الدولية

سقوط جديد للريال الإيراني .. وطهران تواصل تغلغلها في الشرق الافريقي

طهران ــ وكالات ــ القاهرة ــ محمد عمر

تراجع سعر صرف الريال الإيراني في السوق السوداء المحلية، أمام الدولار الأمريكي، لأدنى مستوى منذ 3 أشهر، تحت ضغوطات تواجهها الحكومة والبنك المركزي لتوفير النقد الأجنبي للأسواق.
ولم تنجح مساعي طهران منذ نوفمبر الماضي، في الالتفاف على العقوبات الأمريكية، لبيع النفط الخام وتوفير النقد الأجنبي الآخذ بالنضوب من الأسواق المحلية والبنوك.

وهبطت العملة الإيرانية المحلية إلى 133 ألف ريال لكل دولار واحد في السوق السوداء، وهو أدنى مستوى منذ 18 نوفمبر 2018، مقابل 49.2 ألف ريال لكل دولار في تعاملات السوق الرسمية.
ومنذ بداية العام الجاري، صعد سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الريال الإيراني بنسبة 18.7%، إذا كانت أسعار الصرف تبلغ 112 ألف ريال في مطلع يناير 2019. وتواجه طهران تحديات توفير النقد الأجنبي، الذي يعد أبرز موارده بيع النفط الخام للأسواق العالمية، إلا أن إنتاج النفط الخام الإيراني تراجع لأدنى مستوياته منذ 2015 بسبب العقوبات الأمريكية.

وكان الريال الإيراني قد سجل أسعار صرف أمام الدولار الأمريكي بلغت 42.9 ألف ريال قبل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، في مايو الماضي.
ووصل الريال إلى أدنى مستوى تاريخي له أمام الدولار الأمريكي في سبتمبر الماضي، بعد أكثر من شهر على فرض أول حزمة عقوبات في أغسطس 2018، إذ بلغ سعر الدولار الواحد 193 ألف ريال.

هذا فيما لم يمنع التركيز القوي على سوريا إيران من زيادة سعيها إلى توسيع تأثيرها في القارة الإفريقي، اذ تنفق طهران المليارات في شكل خدمات اجتماعية مجانية عبر شبكة واسعة من المستشفيات ودور رعاية الأيتام، زيادة على إدارة أكثر من 100 مدرسة دينية وندوات ومؤتمرات، إلى جانب الرشى والعطايا التي تقدم تحت مسمى “مساعدات مالية” للحكومات.

وتتضمن لائحة أهداف إيران في سياستها الخارجية الموجهة لإفريقيا تصدير إيديولوجيتها للمجتمع المسلم الممتد في القارة، فسح المجال لتنفيذ عمليات إرهابية، إرسال الأسلحة للشرق الأوسط، النفاذ إلى اليورانيوم الخام، تجاوز العقوبات الدولية وشراء الأسلحة ومستلزمات البرنامج النووي.

بدوره نبه الباحث المتخصص فى الشأن الأفريقى مجدى الشيمى إلى أن إيران لديها مساع كبيرة لفتح قنوات اتصال وايجاد علاقات بدول شرق إفريقيا، وبخاصة الدول الموجودة في القرن الإفريقي على طول ساحل البحر الأحمر .

وأضاف الشيمى فى تصريح خاص ” للبلاد ” أن ايران تنظر لشرق إفريقيا بوصفها تربة خصبة لنشاطاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية، معتبرا شـرق إفريقيا جزء من الإستراتيجية التخريبية الشاملة لإيران الذي يخضع لسيطرة قوى رئيسة ونفوذها في الشرق الأوسط ، وأشار الشيمى لاستخدام قطر للمجال الجوي في الصومال في ظل المقاطعة الخليجية لها.

وأشار الشيمى أنه يعتبر الأدوات المهمة لإيران لتحقيق التأثير السياسي هو توسيع العلاقات الاقتصادية ودبلوماسية النفط، حيث تحاول إيران صنع علاقات اقتصادية بشرق إفريقيا (وإفريقيا عموماً)، وتعرض مشاريع متنوعة في مجالي الزراعة والطاقة؛ وبناء السدود والطرق والإسكان .

واعتبر أن البحر عنصر مهم في سياسـة إيران؛ فمن ناحـية المدخل الجنوبي للبحـر الأحمر – المهم من الناحية الاستراتيجية لإيران – تسعى لتقوية علاقاتها البحرية باليمن، ففي يونيو 2009م عقدت اتفاقية تسمح للأساطيل الإيرانية أن ترسو في ميناء عدن كجزء من مهمة إيران في محاربة القراصنة الصوماليين، ومن المتوقع أن تنضم للبوارج الحربية السـت الإيرانية المستقرة في المياه الصومالية لحماية السفن التجارية الإيرانية.

وأشار ” الشيمى ” أن ايران تجتهد في تقوية علاقاتها بالدول الإفريقية التي تطل على البحر الأحمر، من بينها السودان وإريتريا وجيبوتي لتعينها على تأسيس وجود بحري فعَّال، مضيفا أنه لم يعد سراً في أن ثمة دولًا تسعى للعب دور إقليمي في المنطقة، وكل منها تستند على عوامل عدة ويأتي في مقدمتها تركيا، إيران وإسرائيل.

معتبرا أن أن الهدف من القيام بهذا الدور وفق رؤية تلك الدول هو تحقيق حيز اكبر من النفوذ الاقليمي ومزيد من التأثير والمكانة الدولية لدعم مصالحها.

ونوه أن الوضع الإقليمي يتسم بدرجة كبيرة من السيولة السياسية والفكرية والثقافية، ولذلك لم تعد التحالفات العربية التقليدية ذات جدوى لاسيما في صعود إيراني مقلق، ما يعني ضرورة اتفاق العرب في ما بينهم على حزمة المصالح ونوعية التهديدات .

ودعا الشيمى لمراقبة الحضور الإيراني في أفريقيا لتفهم البعد الاستراتيجي للسياسة الإيرانية التي تهدف بالطبع الى كسب تأييد الدول الأفريقية لمواقفها السياسية، خاصة وقد شهدت العلاقات الإيرانية – الأفريقية نمواً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة ما يعني امتلاكها لأدوات تمكنها من المساومة فى مواجهة الضغوط الدولية، مقابل تراجع واضح للدور السياسي العربي في أفريقيا، وهو ما كشف عن خلل استراتيجي بدا ملموساً على الأصعدة السياسية والاقتصادية والدينية اي ضعف الحضور السني مقابل الشيعي، بل إن طهران باتت تستفيد من ممارسات وسلوكيات الجماعات المتشددة في مصر ومالي ونيجيريا والمرفوضة شعبياً من اجل تسويق الفكر الشيعي.

ودلل الشيمى على اهتمام الإيرانيين ايضاً استضافتهم لمنتدى التقارب الفكرى بين إيران وأفريقيا في طهران، بمشاركة ممثلين لأكثر من 30 دولة أفريقية من بينهم رؤساء دول ووزراء خارجية وغيرهم من النخب الأكاديمية والاقتصادية والعلمية لتدعيم التعاون ما بين الطرفين.

وعلي الرغم من الوجود الايراني في شرق افريقيا الا انه مازالت بعض الدول الافريقية تنظر اليها بوصفها عدواً لها كما في الحالة الجامبية عندما قطع الرئيس الجامبي العلاقات الدبلوماسية مع ايران بسبب تصرفات ادارة المراسم في اثناء زيارة الرئيس الجامبي لطهران، وهذه القطيعة السريعة جعلت بعض الدول الافريقية تعيد النظر في علاقاتها مع ايران .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *