الإقتصاد

انطلاق ندوة البركة 39 ودعوات لإنشاء لتطوير منتجات من الاقتصاد الإسلامي

جدة : عبدالهادي المالكي

بدأت أعمال ندوة البركة للاقتصادي الإسلامي في نسختها التاسعة والثلاثين في محافظة جدة اليوم الإثنين بحضور أثر من 500 مختص من عدد من دول العالم الإسلامي حيث استهل رئيس المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية ورئيس مجلس أمناء وقف اقرأ للأنماء والتشغيل صالح كامل كلمته الافتتاحية برفع أطيب الأمنيات في هذا الشهر لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان وعلى هذا البلد الأمين الذي دعا له سيدنا إبراهيم عليه السلام.

وقال خلال كلمته الافتتاحية لندوة البركة أن المشارك في رؤية 2030 التي وضعها ولي العهد التي تضمن الكثير من التصحيح، ستنعكس في حديثي اليوم الذي ينصب على التصحيح في البنوك الإسلامية، فبالرغم من بلوغنا ما يقارب الخمسين عام في المصارف الإسلامية إلا أنه لايزال أمامنا الكثير حتى نستطيع أن نصل لمقاصد ومعاني الاقتصاد الإسلامي والتي أهملنا في مسيرتها بعد العشر السنوات الأولى المقاسط واهتمينا بالآليات ولم نهتم بابتكار منتجات إسلامية مبتدأه من مقاصد الشريعة، بل حتى وانحصر العمل على إيجاد مخارج شرعية لكل ما هو موجود في الغرب، ونحن هنا لا يمكن أن نتجاهل الجهود المبذولة والعمل الدؤوب فجراهم الله خير ولكن عندما انشأنا هذه المسيرة كان هدفها ان نبرأ الى الله من الربا فمقاصد البيع تختلف كثيرا عن مقاصد الرباء فالبيع أريد ان اشتري شيء استعمله أو أتاجر فيه وليس لان احصل على نقد اقل ثم ادفع نقد آخر وانا لم استلم سلعة.

وأضاف كامل هنا وبالرغم من الخير والبركة ومن الفتاوي الشرعية ونحوها نحن نطمح بالمزيد، وكوني الآن مابين رئيس البنك الاسلامي للتنمية الدكتور بندر حجار وبين أمين عام مجمع الفقه الإسلامي الدكتور عبدالسلام العبادي وفي وجود ندوة البركة باعتبارها قد قطعت 40 عام مسؤولية وتطوير أدوات نابعة من حاجتنا خاضه لمقاصد الشريعة وليس فقط محاولة إيجاد حلول لفضية، فنحن ظلمنا الاقتصاد الإسلامي عندما حصرناه في البنوك الإسلامية وعندما بدأنا المسيرة منذ أكثر من 40 عام بدأنا في بنوك فيصل في السودان ومصر وبنك دبي وغيرها، فد كنا نمارس التجارة والاستثمار ونتلقا الأموال للاستثمار وفي الحسابات الجارية وتطورت البنوك التجارية ووجد كثير من البنوك في الغرب أنظمة تتطابق مع نظم وآليات الاقتصاد الإسلامي فلماذا انحصرنا فقط في النموذج التجاري.

وشدد كامل على ضرورة العودة كما بدأت به المسرة بثلاث أذرع من بنوك استثمار وشركات استثمار ولابد أن يكون ثالثهما البنك التجاري فالثلاثة يمثلون منظومة واحدة لتخض كل عملية للسلطة الإشراقية التي تتبعها ولا نتبع للبنوك المركزية التي أنظمتها معروفة، مقترحا انشاء هيئة لتطوير منتجات من الاقتصاد الإسلامي وليس لتحرير المنتجات من الاقتصاد الغربي الى اقتصاد الإسلامي.

بالجلسة الأولى تحت عنوان “صكوك رأس المال المساند” حيث أوضح الأمين العالم السابق للمركز الإسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم في دولة الإمارات الدكتور عبدالستار الخويلدي خلال بحثه في الجلسة الأولى تحت عنوان صكوك رأس المال الإضافي أن الإطار العام للجنة بازل 3 باعتبارها منطلق التشريعات المصرفية والمعايير الدولية هي مجموعة من الإجراءات تم اتخاذها بتوجيه من مجموعة العشرين غرضها معالجة مباشرة ورد فعل عالمي على ما أفرزته الأزمة المالية 2007-2009 من ضعف إجراءات الملاءة المالية ما قبل الأزمة وذلك بتعزيز الجانب التنظيمي لتحقيق تحسين جودة الموراد الذاتية التنظيمية للبنوك بإعطاء الأهمية لقدرة البنوك على امتصاص الخسائر مع مواصلة النشاط وذلك في شكل أسهم أو ما في حكمها وكذلك الترفيع في مستوى متطلبات الموارد الذاتية لضمان صلابة البنوك ومنحها خطوط دفاعية لمواجهة الخسائر في زمن الأزمات، كذلك تعزيز تشخيص المخاطر وتغطيتها وأخيرا تخفيض التقلبات الدورية الاقتصادية عن طريق هوامش اضافية لمواجهة التقلبات الدورية والحفاظ على راس المال.

من جهته يشير المراقب الشرعي في إحدى المصارف الخليجية الدكتور محمد عربونة وخلال بحثه “صكوك الشق الأول من رأس المال ومتطلبات بازل 3 في ميزان الضوابط والمبادئ الشرعية لعقود المشاركات والمساهمات” في الجلسة الأولى أن الصيرفة الإسلامية تشهد مرحلة متقدمة من التطوير والقبول فخلال أربعة عقود حدثت تغييرات وتطورات جمة على صيغ التمويل والاستثمار في المؤسسات المالية الإسلامية، وما برحت المؤسسات المالية الإسلامية تواجه مزيدا من التغييرات الحثيثة والتطورات المتلاحقة التي تغشى الأدوات المالية الإسلامية، حيث فرض هذا التطور على الفقهاء مناقشة وإيجاد حلول شرعية لمسائل في غاية الأهمية في معاملات المؤسسات المالية الإسلامية عامة، منها جزئيات تطبيقية التي أفرزها إصدارات الصكوك الاستثمارية، ظهرت بشكل جلي في المستندات المتعلقة بإصدارات الصكوك وتطبيقاتها.

وزاد، إنه وباستقراء مستندات إصدارات الصكوك نجد أن هذه المسائل مبعثرة في أماكن متفرقة منها، وتتم الإشارة إليها في شكل هيكلة معينة أو قضية فقهية طرأت عند إعداد العقود أو نشرات إصدار الصكوك، أن الفقهاء المعاصرين وخبراء الاقتصاد الإسلامي على تنوع اتجاهاتهم يؤكدون على ضرورة اعتماد الصيرفة الإسلامية أو الاقتصاد الإسلامي نظام المشاركات التي فيها مخاطر يقابلها ربح مجز ولا ضمان فيها، وتجنب صيغ التمويل ما أمكن، لأن صيغ المشاركات هي التي تحقق الأهداف السامية للاقتصاد الإسلامي، ومع ذلك يجب تقرير القول بأن وجود مخاطر ونفي الضمان وإمكانية الخسارة بشكل عالٍ أو متدن في أي منتج لا يعني بالضرورة أن هذا المنتج شرعي أو أحسن بسبب وجود المخاطرة، أو انتفاء الضمان، حيث إن المخاطرة وانتفاء الضمان لا تكفيان وحدهما لإضفاء الشرعية على هيكلة أو منتج أو معاملة معينة، وإلا لزم من ذلك جواز مجموعة كبير من هياكل المعاملات التي تأخذ صفة القمار بسبب عدم وجود ضمان وتحقق المخاطرة العالية.

بدوره قال الدكتور خالد السياري خلال الجلسة الأولى في بحثه المتعلق بالصكوك الدائمة الإضافية الداعمة لرأس مال البنوك في ضوء معايير بازل الثالثة والتي من شأنها تخفيف الضغوط على البنوك التي قد تجد صعوبة في جمع رؤوس أموال: ” يمكن تعريف صكوك الشريحة الأولى بأنها أوراق مالية دائمة يصدرها بنك وفق عقد المشاركة قادرة على امتصاص خسائره، وهي الصكوك التي يحصل بها البنك الإسلامي على رأس مال إضافي يكون مع رأس المال الأصلي”، وأضاف أن هناك مسائل مستجدة في قضايا الصكوك التي تصدرها البنوك الممتثلة لمعايير لجنة بازل للرقابة المصرفية في نسختها الثالثة لغرض دعم وتعزيز قاعدة رأس مال البنوك، لحمايتها من التعثر والإفلاس غير المتوقع للاطمئنان على عدم تكرار الأزمة المالية العالمية 2008 م، لذلك تكمن أهمية الموضوع في أن إصدارات صكوك الشريحة الأولى آخذه في النمو والانتشار لضرورة تحقيق المتطلبات النظامية في معايير كفاءة رأس مال البنوك، إضافة إلى إنشاء صناديق استثمارية مقيدة بالاستثمار في هذا النوع الخاص من الصكوك.

وتابع من المعلوم أن إفلاس شركات المساهمة العامة يؤثر في اقتصاد الدولة ما لا يؤثر فيه إفلاس المؤسسات الفردية أو الشركات الخاصة، فكيف إذا كان الإفلاس من شركة مساهمة عامة في النشاط المصرفي (البنوك) فإن خطورة إفلاسها وتأثر اقتصاد الدولة بها أكثر عمقا وأشد أثرا وهذا الذي يفسر تدخل كثير من الدول وإحكام قبضتها على البنوك بكثير من الشروط والقيود والقواعد ما لا يوجد لدى غيرها من الشركات الأخرى بأنشطتها المختلفة، مستشهدا بما جاء في التقرير السنوي لمؤسسة النقد العربي السعودي والتي واصلت جهودهـا فـي توجيـه المصـارف التجاريـة للالتـزام بتطبيـق معاييـر لجنـة بـازل للرقابـة المصرفيـة المتعلقـة بمعيـار كفايـة رأس المـال علـى أسـاس المخاطـر، ومـن ضمـن ذلـك وضـع إجـراءات التقييـم الداخليـة لكفايـة السـيولة التـي دخلـت حيـز التنفيـذ فـي 2018م وذلـك لمواكبـة تعليمـات بـازل 3 التـي تؤكـد علـى ضـرورة قيـاس ومراقبـة مخاطـر السـيولة ونظـرا لقيـام المصـارف بتطبيـق هذه المعايير بشـكل اسـتباقي منـذ بدايـة عـام2016 م كما أن المؤسسة تتابع ذلـك وتحدد أي فجـوات فـي التطبيـق لمعالجتهـا والالتـزام بـأي تحديثـات تطرأ عليهـا. كما أصدرت المؤسسـة المبـادئ التوجيهيـة لإدارة وقيـاس مخاطـر التدخـل الصـادرة عـن لجنـة بـازل للرقابـة المصرفيـة لغـرض تعزيـز الرقابـة لنظـام مصرفيـة الظـل وتخفيـف المخاطـر النظاميـة المحتملـة المرتبطـة بهـا.

فيما جاءت الجلسة الثانية تحت عنوان العقود الذكية والبنوك الرقمية وعمليات “بلوك تشين” قدم خلالها ثلاثة بحوث عليمة تحدث فيها نائب رئيس تقنية المعلومات بمجموعة البركة المصرفية أحمد البلوشي وقال إن العقد الذكي العقد الذكي يجمع طرفين أو أكثر، يمكن برمجته الكترونيا ثم تنفيذ بنوده بشكل تلقائي بمجرد تحقق أحداث معينة أو شروط محددة مسبقا، حيث تمتلك العقود الذكية عدة خصائص تميزها عن العقود التقليدية تتمثل أولا في استقلالية الأطراف المتعاقدة إذ لا توجد حاجة إلى سلطة مركزية، وثانيا الخصائص تتمثل في المستوى العالي من الأمن والحماية مما يمنع حدوث أي تجاوزات أو أي عمليات تزوير، أما الخاصية الثالثة فهي تتمثل في الشفافية المطلقة في تنفيذ العقد الذكي. إذ يمكن لكل طرف أن يطلع على أحكام، شروط ووضعية العقد لحظة بلحظة، كل هذا من شأنه القضاء على أي منازعات قد تنشب بين الأطراف المتعاقدة بمجرد انتهاء العقد، أما الخاصية الرابعة تتمثل في تقليص تكاليف الصفقة من خلال إلغاء دور الأطراف الوسيطة كالمحامين، الشهود، البنوك وغيرها وأخير فإن الخاصية الخامسة تتمثل في المستوى العالي من الدقة في تنفيذ بنود العقد.

وأضاف البلوشي لقد أدى التطور الكبير للتكنولوجيا التأثير على الصناعة المصرفية فمن الناحية التاريخية نجد بأن سرعة تبني المصارف لمختلف التكنولوجيات كانت بطيئة خصوصا إذا ما تمت مقارنتها بسرعة التطورات التكنولوجية، هذا ما أدى إلى ظهور فجوة كبيرة أثرت بشكل سلبي على المؤسسات المصرفية عموما وعلى المستهلك خصوصا، ويرجع هذا التأخر في تبني التكنولوجيات الحديثة من طرف المصارف الى الأزمة المالية التي أثرت على الاقتصاد العالمي بسبب الانشغال بالتشريعات المستجدة للحد من الأزمة المالية، وصعوبة تمويل مشاريع التكنولوجيا بسبب الأوضاع المالية للمصارف.

فيما تطرق المختص في فقه المعاملات المالية والدراسات المصرفية الإسلامية الدكتور عبد الستار أبو غده بأن التعامل المالي مجاله واسع ومتعدد باستمرار، والتعامل مع هذه المستجدات (مثل العقود الذكية) يتجاذبه أمران المواكبة العصرية لكل ما يطرح في مجال المصرفية والالتزام الشرعي يعرض كل المستجدات على الشريعة من خلال فقه المعاملات، فإذا توافق معها أخذ به، وإذا تعارض فينبغي البحث عن البديل المشروع إذا كان يلبي حاجة معتبرة وإلا فيهمل ولا تجوز الهرولة الي كل أمر جديد تطرحه الأوساط المصرفية التقليدية.

وأضاف أبو غده أن الطريقة المثلى للحكم على المنتج هي معرفة ماهيته وتصوره بشكل صحيح دون الانسياق مع الترويج والتسويق، مشيرا إلى أن مهمه الندوات الفقهية أن تواكب المستجدات من خلال الاجتهاد الجماعي لإيجاد الحلول الصحيحة لما يطرح من منتجات كلما وجد الدليل إلى ذلك، فإن كان المنتج مجافيا للشرع كان من الواجب إيجاد البدائل التي تغني عن المخالفة الشرعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *