في أحد المقاطع “الواتسبية”، لفت انتباهي مشهد لشاب في حفل تخرجه، وأثناء المسيرة ترك صفوف المتخرجين ليقوم بآداء عدة شقلبات هوائية على العشب الأخضر لملعب الجامعة، مما أحدث ربكة عالية في صفوف الأمن ومنظمي الحفل، وأسرعوا نحوه في محاولة يائسة لإيقافه وإرجاعه إلى صفوف المتخرجين، إلا أنه أكمل ما بدأه وبعد أن فرغ منه عاد لصفوف الطلبة وهو في قمة السعادة بعد أن قام بإصلاح هندامه ” إللي أتشعتر”.
قد لا يكون مدركاً في تلك اللحظة عن العواقب التي ستحدث له نتيجة لفعله ذاك، إلا أنه كان يملك شعورا يختلف عن البقية، ومن المؤكد أيضاً أنه لا يعلم بما أصاب اللجنة المنظمة من حالة مشابهة للجلطات القلبية، وهي تشاهد ثمار تجهيز أيام أو ربما شهور من الإعداد والتنظيم، ليظهر الحفل على المستوى الذي يرضونه ويتناسب مع مكانة الحضور وقيمة الحدث.
كل تلك الأمور لم تكن في ذهن صديقنا المنّدفع، ولم يقصد بتصرفه ذاك أن يسيء لأحد، فهي كانت ردة فعل عالية لوصوله إلى تحقيق أحد أحلامه، فما كان منه بعد أن ارتفعت نسبة هرمون السعادة في عروقه إلا أن يعبر عنها بالصورة التي ظهرت مع كل تقديره لمن هم خلف الكواليس ومجهوداتهم.
التدخل السريع الذي حدث من قبل رجال الأمن والمنظمين هو التصرف السليم جداً، لأن السعادة معديّة، مثلها مثل أي مشاعر أخرى، فلو أن الأمر ترك بدون ضبط لتحول مكان الحفل إلى سيرك قومي للاستعراض الفردي.
لا أخفيكم القول منذ اللحظة التي شاهدت فيها المقطع وأنا أحاول أن أسيطر على ذلك المشاكس الذي يسكن داخلي، وهو موجود حتماً في داخل كل واحد منّا، وكي أتجنب التأثّر به ولا أحدث أمراً يخرجني من صورة الوقار التي رسمناها جميعنا لأنفسنا بفعل المكانة الاجتماعية أو الإنسانية أو الوظيفية، وحتى لا يشار إليّ في يوم من الأيام بأنني قمت بعمل صبياني وأنا في هذا العمر.
حقيقة.. لا أعتقد أنني سأهتم كثيراً بما سأتركه من أثر يكسر جزءا من ” برستيجي الأنثوي” فعلى الأقل سيكون هناك مغامرات جميلة أسردها لأحفادي ليعلموا أن جدتهم سيدة تتنفس حيوية مثلهم حتى وهي في عقدها السابع أو الثامن، مازال ذلك الهرمون يستفزني بقوة ولا أعتقد أنني ممن يقوى على مقاومة الاستفزاز.. هل ستضيع الفرصة بدورك وتترك صفحات حياتك بلا ألوان.. ؟ الأمر يعود لك.
للتواصل على تويتر وفيس بوك
eman yahya bajunaid