يبدو أن الأنفلونزا بأنواعها المختلفة باتت إحدى الأمراض العصرية القاتلة بصمت مخيف ,فهي لا تقتل فقط المصابين بها بل إن خطر انتشار عدواها أصبح أمرا مروعاً ، حيث أن صعوبة التنفس وسط أجواء ملوثة جعل من الشعب الهوائية قرى مختنقة تبحث عن أجواء أنقى وطقس أصفى وعقول أو وعى.
مرض حب الظهور ذلك الوباء الخطير الذي يصيب الباحثين عن ذاتهم المبهمة والمصابين بالغرور فلا تبرح أن تخطو إلا وجدتهم في كل مكان يتظاهرون بالعلم والمعرفة ويخترقون الحواجز والجدران يؤمنون بأن لديهم قدرات خاصة تمنحهم التفرد في قراءة ما بين السطور وعلى مرايا العينين.
في اعتقادهم أنهم نجوم أي حفل يتواجدون به فهم محط الاهتمام فالكثير الكثير منهم يظن أنه الوحيد الذي يُشار إليه بالبنان هم من يُشعرون من حولهم كأن الأرض تدور من أجلهم فقط فهم محورها وشروق شمس صباح كل يوم يفتح آفاق الخلود بعدها للطموح والإنجاز اللذين يمثلان صميم وعدها .. هم العطشى .. هم الجوعى .. هم فاقدو الثقة طالبو الشهرة بأي ثمن في نظراتهم معاني الحسد وفي قلوبهم أصناف الحقد وفي أفكارهم تنتشر حمى الضنك مرضى النفوس يضحكون .. يُلاطفون ..
يمزحون ..بالنفاق يسيرون وخلف الكواليس يتسولون يزجون بأنوفهم في مساحات شتى .
مثلا .. تجدهم مرة ضمن الصحفيين أو ربما الكُتاب ومرة ضمن قائمة التربويين أو ربما المدربين العظماء،ومرة أخرى بين الأدباء أو ربما الشعراء ، فهم أصحاب السيرة الذاتية الحافة بالدورات .
كل ذلك ليس من باب تعدد المواهب والقدرات بل من نافذة التقليد والبحث عن احترام الذات , الذات الإنسانية والمكانة الاجتماعية التي يصل إليها الشرفاء دون تزييف أو تمويه أو تحوير للقناعات .
ما يدعوني لكتابة مثل هذه العبارات .. كثرة الاستخفاف بالمتلقي والمتذوق والناقد رغم اختلاف الثقافات ، فالأمسيات الشعرية اختلطت فيها الفصحى مع العامة والسخيف من الألفاظ وإذا بالنثر يركض خائفا أن تصيبه الحسرة ممن يدعين أنهن مبدعات , فالاستهتار بالمحتوى أعظم من المحاولة لخلق الثقة وحصر الفقاعات.
قطر ..
العنوان البريدي : مكة المكرمة – ص. ب 30274
tsfhsa@yahoo.com