جدة – البلاد
العلاقات السعودية اليابانية تمثل إحدى أبرز ملفات الشراكات الدولية لدى المملكة في ظل حرص قيادة البلدين على تعزيز التعاون، فخلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز- حفظه الله – إلى اليابان في مارس 2017م ، شهدت هذه العلاقة مرحلة جديدة من التعاون ، وإطلاق الرؤية السعودية اليابانية.
وقبل أيام تلقى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع اتصالاً هاتفياً من دولة رئيس الوزراء الياباني السيد شينزو آبي. وجرى خلال الاتصال استعراض العلاقات السعودية اليابانية، وفرص تطوير مجالات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الصديقين وفقاً لمبادرات الرؤية السعودية اليابانية 2030.
يجمع المملكة واليابان الاهتمام المشترك بالثورة الصناعية الرابعة ، برؤية واضحة تمهد الطريق لتعاون أكبر يدعم جهود التنوع الاقتصادي للمملكة والتوسع الاستثماري لليابان في المشاريع السعودية الطموحة. وخلال زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى طوكيو تم توقيع عدد من الاتفاقيات وإطلاق الرؤية السعودية اليابانية 2030، وتم الاتفاق بين الجانبين على تحديد 43 فرصة (مشروع) تحت مظلة الرؤية ، وبدأت فرق عمل مشاريع الشراكة على تنفيذ هذه المشاريع والشركات بين الجانبين.
ومن أبرز الاتفاقيات التي تمّ التوقيع عليها خلال الزيارة التاريخية، مشروع مذكرة تعاون بين حكومتَي البلدين، حول تنفيذ الرؤية المشتركة التي ستدفع بالعلاقات الاقتصادية إلى مرحلة جديدة، تتجاوز التبادل التجاري في صادرات البترول واستيراد السيارات إلى شراكة إستراتيجية شاملة ، كما أكد الجانبان على تفعيل الاتفاقيات السابقة الموقعة ، وإطلاع قادة الحكومة اليابانية على فرص ومضامين أكثر حول “رؤية المملكة 2030″، وكيف يمكن المشاركة في تحقيق أهدافها الطموحة، بما يعود بالنفع على البلدين الصديقين، والاتفاق على إقامة منطقة اقتصادية خاصّة في المملكة لتنفيذ حزمة من المشاريع المشتركة.
و خلال الزيارة أيضا شرف خادم الحرمين الشريفين في العاصمة اليابانية طوكيو، اختتام أعمال منتدى الأعمال للرؤية السعودية اليابانية، وأكد الجانب الياباني أن الزيارة لها بالغ الأثر في تعميق الشراكة الإستراتيجية ، والتقدير الكبير للمملكة لما لها من أهمية بالغة على المستوى الدولي ، وأن حكومتي البلدين الصديقين والقطاعين الخاص فيهما سيعملان جنباً إلى جنب لما فيه تطوير وتعزيز العلاقات الوثيقة .
دعم الرؤية
أيضا خلال زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، إلى طوكيو في سبتمبر من عام 2016 م ، اتفق سموه مع دولة رئيس الوزراء الياباني السيد شينزو آبي ، على دعم الشراكة الاستراتيجية بين البلدين بإنشاء المجموعة المشتركة للرؤية السعودية اليابانية ، وقد أجرى سموه خلال زيارته للعاصمة طوكيو مباحثات مستفيضة مع رئيس الوزراء الياباني شينزو ، حول حول تعزير الشراكة الإستراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية. كما تم التوقيع على العديد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم في مجالات التعاون والتنمية بين البلدين، التي من شأنها تعميق الشراكة بين الرياض وطوكيو وتوسيع قاعدة التعاون قي إطار الرؤية السعودية التي تهدف إلى فتح قنوات الاستثمار مع جميع الدول وتنويع مصادر الدخل.
مشروعات مشتركة
وفي اطار علاقات الشراكة تستعد العاصمة اليابانية طوكيو الشهر المقبل، لعقد منتدى تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجيستية بإشراف مكتب الرؤية السعودية اليابانية، وسيتم عقد ورش عمل وندوات، وذلك لعرض الفرص الاستثمارية على الشركات اليابانية.
وتعمل الرؤية على تنمية الاستثمارات اليابانية في المملكة، وبحسب مسؤولين يابانيين يعمل المكتب على 28 مشروعاً مشتركاً في مجالات عدة منها الصناعة والإسكان وتنمية الموارد البشرية والترفيه ، والسعي لزيادة التعاون إلى 57 مشروعاً تدعم الاستثمار المشترك ، كما يبلغ عدد الشركات اليابانية في المملكة نحو 100 منشأة، ويتصدر قطاع البتروكيماويات والتعدين مجالات الاستثمار المشترك، ويوجد ثلاثة معاهد فنية يابانية في المملكة للتدريب على تشغيل المعدات الكهربائية وصيانة السيارات وتصنيع البلاستيك. وسبق وأن سلمت الهيئة العامة للاستثمار ثلاث رخص استثمارية لعدة شركات يابانية، آخرها ترخيص عبر هيئة السوق المالية السعودية في شهر فبراير الماضي للبنك الياباني SMBC وهو أحد أكبر البنوك اليابانية
منتدى الأعمال
وكانت الرياض قد شهدت العام الماضي فعاليات منتدى الأعمال السعودي الياباني الذي تنظمه الهيئة العامة للاستثمار، بحضور معالي وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد القصبي، ومعالي محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس إبراهيم العمر ومعالي وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني ، وقيادات القطاع الحكومي والاقتصادي في كلا البلدين ، وبمشاركة 60 شركة يابانية تمثل قطاعات واعدة و450 رجل أعمال من البلدين ، وبحسب الدكتور القصبي، بلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة واليابان نحو 100 مليار و163 مليون ريال في عام 2016؛ ما يؤكد قوة العلاقة الاقتصادية بين البلدين. وفي مجال الطاقة ، وطبقا لمعالي وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية خالد الفالح، فإن المملكة تحظى بموثوقية عالية في إنتاج الطاقة وتلبية احتياج اليابان منها بنحو 35-40 %، داعيًا القطاع الخاص إلى المشاركة في الاستثمار في كافة المجالات الحيوية.
وفي إطار تعزيز التفاهم المشترك بين البلدين الصديقين منحت المملكة – طبقا لـ واس – مجموعة من المنشآت اليابانية، واليابانية السعودية المشتركة خلال العام الماضي 6 تراخيص استثمارية، جاءت كلها بنسبة 100% في القطاع الخدمي برأس مال بلغ 4.5 مليار ريال.ويدعم المنتدى مسيرة علاقات السعودية واليابان المميزة التي بدأت منذ أكثر من 60 عاماً، وشهدت على مر التاريخ نقلات نوعية تمخض عنها العديد من الاتفاقيات الثنائية والزيارات المتبادلة بين قادة ومسؤولي البلدين الصديقين حتى تطورت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بإطلاق الرؤية السعودية اليابانية 2030.
وتُعد اليابان أحد أهم صناع الاقتصاد بالعالم، وكذلك الحال بالنسبة لصناع القرار الياباني، الذين لم يغفلوا أبداً دور ومكانة المملكة كرقم مهم وقوي قادر على صناعة الفارق في خارطة الاقتصاد العالمي، وهو ما أسفر عن زيادة عدد المنشآت اليابانية المستثمرة في المملكة خلال شهر أكتوبر 2017 إلى 96 منشأة برأس مال تخطى حاجز الـ 53 مليار ريال.
الاستثمارات اليابانية بالمملكة
ووفقًا لإحصاءات الاستثمارات اليابانية بالمملكة فإن ما يقارب الـ 96 % من الاستثمارات اليابانية تتركز في القطاع الصناعي، وكان أغلب هذه النسبة في قطاع صناعات البتروكيماويات، فيما يتجاوز عدد السعوديين العاملين في الشركات اليابانية المتواجدة في المملكة لـ6536 عاملًا بنسبة 48 % من إجمالي عدد الموظفين في الشركات اليابانية العاملة بالمملكة.
وتؤكد الأرقام السابقة أن المملكة تأتي ضمن أهم عشر شركاء تجاريين لطوكيو، فيما تأتي اليابان كثالث أكبر شريك تجاري للمملكة، فضلًا عن وجود العديد من المشروعات المشتركة بين البلدين، كما تحتل المملكة المرتبة الأولى في تزويد اليابان بالنفط الخام ومشتقاته الذي يصل تقريبًا إلى أكثر من ثلث إجمالي وارداتها منه.
وكانت الرياض قد احتضنت قبل عامين فعاليات الأسبوع الثقافي الياباني الذي نظمته وزارة الإعلام على مدى يومين، بمركز الملك فهد الثقافي بالرياض، وسط حضور كبير من الزوار، وتضمنت الفعاليات إقامة عروض لرياضة الدفاع عن النفس اليابانية، كما عرض فيلم ياباني بعنوان “بعد الزهور” والعديد من الفعاليات.