ماذا تريد إيران بالضبط ؟ سؤال منغمس بعلامات تعجب، لا تعد ولا تحصى، محاط بإجابات متباينة، جلها يشير إلى مراد لا يتجاوز مبتغى إيقاع الضرر، بكل ما يمت للعروبة بصلة. فالموضوع وفقًا لرؤى البعض بلغ حد الإسراف والتضخم والغرور؛ حتى طفح كيل الضغينة، وفاض مكيال الحسد، وبرزت أنياب الفرس، فأصبحت عواصم العرب هدفًا للخراب والدمار.
الشعب الإيراني، شأنه شأن كافة شعوب الأرض، فيما يتعلق بالآمال التي كانت معقودة على الإمكانية الضئيلة لعودة الملالي عن خط التفجير، والتدمير، وتصدير الفوضى، وضرب الاقتصاد الإيراني، قبل غيره في مقتل؛ حتى بات المجتمع في إيران على رأس الأكثر فقرًا في العالم، نتيجة للممارسات الطائشة، رغم ما حباهم الله من نعم، لها أول وليس لها آخر، قبل أن يتم تسخيرها لتحقيق أحلام شيطانية، قامت على تأسيس وتمويل الجماعات الإرهابية من خلال التجييش، وتسطيح العقول.
مضت أربعة عقود، ولا زال الإيرانيون مشتتين في كافة بقاع العالم، فيما يقبع سوادهم الأعظم، تحت وطأة السيطرة والاستبداد، عبر رؤى شخصية قاصرة لحفنة من المعممين، امتلأت جيوبهم بمليارات الدولارات، يفعلون مالا يقولون، ويستقوون بنصوص، ليست من الدين في شيء؛ لتحقيق مآربهم، حتى أضحى الإسلام قبل صيانة سمعته، مرتعًا للاتهامات والتأويلات والتفسيرات، رغم وضوح المبادئ، والاتفاق، الذي لا يقبل الشك، حول براءة الأديان- كل الأديان- من سفك أرواح الأبرياء، وإحداث الفوضى والفرقة والشقاق والنزاع، على النحو الذي عشناه ولازلنا؛ لتحقيق أطماع قائمة على استعادة أمجاد امبراطورية فارس، التي سادت ثم بادت.
ستظل إيران، ذات النهج الفوضوي مارقة؛ مادام الملالي على رأس السلطة، فأحلام إبليس بالجنة، لازالت ترتع تحت العمائم، ولا أدل على ذلك من الفخر الذي بدا واضحًا متكررًا عبر مزاعم السيطرة على أربع عواصم عربية، وليس سرًا بأن المستهدف 22 عاصمة بالتمام والكمال، وهو الهدف المعلن منذ وصول الملالي إلى مطار طهران عام 1979 ، تأخر متأثرًا بحرب السنوات الثماني، وازداد تأخرًا بفعل وقفة المملكة الحازمة الصارمة لحماية شعوب العالم العربي، من مصير دموي كارثي دفع الملالي لإبراز الأحقاد على النحو المشهود؛ رغم الجهود التي تبذلها المملكة للاحتكام للعقل، وتغليب مصالح الإسلام والمسلمين، ومنح الفرصة تلو الأخرى، دون أدنى نتيجة، عدا الصلف والجهل، وتأسيس المزيد من الميليشيات، وتمويل ودعم الإرهاب؛ بغض النظر عن الدين، والمذهب.
لا يملك ملالي إيران، ومن هم على نفس الشاكلة، سوى الهروب إلى الأمام، فزوال التوتر، وفقا لأعرافهم، يعني دون شك، نهاية السيطرة، بل نهاية الحقبة، فالقناعة راسخة لدى هؤلاء بأن الاستمرار في الحكم مرهون باستمرار القلاقل، وزعزعة الاستقرار، والذهاب بالعامة بعيدًا عن التنمية، فحياة الأجيال ليست ضمن حسابات صاحب القرار المتفرد في طهران على الإطلاق، فالدول بالعادة في حاجة لحكماء، يُسيّرون شؤون وأمور المجتمعات، وهو الشرط المفقود في الحالة الإيرانية، التي تعبر بدقة عن اللا دولة.
ولأننا أمام مفترق طرق، فقد وقف العالم أجمع منددًا بالهوس الإيراني، الذي تجاوز الحدود، فأضحى بحاجة ماسة لرادع في أعقاب استهداف الملالي للأطفال والنساء الآمنين المطمئنين في كافة بقاع الأرض، إضافة إلى فوضى إغراق السفن وتلويث مياه البحار، واستهداف المرافق المدنية وتعطيل إمدادات النفط العالمي، على نحو غير مسبوق، كما حدث بالصوت والصورة في خليج عمان؛ لتتضح الصورة، ويتجلى الهدف وتزداد الحاجة لحماية الأمن العالمي، وإطلاق سراح شعوب ومجتمعات بشرية، من نير الاستبداد والاختطاف الخارج عن قوانين ومواثيق الأمم المتحدة.
ستظل المملكة العربية السعودية شامخة حكيمة، ذات وزن سياسي وعسكري واقتصادي، تعمل في إطار القوانين، وتجتهد لحفظ الاستقرار وحماية الإنسان أينما كان، وعندما تضرب توجع..” فاتقوا شر الحليم إذا غضب”.