متابعات

 كنوز الجموم تنتظر إعادة بريقها الحضاري

مكة المكرمة – احمد الاحمدي

على مدى اكثر من خمس ساعات رافقت البلاد 50 مؤرخاً من الجمعية التاريخية السعودية بمنطقة مكة المكرمة برئاسة مديرها العام الدكتور فهد المالكي في اول زيارة لمحافظة الجموم للوقوف عن كثب على اثارها التاريخية ، والأماكن السياحية بالمحافظة ومراكزها وقراها ، وكان في استقبال الوفد محافظ الجموم عمران الزهراني وأعيان ووجهاء المحافظة والمختصين بالآثار ، وشملت الزيارة مسجدي الفتح والروضة الا ثريين ومبرة الملك عبد العزيز الخيرية وسوق مجنة التاريخي وقرية البرقة الأثرية ، واستمع الوفد الى شرح مفصل من قبل المختصين وأهالي المحافظة عن هذه المعالم التي تمثل صفحات من كتاب الوطن وتاريخه العريق.

استحوذت قرية البرقة الأثرية على اهتمام الوفد الزائر ، باعتبارها إحدى أقدم القرى الأثرية ، وجاء ذكرها في الكتب التاريخية حيث تعود الى القرن الخامس الهجري غير انها لا زالت تعاني من أياد عابثة ممن لا يعرفون مدى قيمتها التاريخية الهامة. وقد اتفق اعضاء الوفد الزائر على ان تكون هذه القرية والمعالم التاريخية المماثلة تحت حماية خاصة من قبل الجهات المعنية من اجل المحافظة على مثل هذه الا ثار التاريخية الهامة خاصة وان قرية البرقة تتمتع بوجود اثار ذات قيمة تاريخية لا زالت باقية الى اليوم مثل الأبنية الحجرية وبقايا أواني فخارية مهشمة ومتناثرة في الموقع.

مركز عسفان
كما زار الوفد التاريخي مركز عسفان التابع لمحافظة الجموم حيث تجولوا على المواقع الاثرية والتاريخية في المركز والتي من ابرزها بئر التفلة وبئر الدرج وقلعة عسفان التاريخية التي تشرف على المركز من الجهه الغربية وتقع على خط الهجرة السريع الرابط بين مكة المكرمة والمدينة المنورة.

ملاحظات الوفد
خلال الجولة لفت انتباه الوفد الزائر للجمعية التاريخية ان جميع المواقع السياحية والترفيهية الطبيعية والمعالم الأثرية والتاريخية في الجموم ومراكزها وقراها وهجرها قد تعرضت للعبث والتشويه من قبل بعض الأهالي ومربي المواشي والمعتدين على الأراضي ، لذا طالب الوفد بأهمية قيام الجهات المختصة وفي مقدمتها هيئة السياحة والتراث الوطني بالإجراءات اللازمة للمحافظة على هذه الآثار والمعالم التاريخية والمواقع السياحية البكر وحمايتها من أي عبث يطالها ممن لا يعرفون اهميتها التاريخية والسياحية ،

كما طالبوا الجهات المعنية بتمكين الشباب السعودي من الاستثمار السياحي عبر برنامج مرخص تحت اشراف وادارة هيئة السياحة والتراث الوطني ، موضحين ان من أبرز المواقع السياحية التي وقفوا على تعرضها للعبث والتشويه متنزه (شعيب الذيب) الذي يتميز بطبيعة خلابة بالإمكان يطويره والا ستفادة منه كمنتجع سياحي جميل.

محافظة غنية بالآثار
وتحدث للبلاد مدير عام الجمعية التاريخية السعودية بمنطقة مكة المكرمة الدكتور فهد المالكي فقال تأتي هذه الزيارة بعد ان اشبعت الجمعية مدن المنطقة بحثا في معالمها التاريخية والأ ثرية ولكن وهي كثيرة لكنها غائبة عن المؤرخين السعوديين ولم يتناولوا معالمها واثارها ، ولذلك لدينا خطة لزيارة المحافظات للوقوف على اثارها التاريخية ، وقد بدأنا اليوم بمحافظة الجموم باعتبارها الأقرب لمدينة مكة المكرمة وبوابتها الشمالية وموقعها الاستراتيجي على طريق الهجرة.

وأضاف: الجموم كما هو معروف محافظة غنية بالآثار والمعالم التاريخية والأماكن السياحية ذات الطبيعة البكر الخلابة ، ونظرا لأن المملكة لديها رؤية طموحة وهي رؤية 2030 والتي من ضمن أهدافها وخططها المحافظة على التراث الوطني لبلادنا، فلدينا خطط في الجمعية للوقوف على جميع المعالم التاريخية والأثرية في محافظات ومراكز منطقة مكة المكرمة ، وبالفعل وجدنا محافظة الجموم غنية بالمعالم التراثية الهامة والتي من ابرزها مسجد الفتح الذي صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم يوم قدم لفتح مكة المكرمة ، وكذلك مسجد الروضة التاريخي ،ومبرة الملك عبد العزيز الخيرية وسوق مجنة التاريخي الذي سيتم تطويره على غرار التطوير الذي حدث لسوق عكاظ بالطائف ،

كما يوجد في عسفان عدة اثار تاريخية مثل بئر التفلة وبئر الدرج وقلعة عسفان الا ثرية واضاف الدكتور المالكي ان اثار المحافظة تعرضت للعبث او عوامل التعرية والاهمال ، وسيتم المحافظة عليها بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة ، تنفيذا لتوجهات قيادتنا – رعاها الله – نحو الاهتمام بالمعالم التاريخية والأثرية يقصدها الناس من داخل المملكة ومن خارجها كالحجاج والمعتمرين والزوار.

*مطالب الأهالي*
وقال خالد منصور الحربي: لقد سعدنا كثيرا بزيارة وفد الجمعية السعودية التاريخية بقيادة مديرها الدكتور فهد المالكي والوفد المرافق له لمحافظة الجموم ومراكزها وقراها وهجرها للوقوف عن كثب على اثارها التاريخية ومعالمها الأثرية والسياحية بها ، ونعلق آمالا كبيرة على هذه الجولة بمحافظة الجموم رصد وتطوير المواقع السياحية لاستثمارها في الجذب السياحي للمحافظه ، خاصة لقربها من مكة المكرمة وبإمكان تنظيم رحلات سياحة تاريخية للحجاج والمعتمرين إليها ،

وأيضا تمتع الأهالي بالطبيعة والمناظر الخلابة في جبالها ووديانها ، ولعل من اهم الأماكن السياحية البرية التي تقع شرق الجموم شعيب الذيب وتبعد عن محافظة الجموم 5كم، وهي من المواقع القابلة للتطوير السياحي بسبب ماتتميز به من مقومات سياحية جميلة باعتبارها ارضا حكومية وموقع مميز يتوافق مع متطلبات السوق لما تتميز به من جذب سياحي ، مثل الجبل الا صفر وسوق مجنة التاريخي ووادي سرف والجبل الرملي ومسجد الفتح ، وهذه المواقع من السهل الوصول اليها لقربها من المرافق الحكومية.

ويواصل الحربي حديثه قائلا :من حسن الحظ ان وزارة البيئة والمياه والزراعة نفذت مشروعا سياحيا عام 1425 بالقرب من هذه المواقع ، تم بموجبه إعادة تأهيل الموقع وصيانته وسحب جميع الملوثات وتهيئته للسياح ، ولذلك اتساءل : كيف نستفيد من الدخل السياحي استفادة جيدة مع إهمال المقومات السياحية البرية الجميلة ؟ بل الأصعب من ذلك سمعنا عن مشروع قادم لمطور عقاري سوف يتولى قطع الا شجار البرية ونخشى في هذه الحالة طمس المعالم في المنطقة ذات الطبيعة الخلابة ،

مما يعني خسارة بيئية وسياحية فادحة ، وهذا يتعارض مع الأنظمة المهنية بمنع تغيير مثل هذه المواقع لغير التنمية السياحية . واختتم الحربي حديثه مناشدا هئية السياحة والتراث الوطني العمل على دراسة وتففعيل المواقع القابلة للتطوير وتطبيق نظام الهيئة عليها وهو حماية مثل هذه المنتزهات من اي عبث.

