حنان العوفي
هذا ليس مثلا يقال في حوادث مشابهة للحدث الذي قيل فيه ، بل هو أكبر من ذلك بكثير ، هو أسلوب حياة لشريحة ممتدة لا ترى لها حدا ، ولا تستطيع وقف الزحف المتنامي لتلك الشريحة التي تسلبك عيانا بيانا وأنت تضحك وتقدم لهم التهاني والتبريكات دون أن تشعر أنك مسلوب ، أو ربما تشعر بذلك لكنك لا تفعل شيئا سوى أن تبتئس وتضحك في نفس الوقت ، لأنك لو رفعت احتجاجا عليهم لأعتبروك ” الكلب ” الذي ينبح خلف القافلة التي تسير ، يحكي لي أحد الثقات عن حدثٍ عايشه هو بنفسه ،
يقول : أعمل في مؤسسة تحت رئيس لا يعنيه من الأمر سوى أن يكتمل ورقه حتى لو لم تكن الأمور المدونة حدثت على أرض الواقع ، وكانت هناك منافسة مطروحة بين المؤسسات المشابهة فأوكل لي الأمر كما هو معتاد ودون أن يهتم بالتفاصيل ، يقول قدمت ما بوسعي كي نحصل على المركز الأول وبالفعل حاز العمل الذي قدمته على إعجاب المسؤولين واستدعوا رئيسي وكرموه ومنحوه أوسمة شكر وتقدير على العمل المقدم باسم المؤسسة وكل ما فعله هو استقبال الهدايا وخطابات الشكر مع النظر لي من تحت نظارته وحاله يقول ” خير إن شاء الله ” وخير إن شاء الله معناها أنا رئيس المؤسسة وأنا الأحق بالتكريم ، هو لا يفهم لو قلت له : لكنه مجهودي وعملي ،
إنما سيفهم ذلك أنني موظف حقود ، أنا لست غاضبا على الهدايا التي حاز عليها حتى وأنا قد أنفقت على العمل من مالي الخاص ، بينما هو لم يدفع هللة واحدة ، بل لأن اسمي لم يُذكر ولم يمنحني شهادة واحدة تثبت ما فعلته من أجل أن تفوز المؤسسة بالمنافسة ، هذه صورة واحدة من صور الاسم لي والغبوق لمريم ، فالأب الذي يكدح في الليل والنهار وترى أسرته تنعم بكل ما لذ وطاب من ملذات الحياة وهو رث الملابس هو صورة مؤلمة من صور المثل، والبخيل كذلك لا يخرج من الدائرة ، المقام يطول مع اختلاف الأحوال ، وأنا أرى- وليس الحق فيما أرى – أنه إذا كان الاسم لي فلابد أن يكون الغبوق كاملا لي وأنا برغبتي أمنح الآخرين جزءا منه أو لا أمنحهم.