ملامح صبح

أحيانا الصمت أبلغ

حنان العوفي

كل كلمات المواساة التي تُقال لمن يتألم ما هي إلا بروتوكول اجتماعي اعتادوا عليه ، إرث أُجبرنا على حمله ، ماذا تفعل كلمات العزاء ، هل تخفف من وطأة الألم أو تنسي الحزن ؟! هي بمثابة الحِمْل الثقيل الذي تُجبر الآخر على أن يحمله عنك ويرد عليك بنفس النبرة كي لا يعود خالي الوفاض ، لماذا لا نحترم الصمت الذي يكون مناسبا لمن يتألم ؟ بل لماذا لا تتركوا الحزين يصرخ ألما أو يسكت على أقل تقدير ، لماذا يطالبه الناس بأن يتوقف عن البكاء ؟ غيروا معنى الصبر وجعلوه مُجِردا لك من إنسانيتك ، إذ لا بد ألا تعبر عن حزنك بالطريقة التي تناسب شخصيتك ، أنت يلزمك أن تقول ما يقال في المواقف المشابهة ، علَّبوا كل شي وجعلوه جاهزا للاستخدام وأنت ما عليك إلا أن تفتح العلبة وتستخدم ما فيها ،

كلنا نعرف أن الله – عز وجل – أقرب إلينا من حبل الوريد ، ونعرف جيدا أنه أرحم بنا منا على أنفسنا ، وأي نعم أن الذكرى تنفع المؤمنين ، لكن ما يمارسه بعض الناس من نصح هو في الواقع ليس نصحا إنما إخراجك من الملة وجعلك لا تؤمن بما كتبه الله عليك ، ما فائدة الدموع ما دامت مُعطلة لا تمارس دورها في الحياة ، ما قيمة البكاء إن لم يكن ردة فعل للوجع ؟

من أكثر المشاهد وجعا تلك التي تحدث في مناسبات العزاء ، نعم هي مناسبات يتحلقون فيها حول الموائد ويتخيرون ما يحبون من أطعمة ويرددون كلمات باهتة ، إن الحياة مستمرة وأنها صدقة عن المتوفى ، ما أبشعهم وهم يتقلدون الحكمة وهي لا تلائمهم ، إذا مت أنا لا تقيمون لي عزاءً ولا تتبادلوا نفس العبارات ، لمن يحبني حبا حقيقيا ابكوا ثم ابكوا ثم ابكوا لأنكم لن تروني مجددا وادعوا أن يغفر لي الله، الذي أُدرك جيدا أنه سيغفر لي دون دعائكم، أنتم فقط ادعوا كي تتطمئنوا على إنسانيتكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *