لو كانت نسبة تطبيق نظام الجودة في أية مؤسسة أو هيئة أو شركة أو أية جهة أخرى ستين بالمائة فقط ، فهذا يعني أن أربعين بالمائة من الخدمات التي يجب أن تقدم للمستفيدين ستهمل وتعطل من قبل الموظفين عديمي الضمير وقليلي الخبرة والكفاءات ، وسيكون ذلك مصدراً لإزعاج العملاء وسخط المستهلكين ، وسبباً في تعثر المنشأة وخروجها عن المنافسة، ومن ثم استحالة وصولها إلى الهدف المنشود من التقدم والنمو.
جميل أن نطبق معايير الجودة في كل شيء نعتزم القيام به ، والأجمل أن نعيش جودة الحياة (QOL) بكل فروعها وتفرعاتها ، من صحة جيدة وبيئة نظيفة وثقافة واسعة ودرجة علمية رفيعة ، ودخل مالي كافي وراحة نفسية ، وعلاقات اجتماعية متينة .
يقول المولى عز وجل ، «هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون « ، لقد رفع الله من شأن الانسان وأعزه بالعقل والادراك ليستزيد من العلوم والمعارف ويعمر الأرض التي استخلفه فيها ، فبالعلم يعيش جودة الحياة ، وتتنوع خياراته ويكثر عطاؤه ،وبالثقافة العالية يتحصن بالتغذية الراجعة الصحيحة ، ويصبح أكثر قدرة على التكيف مع متغيرات الحياة وأكثر وعياً على دحض ما يعتريه من كذب وأوهام . إن أكثر ما يعدل مزاج الانسان ويزيد من نشاطه وحيويته هو السكن وسط طبيعة غناء حيث البيئة النظيفة والهواء العليل والمناخ المعتدل والزهور الفاتنة والروائح الزكية .وإن منتهى السعادة عند الانسان هو حين يتمتع ببنية قوية ولياقة بدنية ، فالصحة التامة هي تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى ، فكم من غني لديه المال الوفير، ولكنه معتل الصحة ضعيف الحركة ، يتمنى بكل جوارحه لو تذهب ثروته وتعود عافيته ، ليصبح كالآخرين يقدر على الأكل والشرب والمشي السليم . وقد تتحقق جودة الحياة أيضاً عندما يشعر الانسان بالرضا عن نفسه ويتصالح معها ، فهذه الموازنة تلعب دوراً هاماً في هدوءه واستقراره وتحفزه على مواجهة التحديات وتذليل الصعاب ..
لا يمكننا قطف ثمار جودة الحياة إلا من خلال وطن آمن وفي حضن أسرة وادعة وبين أصدقاء أوفياء وفي قلب مجتمع أنيق . وستبقى الجودة مزهرة يانعة ، ما دمنا نبحث عن الجمال ونتطلع إلى الكمال ، وما دمنا نرفض الفساد ، ولا نقبل بأنصاف الحلول ، وما دمنا مستمرين في تطوير ذواتنا وتحسين بيئتنا ، وما دمنا مصرين على التعايش مع الآخر بكل ما فيه وصادقين في إنجاحه رغم كل ما يعانيه.
يقول الشاعر عنترة بن شداد :
لا يحْمِلُ الحِقْدَ مَنْ تَعْلُو بِهِ الرُّتَبُ
ولا ينالُ العلى من طبعهُ الغضبُ
هكذا نستمر على نهج البناء والعطاء كما تربينا في أحيائنا القديمة …
مراقبة الجودة والأداء وحسن التعاون …
تسلمي دكتورة على انارتكم الطيبة …
بكم ومعكم ننشد الرقي والاستقرار وبناء الانسان .