كنوز اثرية
من جهته قال الأستاذ مهدي بن نفاع القرشي ، وهو باحث يعد رسالة ماجستير عن تاريخ الجموم وحضارة الإنسان في المحافظة والمراكز التابعة لها: من خلال دراستي العلمية جدت أن لهذه المناطق والأماكن جذورا عميقة في التاريخ الإنساني وهناك العديد من الكنوز الأثرية والحضارية التي قامت الهيئة العامة للسياحة والاثار بالتنقيب عنها ، وقد قمت من جانبي بدراستها، ودونت أسماء ومواقع العديد من هذه المكتشفات وغيرها من الأماكن والمعالم الأثرية التي لها ارتباط بمختلف العصور سواء ماقبل الإسلام او مالها علاقة بالعصور الإسلامية في رسالة الماجستير من قسم التاريخ بجامعة أم القرى ،

ومع كل هذا الإرث التاريخي والثقافي لمحافظة الجموم ومما تمتلكه من مقومات صناعة السياحة نتمنى من المسؤولين في هيئة تطوير مكة المكرمة ومحافظة الجموم ، العمل على إحياء مواقع التراث الوطني والعربي والإسلامي والقديم وتسجيلها ضمن قائمة التراث العالمي ، خصوصا أنني رصدت خلال دراستي للآثار في المحافظة وجود بعض هذه المعالم التاريخية ضمن ممتلكات خاصة ! ، لذا كان لزاماً علينا التبليغ عنها والعمل على نزع الملكية الخاصه عنها وتسجيلها قي هئية السياحة والآثار لرعايتها والمحافظة عليها ، ومن هذه الاثار التي رصدناها بئر المحسنية وبئر الغنم وغيرها من الآثار.

كما اقترح على المسؤولين في هيئة تطوير مكة المكرمة على الاستفادة من الدراسات العلمية التي قام بها قسم التاريخ في جامعة أم القرى وتناولت عددا من محافظات مكة المكرمة ومنها محافظة الجموم والكامل والليث والقنفذة ، حيث تناولت هذه الرسائل الجامعية جميع الجوانب الإنسانية التاريخية والحضارية لهذه المحافظات والإنجازات ورصد التطور الحضاري والإداري بها في العهد السعودي الميمون.

الجموم تاريخ وحضارة
وتحدث هيزع بن علي الحسيني الشريف من إعيان ووجهاء محافظة الجموم ووكيل امارة منطقة مكة المكرمة المساعد سابقا فقال: زيارة وفد جمعية التاريخ للجموم مهمة ، نظرا لما تتمتع به هذه المحافظة من آثار تاريخية هامة ، فيكفيها شرفا ان اقدام الرسول صلى الله عليه وسلم وطأت ارضها اثناء مروره بها في طريقه الى فتح مكة المكرمة وصلى بها ، وقد اقيم في موقع صلاته مسجدا لازال قائما الى اليوم يسمى مسجد الفتح اي فتح مكة ،

كما ان البئر التي وقف عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ، تقع بالقرب من الجموم في مركز عسفان ، ويوجد مشجد اثري يسمى مسجد الروضة انشىء ابان العهد العثماني وهناك موقع مبرة الملك عبد العزيز الخيرية والتي كانت توزع الخبز مجانا على الفقراء والمحتاجين ، اضافة الى وجود سوق مجنة التاريخي الذي كان يلتقي فيه الشعراء في العصر الجاهلي ، وكل هذه الأسباب مجتمعه دعت جمعية التاريخ إلى وضع المحافظة في اولى برامج زياراتها لمحا فظات ومراكز المنطقة للوقوف عن كثب على اثارها التاريخية ومعالمها الأثرية ومواقعها السياحية الجميلة ذات الطبيعة الخلابة والتي تمتلك جميغ مقومات الجذب السياحي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *