إيران دولة نفطية، ولديها ثروات طبيعية هائلة، كان بإمكانها أن تبني اقتصاداً كبيراً لو أنها سخّرت إمكاناتها في هذا الجانب، لكنها اتجهت للبحث عن مزاعم زائفة وأطماع توسعية، على حساب بناء الداخل.
فوضى، تخريب، إرهاب، هذا ما جنته المنطقة من إيران منذُ إعلان جمهوريتها في (١٩٧٩م)، ومنذُ ذلك التاريخ أدخلت إيران المنطقة في صراعات طائفية قوّضت الأمن والاستقرار فيها.
أسست مليشيا موالية لها في لبنان «حزب الله» لتقتل اللبنانيين الذين لم يتماشوا مع مشروعها، وكذلك فعلت في سوريا، وفي العراق، وفي اليمن، وسعت أيضاً لتأسيس مليشيا في البحرين قبل أن يفشل مشروعها بعد وقوف المملكة مع حكومة البحرين وإفشالها هذا المخطط، وعملت على جرّ قطر بعيداً محيطها الخليجي والعربي، وجعلها خصماً لهم، زرعت الموت والخراب في كل مكان، وكسبت رصيداً كبيراً من كُره الشعوب لها ولأفعالها.
زرعت إيران مليشيا في أكثر من دولة، بهدف أن تنفذ هذه المليشيات أجندة إيران السياسية، وأطماعها التوسعية ، وتوجّهها لاستعداء السعودية، ومهاجمتها فكراً وقولاً، وحتى فعلاً كما هو حاصل مع المليشيا الحوثية، مُجسدة مبدأ الولاء لإيران على الولاء لوطنها الذي يُحتّم عليها رفض الإملاءات، ورفض الخروج عن الدولة، ورفض الاعتداء على البلد الجار، وقبل هذ وذاك رفض امتلاكها للسلاح، ومنازعة الدولة على السلطة، والانقلاب عليها.
المشاريع التوسعية تسقط قبل أن تُحقق هدفها، تسقط لأنها تُصدر فكرها المرفوض إلى بلدان لا تقبله، وتسقط لأن سعيها لتصدير فكرها يجعل من رصيدها في قبول الآخرين لها، ومن رصيدها المالي يتآكل، فتقلّ فرص النجاح، كلما طال أمد الوقت بها في سعيها لتصديرها مشروعها.
لم تقدم إيران نفسها على أنها «دولة» تحترم المواثيق الدولية، وسيادة كل دولة على أرضها، ودائماً ما تتطاول على حق الغير في دولتهم، وفي حقهم في اختيار نظام وطريقة حكم خاص بهم، تُرِيد فرض قرارها وسلطتها من وراء البحار، وجعل هذه الدولة أو تلك مستقبلة لمشروعها الدخيل والمرفوض.
كرّست إيران في الأذهان صورة سيئة عن نفسها، وبأنها دولة «فوضوية» لا أكثر، لديها أيادٍ «مليشياوية» تنشر الفوضى، وتقوّض الاستقرار في المنطقة، يعتقد نظامها الحاكم أن الهروب من مواجهة أزماته الداخلية، كـ (الفقر، والبطالة، والفساد، وسوء الخدمات)، إلى افتعال أزمات وأحداث خارجية مُضجّة سيُعيد له بعضاً من تأييد الموقف الداخلي الذي يتعاظم رفضه لوجوده.
إيران قبل غيرها هي بحاجة إلى أن تكون دولة طبيعية كسائر الدول، تأخذ مالها من حق، وتُعطي ما عليها من واجبات، سواء كانت داخلياً من السعي لرفاه المواطن وخدمته، وخارجياً من دعم استقرار المنطقة وأمنها. فتوهان سياستها يُعجّل بسقوط ارتدادي في الداخل الإيراني، فمساوئ حكم النظام، وباتت كذلك لا تحتمل صبر الشعب عليه، وغير بعيد أن ينفجر الموقف الشعبي رغم حجم القبضة الاستبدادية التي تؤجل حصول هذا الغضب الشعبي الثائر، لكنها لا تستطيع منعه للأبد.