بأخرى أقل منها دون تصنيف مما يؤدي إلى نقل العدوى من خلالها والعديد من الامراض الجلدية لكلا الطرفين.
وقال أحد العاملين في مغسلة بحي السلامة بجدة رفض ذكر إسمه وأكتفى بتسمية نفسه ” أبو رياض ” أنه يعمل في هذه المهنة المتعبة منذ 10 سنوات دون انقطاع
موضحا أن الغسيل له عدة درجات فهناك غسيل 12 ساعة إذا كان الزبون غير مستعجل، وغسيل ساعة واحدة، وأن تكلفة الغسيل العادي 3 ريالات والفوري 5 ريالات.
أنواع المنظفات
وأضاف أنه يستخدم عدة أنواع من المنظفات منها صابون مختص و” كلور” للثياب لتكون نظيفة، أما عن جزئية خلط الملابس، فقال ” نحن نخلط الملابس لكن ليست كما يتوقع الناس، فنحن نقوم بفرز كل قطعة لوحدها مثالا على ذلك نقوم بوضع السراويل مع بعضها البعض والاشمغة مع بعضها البعض والملابس الداخلية مع بعضها البعض وبهذه الطريقة يتم غسل الملابس
وأشار أبو رياض أن جزئية خوف الناس من انتقال الجراثيم غير صحيحة كون الغسيل بالمواد المنظفة لا يجعل لهذه الامراض ان وجدت أي اثر بالإضافة الى ما يجهله اغلب الزبائن بما نقوم به بعد الغسيل هوا تحميس الملابس بالأجهزة الموجودة داخل المغسلة وبهذه الحالة مهما كان الفايروس او المرض فانه يصبح لا اثر له.
مياه خاصة
ويؤكد عامل آخر في مغسلة بحي السلامة أن آلية التعامل مع الملابس الواردة من قبل الزبائن تتم عبر القيام بغسيل ملابس كل زبون على حدة، وباستخدام مياه خاصة بكل شخص يتم التخلص منها وتجديدها عند البدء بغسيل ملابس زبون آخر
لافتاً الى أن الغسالات الكبيرة الموجودة في المحل يجري بواسطتها غسيل الأغطية والستائر وغيرها من القطع الكبيرة.
وحول عملية خلط الغسيل بعضه ببعض، موضحا أن العملاة في بعض المغاسل تقوم بخلط الملابس.
أمراض جلدية
من ناحيتها أعلنت الباحثة السعودية سناء الغمغام أن خلط الملابس في المغاسل ينتج عنه أمراض جلدية ناتجة عن ميكروبات وطفيليات تظهر على الجلد في صورة بقع بنية أو بيضاء، وقد تظهر على صورة قروح وحكة شديدة، ومن أشهر الأمراض الناتجة عن الفطريات ” التينيا الملونة “، وأخطر الطفيليات التي تنتقل عن طريق الملابس من شخص لآخر القمل، عدا الأمراض الجرثومية التي تنتقل مع الرذاذ الذي قد يختلط بالملابس مثل السل والفطريات.
وأشارت في كتابها لها إلى أن مرض الجرب يحتاج إلى تلامس مباشر بين شخصين لتتم العدوى، إلا أن بعض حالات الجرب انتشرت في بعض الأسر، ولم يكن هناك سبب للعدوى، سوى أن أحد أفراد الأسرة اعتاد على غسل ملابسه في المغاسل العامة.
وقالت إنه لابد من الاعتراف بأن المغاسل أمر لابد منه، لذا يجب الحرص وأخذ الحيطة عند الاستفادة من خدمات هذه المغاسل، والاكتفاء بإرسال الملابس للكي فقط بعد غسلها في المنزل جيدا، لأن هذا يقلل الكثير من الأضرار، أما في حالات الضرورة والتي يضطر فيها الشخص إلى غسل الملابس وكيها بالمغاسل فعليه البحث عن المغاسل ذات السمعة الطيبة.
ولا ينخدع الشخص بتدني السعر، ولا بزخرفة المحل، ولا بالعروض المغرية، ومن حق الزبون الاطلاع على كيفية غسيل ملابسه، ومعرفة الطريقة التي يتم بها الغسيل، لذا عليه ألا يحرج أبدا، ولا يتردد بتوجيه أي سؤال بخصوص طريقة التعامل مع ملابسه، وعليه أن يتذكر دائما أن الأمراض الجلدية في الغالب لا تظهر إلا بعد فترة قد تصل إلى شهر، وفي بعض الأحيان سنة.
غسيل بالأرجل
وأبانت الغمغام أن عدم تطبيق المغاسل للطرق المتبعة للسلامة عالميا يؤدي لانتشار الأمراض، فبعض المغاسل تقوم بعملية الغسيل بطرق خاطئة وخطرة تؤدي إلى انتشار الأمراض الجلدية من خلال العدوى وانتقالها من شخص لآخر، لإهمالها الطرق والقواعد المتبعة عالميا للحفاظ على الملابس.
وعدم استخدامها مواد خاصة لتعقيم الملابس، فأكثر المغاسل تضع الماء في الغسالة صباحا، ولا تقوم بتغييره إلا في المساء، والبعض لا يبالي بتكدس ملابس الزبائن مع بعضها بدون اتخاذ بعض الاحتياطات، وكذلك فإن بعض الملابس توضع في حوض الاستحمام «البانيو» ويتم دهسها بالأرجل، والبعض ينظف الملابس بفرشاة أقرب ما تكون لفرشاة كنس الزبالة.
وأضافت أنه من الطبيعي عدم إمكانية غسل ملابس كل زبون على حدة، ولكن لا بد من تغيير الماء خلال الغسلة الواحدة حوالي 6 مرات، وتتم إضافة مادة معقمة خاصة في كل مرة يتم فيها تغيير الماء، إضافة إلى مواد قاتلة للبكتيريا، علما أنه لابد من استخدام مياه محلاة لغسل الملابس.
حملات رقابة مستمرة
أكد المتحدث الرسمي لأمانة محافظة جدة محمد البقمي لـ(البلاد) أن مغاسل الملابس تخضع للائحة الاشتراطات البلدية العامة التي حددتها وزارة الشؤون البلدية والقروية، كأي نشاط تجاري آخر، إلى جانب الاشتراطات البلدية الخاصة بالنشاط، وهي ضمن الأنشطة المرتبطة بالصحة العامة.
وأضاف البقمي أن الأمانة تتابع مغاسل الملابس بصفة دورية وتستهدفها ضمن حملاتها الرقابية الدائمة للتأكد من تطبيق الاشتراطات البلدية والصحية على الموقع وعلى الأشخاص العاملين في تلك المغاسل، سواء من حيث توافر الشهادات الصحية أو الالتزام بالنظافة العامة واتباع الأنظمة والتعليمات في ذلك.
وأشار البقمي إلى أن أمانة جدة تلزم جميع العاملين في المنشآت الغذائية والصحية إجمالاً بحضور دورات تدريبية في مركز تدريب العاملين في منشآت الغذاء والصحة العامة التابع لها، والذي بموجبة يتم منح العامل الشهادة الصحية.